غياب في ضوء القمر

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 

فجر يعقوب

حين تقودين سيارتك بالقرب من شجرة نائمة

في شارع ( كليمنصو )،

ستنسين للحظة أنها معمرة وخبيثة

وتغط في كثافة مفترضة من الأسئلة والمعجزات ،

وسيخطر على بالك ، وأنت تتوقفين

عند أول إشارة مرور حمراء...

أن بائع الجرائد ( السوري ) الأسمر

الذي سيمر من أمامك ،

سيغطي على شرودك

بكلمتين ناشزتين من العيار الثقيل ،

ويمضي مترنحا نحو حلول رمادية

في اكتشاف طرق جديدة للعيش والجغرافيا.

وبين انفعالك وضوء الإشارة الخضراء

سيقف شرطي عصبي في الوسط تقريبا 

ليحرر مخالفتين مروريتين بحقك :

حزام الأمان الذي لم يكن يفرض شيئا

من جلده الميت عليك ،

وماكياج الصباح المعتدل

الذي يعطل حركة الأجرام السماوية  

وإشارات المرور الحمراء في الثامنة صباحا،

كأن غيابك لا يتوقف هناك عند تقاطع من شارعين ،

ولا يصعد سلالم حجرية إلا في الليل ليتوضأ ،

وينام تحت حراسة غير متوقعة من ضوء القمر ..!!

 

 

 

 يوم ماراثوني

 حين تخلو أيام الأسبوع

من يوم ماراثوني خاص بك :

تعيش الراهبات على فيض مقلق من الشهوات .

تخسر الأيائل عدوها في الريح ،

ويصحو سكان العمارة التي تقطنين فيها

على  رائحة الخبز المحمص وشهور بلا ساعات .

حين تخلو المدينة

 

من أثر واضح لك على الإسفلت

يفقد العدّاء  رغبته بالسباق،

 وينام مطويا على ساق واحدة

 ليخسر ( الماراثون ) عمدا،

 ويشاهد في نومه المختّل فيلما سابحا ،

 عن مواء قط متجمد في الليل

وعن ذهب محمل بأسفل العربات

لا يغادر الدير ، أو يجدد ضوءه

إلا برجفة منك تحت زهر العين ..!!

 

طيران 

وأطير في غرفتك معصوما من الخطأ

من غير أجنحة أو تقوى في سماء :

يكفي  الريش والصمغ والهذيان  ،

حتى أطير وأعلو ،وأشفّ بأثقال القط  ، 

 ليحرسك هو ويحرس همس نباتات الزينة

 من مكيدة شمس الجيران .

تكفي  رمية نرد واسعة من حرب أهلية  سابقة ،

أو عشبة خبيزة تطفو باسم الأب وروح الابن

على سطح  الشوق المتبّخر  بين الأعمدة الضخمة

حتى أطير  وأتكلّس في سقف الغرفة ،

لعّلي أخسر  وزناً في المرآة

و أظل أحوم حولك في الأجواء ..!!

 

 

بلح ماكر في سقف الغرفة

امات (الودّ ) تتكاثر في العتمة

تبقيك بلا نوم ، تبقيك بلا فرو ،

لا جدوى من نفخ الريح في بلح الغائب .

لا جدوى من تبديل مساماته أو قطع نواته

 في الحلم على ظهر حصان .

 

الأيام معلقة في صلصال السقف  

وملغاة من تمر حديقتها ،

لا أحداق  تطل علينا من الجو   

أو رابية للأهداب تخفف من هول الإثم ..

وأنا وحدي من بعد تصيّد

رطب  الأشجار وأسرار ولادتها

أمعن أو أوغل شرقا في صيد الأهوال .!

 

لم يكن هناك متخابث غيرك في المنام يا ولد :

لا تصحُ ، بل أركض في الحلم ،

 وتعرّق ، وتفرّق ..

السخط الراكض في البرية

ملح يخضع لاستجواب الموتى

وتمر يسرق من إبطيها ،

ومن تحت حزام العفّة

ليضاء سراجك في الليل ،أو في كفيها ،

حين تصحو أو حين تنام .

 

الأيام الماكرة تتشبث  في سقف الغرفة

وحين يموء القط تحت السرّة بقليل

يدمع بلح ، وتتعطل طائرة في الجو

وتتوقف شهور السنة الميلادية عن العدّ

 وتظهير الخفقان …!!

 

 

خلخال

خلخال أبيض في الريح الساكنة

يبعد شبح الحرب

عن أزهار الزينة المعلقة على الحائط ،

أو يسرق منك رأفتها ،

 أبعد مما يتصور نمر في الغابة .

 

خلخال أبيض،

الرنّة منه مؤجلة

حتى تغوصين في النوم

أو في علم الغيب ،

ويكون الحلم وقوفا إجباريا في طابور المدرسة :

الهائم، تلميذ حي فيك ،

يزيد من صلوات العشب على  الأرض ويخفّ يده

على تسابيح مطمورة في صندوق خشبي

 تتبع  شيخاً يتعطر في المرآة ..!!

 

خلخال منك

خلخال واحد

يغفر أخطاء للموتى

تتكسر في أضرحة الصيف ،

حين تكون أظافرك في ( ستاربكس )

مطلية ومقلمة بالكامل

ورنّاتك مؤجلة للعتمة ….

رنّات النمر معلقة في غيم البرية

مثل خلخال ضار في قدميك ..!!

 

 

هامش:

كليمنصو: *شارع في مدينة بيروت

ستاربكس: مقهى فى بيروت – سلسلة عالمية

القصائد من ديوان: حين تخلو صورتها من المرآة – دار كنعان للدراسات والخدمات الإعلامية

دمشق – 2012

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فجر يعقوب

روائى ومخرج سينمائى فلسطينى

ــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم