لكنه كان صديقي الجديد وقت استعداده للرحيل عن العالم، صديقي الذي أعرف الآن انه كان اكثر طيبة من أخرين كثيرين يمتلئ بهم هذا الوسط الملوث بالحبر والأوراق والشر والحب والقسوة .
لماذا أكتب عن محمد حسين بكر اليوم
لأن ثلاث سنوات مرت على رحيله ، ولأني أهتم بالكتابة لأجل صغيرته نهى بكر التي أحبها ، وأريد ان أعلمها الآن أننا نكتب لنبقى
وأن ابوها الذي غادر كان يكتب ويخطط للبقاء ، وأن عليها أن تفخر به جدا ، لأنه عاش في سنوات عمره القليله ما يخاف اخرين على خوضه في سنوات عمر كثيرة .
ليس فقط لأنه ترك كتابا أو اثنين والكثير من المخطوطات تاهت بين وعود الاصدقاء ودور النشر لنشرها … ولكن لأنه اختار أن ينتصر للحياة حتى وهو يكافح الموت ..
نهى التي جاءت للعالم لتبقى وتكبر وترث مزاجه الحاد العصبي ، وغضبه من العالم/ جاءت لترسم في عيونها الأمل والغد الذي يضئ في ضحكتها
وهي طفلة حليقة الرأس تبدو كساموراي
طفلة تتعلم الكلام والمشي والجري والغضب … نهى التي اتمت سنواتها الأربع وتغني الآن بالفرنسية بعض ما تعلمت في مدرستها
وتخبرني ان اباها في السماء ،
اكتب لأجل الأحياء ولذكرى الموت
أجل .. أكتب لأجل صديقتي الجميلة سهى زكي
تلك الفتاة التي لا أتكلم عنها ابدا خوفا من اتهامي بالمجاملة ، ولكن اليوم قليلا من الاتهامات لن يضيرني
ولو كان هناك الف سبب للكراهية ولا عذر واحد للمحبة سانتصر اليوم للمحبة ، وسأظن انكم ستصدقون
سهى إنسانة لطيفة ، أم مرتبكة لكنها تبذل كل جهدها مع صغيرتها
فتاة موهوبة جدا ، ولديها أحلام تكفي سلما طويلا نحو السماء ، تجمع حولها البؤساء والحيارى والمساكين … كيف تفعل ذلك! من اين تجيئها تلك الطاقة !
أراقبها منذ سنوات ولا أعرف
أجرب وصفا يحتويها فاجد امامي كلمة ” رحبة”
سهى فتاة لها روح رحبة تسع العالم بحزنه وضوضاءه
من يسع ألمها ووحدتها ! لا أحد
ربما الصغيرة والكتابة والمحبة !
هل يفي كل ذلك بالغرض ! هل نحتمل قسوة الحياة وتكرار تواريخ الوفاة والميلاد ، والذكريات والانتصارات والهزائم .
اجل قلوبنا تسع كل ذلك ويفيض
إلى بكر … نشتاقك ونفتقد صراعاتك وحكاياتك وحدتك وألمك
إلى نهى بكر أفرحي لأن الحياة تستحق ، إلى سهى لا شئ يداوي أوجاع العمر والروح قدر المحبة التي تفيض منك فتضئ عتمة الليل وترسم أسهما لطريق النجاة .
خاص الكتابة