محمد عكاشة
يدرك البرسيم دهاء المنجل
لهذا يتراص في خطوط
كي يتصدى للمنجل بتوهج الخضار
ربما ينغلق قوس المنجل خوفا على نفسه كدائرة
أو يفر كعجلة من يد فلاح ثائر
رغم علم البرسيم أن المنجل تلوى في نار الكير
والتهم التنور حديده في يوم شتوي غائم
رغم معرفته بضربات البرق لينثني
ربما يطيره بستاني حالم في السماء كنصف قمر
يضيء الليل بالأحمر الناري
فيتلألأ الأخضر البرونزي مع ألوان البرتقال في الحقول
فتتراقص أعواد البرسيم من فرط نشوتها
أو يلتهم بأسنانه أسراب الجراد المهاجر
فيدفع عن الأخضر المسالم رمال الصحراء المتحركة
حتى يغني العابرون للحقول موالاً للبدر
حتى ينقر الطير أزهاره البيضاء
وترعى الإبل في امتداده الموغل
……
المنجل يعشق ليونة البرسيم وطراوته
ضربة واحدة بطول ذراع
تسقط جماعة كبيرة بدرجات الأخضر وقت التوهج
ضربات كفيلة بسفك الأخضر الزهري في شرايين الأرض
كي ينقر الطير ما تبقى من ألم
ويعلن الفلاحون ولاءهم للمنجل
ويرسمه الصبية كوشم على أكفهم
وتعلقه الفتيات على صدورهن
…….. .
حين تحالف البرسيم مع الماء
نثرت الأرض بذورا من نور
حين تحالف مع الشمس
نمت أجنة خضراء تبغي الحياة
وتقوست درجات الأخضر كهلال للسماء
قالت
الفراشات في الهواء
للبرسيم أوراق وقلب
قالت
الترع في الوادي
البرسيم سجادة صلاة للرب
وسيقانه مداحون في حضرة الغيب
قال
المطر وهو يساقط
للبرسيم صور تمور مور الغيم
حتى البهائم في البرية
قالت
البرسيم دماء القلب
وما المنجل إلا دائرة القدر
…….
حين ماج في يوم كان البرسيم فيه مشغولا بترتيب درجات الأخضر
كان مهموماً ببث عصارته على جسور العابرين
كان جاداً وهو يفرد الأخضر أسفل أقدام الجنود
كان شاعراً وهو يرقد أسفل أشجار الجزورين
ربما يتكاثر حول مدفع للحرب
ولم يع أن كفوف الناس تنبت مناجل متأهبة كل صباح