2012 عام الخصومات الأدبية

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

راشيل آرونس     ترجمة: أحمد فاضل

بعد أن شارف العام 2012 على نهايته كنا نظن أننا سوف نتوقف لحظة للنظر في المشاجرات والمجادلات والمناقشات وقد توقفت عنها الصفحات الأدبية اليومية في الصحف أو في المجلات، لكنها تبدو مثيرة للاهتمام ولذلك حافظت على صخبها خلال تلك السنة، بعضها قد يدعو الى اللامبالاة ما يأخذ منحنا كوميديا والآخر يخلق حالة من الشعور بالقلق، لكنها في جميعها دليل على أن العالم لا يزال يعشق المعارك الأدبية والتي يبدو أنها عامل صحي لديمومة الثقافة في كل مكان .

 

 

راشيل آرونس     ترجمة: أحمد فاضل

بعد أن شارف العام 2012 على نهايته كنا نظن أننا سوف نتوقف لحظة للنظر في المشاجرات والمجادلات والمناقشات وقد توقفت عنها الصفحات الأدبية اليومية في الصحف أو في المجلات، لكنها تبدو مثيرة للاهتمام ولذلك حافظت على صخبها خلال تلك السنة، بعضها قد يدعو الى اللامبالاة ما يأخذ منحنا كوميديا والآخر يخلق حالة من الشعور بالقلق، لكنها في جميعها دليل على أن العالم لا يزال يعشق المعارك الأدبية والتي يبدو أنها عامل صحي لديمومة الثقافة في كل مكان .

غونتر غراس مقابل إسرائيل

في أبريل / نيسان، الحائز على جائزة نوبل المؤلف الألماني غونتر غراس أصبح شخصا غير مرغوب فيه في إسرائيل بعد نشره قصيدة بعنوان “ما يجب أن يقال”، والتي نددت بتلك الدولة بسبب تهديدها باستخدام القوة ضد إيران النووية:

 

لماذا أقول فقط الآن

شخت وقطرات صبر قليلة

إن إسرائيل القوة النووية تهدد

السلام العالمي الهش أصلا ؟

 

غراس كان قد اعترف بأنه حينما كان مراهقا خدم في جهاز “ال أس أس” النازي، وأنه كان يقصد انتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لسياساته وليس إسرائيل نفسها، ولكن بعد يومين أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي أنه يجري منع غراس من دخول البلاد، لأن قصائده تشوه الصورة التي عليها إسرائيل وهو غير مرحب به هنا.

 

جائزة بوليتزر تسقط روايات الخيال عن المشاركة فيها

بعد منحها جائزتها لديفيد فوستر والاس عن روايته “الملك الشاحب” ودنيس جونسون “أحلام قطار” اللتان اختيرتا ضمن أحسن روايات لأدب الخيال لسنواتها السابقة، تعود هذه الجائزة المرموقة لتحجبها في نيسان الماضي بعد أن ظلت تمنحها مدة خمسة وثلاثين عاما، حيث قالت الكاتبة سوزان لارسون في مقابلة لها مع أن بي آر أنها أصيبت بخيبة أمل كبيرة لقرار مجلس مسابقة بوليتزر هذا، بينما أعرب مايكل كننغهام عن خيبة أمل مماثلة وهو روائي تناول الخيال الأدبي في العديد من أعماله التي أصدرها وتوسعت دائرة الانتقادات، لأن من غير المعقول وبعد قراءة أكثر من ثلاثمائة رواية ومجموعات عديدة من القصة القصيرة يتم استبعاد هذا الجنس الأدبي المهم.

 

الفاتيكان مقابل الأخت مارغريت فارلي

المناقشات العامة حول صحة زواج مثلي الجنس من النساء هذا العام كشفت انقسامات إيديولوجية حادة خاصة داخل الكنيسة الكاثوليكية وعلى الأخص في ابريل / نيسان منه، عندما وبخ الفاتيكان أكبر مجموعة من الراهبات الكاثوليك وذلك لتعزيزهم الأفكار الراديكالية التي لا تتفق مع تعاليم الكنيسة، وقد شمل التوبيخ راهبة بارزة حازت على جائزة مهمة عام 2006 هي مارغريت فارلي عن كتابها “الحب فقط: إطار للأخلاقيات المسيحية الجنسية”، بيان الفاتيكان أكد على أن أفكار فارلي عن الشذوذ الجنسي والعادة السرية والطلاق تشكل ضررا بالغا على المؤمنين وينبغي احترام ذلك، وبعد يوم واحد على نشر هذا الخبر قفزت مبيعات الكتاب واحتل الرقم ستة عشر على قائمة الكتب الأكثر مبيعا كما نشر ذلك موقع الأمازون الشهير.

 

النقاش حول النقد السلبي

في أغسطس / آب كتب الصحفي الأمريكي يعقوب سيلفرمان مقالا تناول فيه وسائل الإعلام الاجتماعية، متهما إياها بأنها تضع بينها وبين الثقافة الأدبية جدارا عاليا حيث خلقت فائضا من أخبار المجتمع المخملي على حساب أخبار الثقافة ما يهدد الأخيرة بالانحسار، مقاله الذي ظهر في النيويورك بوك ريفيو أثار نقاشا حادا حول وظيفة النقد الإيجابي والسلبي في الثقافة الأدبية وعلاقتها بالوسائل تلك، هذه النقاشات تناولتها مجلة صالون والتايم والنيويوركر حيث وقف كتابها مع سيلفرمان بينما وقف قسم آخر منهم ضد ملاحظاته، دانيال مندلسون الكاتب الأمريكي المعروف قال ملخصا لكل هذه المناقشات:

– إن دور الناقد هو التوسط بذكاء وأناقة بين وسائل الإعلام كافة وهو مسعى يتطلب في بعض الأحيان مغامرة قد تكون غير محسوبة النتائج ، لكنها تنطلق من صدق الناقد ودراسته للسلبيات التي يعتبرها البعض تعديا وانتهاك كارثي لمشروع أكبر من النقد نفسه إذا كان الناقد يأخذ على محمل الجد التزامه بتمرير الأحكام خاصة إذا كانت مجرد إحصائيات قابلة للسلب او الإيجاب ، هنا يكمن الشعور بالمسؤولية لتلك الأحكام ودلالتها أن تفوق كل الاعتبارات الأخرى .

 

تركة فوكنر وودي آلن

عشرة كلمات لوليم فوكنر وهو أحد المجددين الكبار للرواية الحداثوية في العالم أحدثت هزة كبيرة في الوسط الفني والثقافي في أمريكا ، حيث اقتبس المخرج الأمريكي الكبير وودي آلن تلك الكلمات من رواية ” الصمت والغضب ” ليتلفظ بها الممثل أوين ويلسون في فيلم ” منتصف الليل في باريس ” ما جعل القائمون على تركة الروائي الكبير يسارعون في مقاضاة سوني بيكتشرز وهي الشركة التي تولت توزيع الفيلم إضافة الى مخرجه آلن، “إذا كان لدينا أي شك في ذلك فالماضي لايموت أبدا”، هذه هي الكلمات التي سببت كل تلك الدعوى القضائية التي عرضت أمام المحكمة الجزائية الأمريكية في ولاية مسيسبي والتي جاءت في حيثياتها : ” أن الشركة والمخرج قد استخدما جملة من رواية الروائي الراحل فوكنر والتي نشرت قبل اكثر من 60 عاما ، هي غير مصرح لهما باستعمالها ، وقد تكون قد ساهمت في نجاح الفيلم دون أي اعتبار لصاحبها ، وصار لزاما عليهما دفع ما يترتب عليهما من أضرار مادية ومعنوية وتأديبية ، إضافة إلى أتعاب المحاماة ” .

الدعوى احتوت على 6 صفحات تضمنت كذلك هجوما لاذعا على آلن الذي اتهمته باستخدامه طرقا ملتوية اتسمت بالخبث والاحتيال المتعمد بسرقة الرواية .

فيلم آلن الذي حاز على جائزة الأوسكار لأحسن سيناريو كتبه إضافة لإخراجه برؤية مستقبلية حيث ينقلنا إلى عشرينيات القرن الماضي حيث يلتقي أوين ويلسون الذي هو محور الفيلم في باريس مع عظماء الأدب العالمي الذين رحلوا عن عالمنا منذ عقود طويلة الذين كان يحلم بلقائهم ، إيرنست همنغواي ، جيرترود شتاين ، سكوت فيتزجيرالد، لكن ويلسون المحب للأدب نراه في أحد مشاهد الفيلم يقف ليتحدث أمام خطيبته التي تكاد تفارقه بسبب أحلامه التي لا تنتهي :

– إذا كان لدينا أي شك في ذلك فالماضي لا يموت أبدا .

ويستطرد ويلسون بالحديث إليها مع أنها لا تكترث بكلماته هذه وتصر على الفراق :

– هل تعرفين من قال ذلك ؟ إنه فوكنر وكان على حق فيما قاله ، ولقد التقيت به كان يحضر حفلا للعشاء .

ويبدو ان رواية فوكنر التي نشرت أصولها عام 1950 قد حققت ما قاله الروائي من أن الماضي لايموت ، فالشركة التي آلت إليها تركة المؤلف الراحل وترعى حقوقه الأدبية من نشر وتوزيع وغيرها أكدت أن آلن وبيكتشرز كان يتعين عليهما بداية الحصول على إذن مسبق باستخدام اقتباسهما ذاك لأن استخدامه مع اسم فوكنر بدون موافقة يعد مخالفة من المرجح أن يؤدي الى ارتباك وقد يتسبب في أخطاء ينتج عنها تشويه لأعماله .

وودي آلن وهو في أستراليا صرح من هناك قائلا :

– إن هذا النوع من الإجراءات القانونية تافهة وتدعو للسخرية إلى حد ما ، ولو كنا قد اقتبسنا أكثر من هذا السطر لكان حقا علينا أن ندفع لهم قسما من الأرباح ، مع أننا استخدمنا أسماء أخرى شهيرة أحببنا أن نخلدها لا أن نشوه أعمالها كما تدعي الشركة الراعية لآثار فوكنر .

فيلم ” منتصف الليل في باريس ” لوودي آلن حقق أعلى الإيرادات وقت عرضه مسجلا في شباك التذاكر أكثر من 151 مليون دولار في أنحاء العالم وفقا لمجلة فانيتي فير مع أن تكلفته الإنتاجية بلغت 17 مليون دولار فقط .

 

سلمان رشدي ومو يان ، اشتباك لفظي عنيف

آخر المعارك التي شهدها عام 2012 هو الاشتباك اللفظي العنيف بين الكاتب الهندي البريطاني سلمان رشدي والكاتب الصيني مو يان الحائز على جائزة نوبل للأدب مؤخرا ، حيث كتب رشدي رسالة الى صحيفة الغارديان اللندنية يطلب فيها توضيح موقف مو يان من امتناعه التوقيع على عريضة تقدم بها الأدباء في الصين للإفراج عن المنشق الصيني ليو شيا بو الحاصل على نوبل السلام ، واصفا مو ” بالغبي و ” الساذج ” فما كان من مو يان أن رد له الصاع صاعين واصفا ما كتب رشدي بأنه تدخل في شؤون الغير وقال أيضا :

– الرجاء مساعدة نفسك وحدك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن مجلة نيويوركر الأمريكية

31 ديسمبر 2012

ــــــــــــــــــــــــــ

أحمد فاضل

ناقد ومترجم – العراق

ــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار