سَفّانة إراوي
سَئم الأمانيَ فاسْتراحْ
وأوى لِطَيْفٍ ثمّ باحْ:
“لقدِ ارتويتْ..
لمّا يعُدْ لي من هَناءْ
غيرَ الرّكونِ والاختلاءْ
بابٌ يُغلَّقُ عن صَخَبْ
ومكتبةٌ تُحدّثني
وتَحضِنُ الأنّاتِ من وقع الخُطَبْ،
والنّافِذهْ؛
صُبحاً تشعُّ بها الشُّموسْ
وتُناجِ(ي) ألحانُ اليمامِ بها النُّفوسْ..
أشرئِبُّ إلى الأعالي كَيْ أرى وَجَعَ الغَمامْ
وأُحبَّ صُلحا قائماً
ليُحرّرَ القطراتِ من سِجن الهيامْ
وأرى السماءَ سعيدةً
ثُمّ البياضَ قد احتوى تلكَ السُّحبْ…
هَبْ هذه الأحداثَ همّاً مستجدّاً أو عَزاءْ
هَبْني اهتديْتُ إلى الطبيعةِ
باحِثا يطوي النّظرْ
هَبْني جلستُ مفكّراً
متأمِّلاً
ومؤمِّلاً جبرَ الهمومِ وذا الضّجرْ
أوليسَ من شيءٍ أهمَّ من الفُضولْ؟
لا أرتجي خبراً هنا،
لا شأنَ عادَ يهُمُّني
لقدِ اكتفَيتْ!”
*****
لم يحتمِلْ طَيْفُ الصّداقةِ بَوْحَهُ
ومضى يَفُلُّ الوصلَ يأنَفُ من لُقاهْ
أين النّضالُ بذي الحياهْ؟
أين العزائمُ تستعِرْ
وصدى الحَناجرِ مُنفعِلْ؟
أين الحَراكُ بغير ذي السُّبلِ الأسيرةِ للخمولْ؟
هاذي العدالةُ تضطرِبْ
نيران ظُلمٍ تلتَهِبْ
ونسيجُ وهمٍ يُشترى بهوى العَبثْ!
من أينَ للمِقدام رعْياً للذُّبولْ؟
عابثٌ هذا الصّديقُ بدون شكٍّ أو كسولْ!
******
لا زال عزمُ الطّيفِ أكبرَ من نوايا حُزنِهِ
عن ذا الفِراقْ
لا زال يعمَلُ جاهِداً
حتّى يَفي بوُعودِهِ
ويرى الفريقَ وأنسَهُ بالوعيِ
يُسنِدُه الصّمودْ
ويعانقوا الحُلمَ المؤمّلَ بانعِتاقْ..
لا زال يسخطُ عن خمولِ صديقِهِ
ويُجادِلُ البوحَ القديمَ بِضيقِهِ
ثمّ التّناسي بالنّشاطِ وبالرّفاقْ..
هيهات للحُلُم الجماعِيِّ انتصاراً للرُّكودْ!
******
ذاتَ يومً شاعرِيٍّ من ظلامْ
دُقّ بابُ صديقِنا المحمِيِّ في عزّ الصّباحْ
لم يكن في الباب إلّا طيفُنا
يُمَصْمِصُ الشّفتَينِ مكسوراً ويبحثُ عن سلامْ
– ماذا تُريدْ؟
– “أن نشرئِبَّ إلى الأعالي كيْ نرى وجَعَ الغَمامْ
أن أهتدي حيثُ اهتديتْ
أن أرتوي من نبعِ خَلوتِكَ الأثيرَةِ كي أُفكّرَ في هُدوءْ
كَيْما أعودَ إلى الكِتابْ
وأفهمَ الزّمَنَ المُموِّهَ للحقيقةِ والغيابْ…
لا أرتجي رأياً هُنا
لا شأنَ من تلك الشّؤون يهُمّني
لقدِ اكتفَيْتْ!”
……………
*شاعرة من المغرب