وشىء عن الصداقة

محمد الفخراني: روايتي القادمة سأنتهي منها في يونيو
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فقدْتُ اثنَين من أعزّ أصدقائى، أحدهما كان يكبرنى بخمس وعشرين عامًا، هو "أحمد" ابن عمى، والثانى عرفته فى الشهور الأخيرة من حياته، هو "محمد ربيع"، مؤلف رواية "عموم الليالى التى"، وغيرها، يعرفه جيلنا من الكُتَّاب، أعرف أنى استبقَيْتُ معى جزءًا من روح "أحمد"، ورأيت روح "محمد" الشفافة، الطليقة، منذ اللحظات الأولى، وأحببتها، أبتسم كلما تذكرْتُ أيًا منهما، ابتسامة الفقد والحب.

 لظروف موته بالمستشفى، حدث أن قضَيْتُ مع "أحمد" ساعتين تقريبًا وهو ميت، كنا بمفردنا، أقرأ له صلوات، وأنظر له بين لحظة وأخرى وأنتظر أن يرفع غطائه عنه وينهض ليقول: "انتوا صدَّقتوا إنى مُت؟ أنا لسَّه عايش يا ولاد ال...."، لكنه لم يفعل.

أتذكر صديقَىّ من وقت لآخر دون تعمُّد، فى موقف عابر، أثناء تواجدى أو مرورى بمكان ما، خلال حوار مع أصدقاء مُشتَرَكِين، أو دون سبب، فقط هكذا، جميعنا يعرف تلك اللحظات، وأشعر أنى بخير لأنى لم أُضيِّعهما، أعرف أنى لو ضيَّعتهما فأنا بهذا أخذلهما، وأخذل نفسى.

غياب “أحمد الفخرانى” و”محمد ربيع” خسارة إنسانية كبيرة لى، كنت أحب أن يستمر وجودهما فى هذا العالم، أحببتُ أن يستمر وجودهما فى حياتى.

لا يحتاج الأمر الكثير من الوقت أو المقابلات حتى تعرف أن هذا الشخص سيكون صديقك، بالنسبة لى، ليس الأمر مثلما يقول المَثَل الشائع أو الحكمة الشعبية عن معرفة الشخص بطول “العِشْرة”:  “تعرف فلان؟ آه، عاشرته؟ لأ، تبقى متعرفوش”، هذه الحكمة ليست خاطئة بالمناسبة، لكن، لى أساليب أخرى، وأعتقد أن كلاً منّا لديه هذا الإحساس الشخصى، ربما لا تتشكَّل هذه الجملة لدى الواحد مِنّا، جملة: “أحببتُ أن يستمر وجوده فى حياتى”، إلا بعد أن نفقد بطريقة ما إنسانًا يُمثِّل شيئًا فى حياتنا، الكثير من الكلمات والأفكار والمشاعر لا تتشكّل إلا بالتجربة.

يمكنك أن تتعامل مع العالم كله، وجميع الناس، بمودَّة ومحبة، ويكون التزامك الشخصى هو ألا تؤذى أحدًا، وألا تمنح العالم إلا ما هو طيِّب، فى الوقت نفسه لديك داخل قلبك تلك الدوائر التى تضم أشخاصًا تختارهم، وتظل تلك الدوائر تصغر حتى تكون هناك دائرة تُخصِّصها لعدد قليل من الناس، بالنسبة لى، هناك دائرة فى قلبى عندما يدخلها أحدهم، يكون مسموح له بكل شىء، ولن يخرج منها مهما فَعَل.

وفى جملة واحدة: “هانى عبد المريد”، الصديق، فى مكان عزيز جدًا بقلبى، وأحب وجوده فى هذا العالم. 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم