العالم يبدو في أحيان كتيرة على عداء شخصي معاك، هدفه الأسمى تحطيمك وسلب روحك وتغريبك عن ذاتك. متخافش، مش لوحدك اللي بيحصل معاه كده، وطالما “إنتوا كتير” يبقى ح تلاقي حد زيك، بيقاوم، وممكن تمسك إيده، وتقفوا في وجه موجات التغريب والهزيمة سوا.
المعركة كبيرة، وإنت وافقت على إنك تخوضها من الأول. وقفت في وش قوى الشر العاتية المتمثلة في مدافع وبنادق وخطوط من الأسود الجاهز لمحاربتك بضراوة عند أقل تكّة صباع تصدرها. مخفتش، أو خفت، متفرقش، اللي يفرق إنك في النهاية عرفت تهرب، وإنك قاعد لوحدك دلوأتي، والمشاعر خانقاك، ومش قادر تعمل حاجة زي ما كنت بتعملها زمان. شغلك بقيت بطيء فيه، وملكش نِفس لا لأكل ولا لشرب، والصحاب بقوا مملين، والكلام معاد، والطرق مسدودة، والحلول مستحيلة.
متزعلش…
في الأوقات اللي زي دي حاول تنام كويس وتاكل كويس، حافظ على صحتك الجسمانية على الأقل. استنى الزمن المسفلت يعدّي، ملوش طعم ولا لون إلا المرار والرمادي. بتخاف من كل حاجة، معلش، بتحصل، بتتخض عند أقل لمسة، متزعلش، ح تتعوّد. الأوقات دي بتخلص، زي كل أزمة، استناها تخلص. لو كان عندك لسه إيمان بأي قوى عُليا، حاول تتمسك بيه، وتخاطب تلك القوى العليا، طالبًا السلامة والسكينة. لو مكانش، متضايقش من نفسك، لأن ده العادي يحصل بعد الأزمات الكبيرة اللي زي دي.
صالح نفسك، طبطب عليها. قد يبدو التعبير مستهلكًا، بس صدقني، لما يكون مقدامناش حاجة نعملها ولا حرب نخوضها عشان ناخد بتارنا وتار حبايبنا، بنوجّه سخطنا على نفسنا: ليه ما احناش أسرع، أذكى، أوسع حيلة، أغنى، أسرع تفكيرًا… نفسك هي رفيقتك الأبدية إلى أن يفرّق الموت بينكما ولا فرار، لازم تصالحها، تقبلها على علاّتنا، امسك كل عيب من عيوبها وامسح عليه برفق واركنه على جنب. متزعلش منه، متزعلش منها، حاول تفهمها.
إحنا نتاج ماضينا بحلوه ومرّه، وغالبًا اتأذينا وإحنا صغيرين. صحيح، الضربة اللي متموتكش تقويك، بس الأصح برضه إنها بتضعفني وأنا مش واخد بالي. صالح ماضيك، تصالح مع شخوصه وسامحهم، افتح كل جروحك ونضفها كويس وعيّط زي ما تحب، المهم تقف على رجليك تاني، وإنت أفضل..
أهم حاجة في ده كله متضغطش على نفسك إنك تخرج من مرحلة الهزيمة المريرة اللي إنت حاسس بيها، وليها طعم في حلقك. بالراحة، بخطوات أبطأ، بابتسامات باهتة يمكن، تعامل مع نفسك والموجودات برفق، احتفي باللحظة اللي إنت عايشها لأنك عايشها، حاول تحتضن رفاق الدرب وأهلك، وتمتنّ لوجودهم. الامتنان، يا صديقي، الامتنان أول خطوة على طريق الشفاء.
متزعلش، وربنا كبير..