هدوء القتلة .. رواية تتحدى كل الأعراف

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 42
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

رحاب إبراهيم

مفتاح الرواية بالنسبة لي " أي عضو في جسدك يمكنه ان يتدخل لفض مشاجرة بين يديك "؟

نعم , هناك إرادتان متكافئتان .. متساويتان في القوة ومتنافرتان بامتياز , لكنهما ليستا بالضرورة ضدان .

احيانا إحداهما تكمل عمل الأخرى ,فهما ليستا بالضرورة الخير والشر..التدمير والإبداع ..

ربما هما قسوة الحياة والرغبة المصرة على تحديها وترك بصمة ذاتية – أو ندبة – عليها ..رد بسيط وواضح ومنطقي في التعامل مع حياة لا تطلع المرء على جانب من وجهه إلا لتترك فيه ندة كما يقول .. أو مثل القول المشهور ” محدش بياكلها بالساهل ” 🙂 أيضا لا أحد يعرف حقيقة نفسه بالساهل

خاصة في مدينة مثل القاهرة , تلك المدينة المحتشدة..” لم يعرف القاهرة من لم يطل عليها من شرفة تصلح لسقوطه”

المرأة

إذا كنا نمتلك قدرا من الخبث سنقول بنفس راضية إن الكاتب عدو للمرأة , فهي في كل الأحوال مومس أو خائنة , بداية من سلمى حبيبة الراوي التي أرادت أن تحتفظ بالزوج والعشيق يتنافسان عليها فنسيت نفسها وسطهما ليموت رأسها عقلها برصاصة الزوج , ويموت قلبهامشاعرها بطعنة العشيق

– لاحظ المهارة في اختيار سلاح كل منهما فالرصاصة تطلق من على البعد أما الطعنة فتأتي من قرب شديد-

ونهاية بالجارة العجوز التي صعب عليه فيما يدو أن تكون مخلصة كاملة فجعل إخلاصها لحيبها الضابط طوال هذه السنوات هو في الوقت نفسه خديعة لزوجها الذي تنام معه بإخلاص مغمضة عينيها على رجل آخر.

ومرورا ببائعة الورد  المحجبة التي يتوقع أنها ما إن ترى عينيه حتى تستلقي على المكتب رافعة ساقيها, والفتيات البائعات في المحلات ” مومسات القاهرة الخجلات ” – المحجبات أيضا- !هذه فتاة يضاجعها صاحب المحل في المساء , يغلق الباب وينام معها بين أرجل المانيكانات

وهناء التي توزع شفتيها بالعدل بين كل زملاء العمل وتحتفظ بصورة لنفسها بالحجاب الذي فكته هو والشعر منذ تخرجت  مكتفيةبعملها وشفتيها

إذا وسعنا دائرة النظر قليلا ربما نستطيع رصد الموضوع بشكل مختلف , فالمرأة في الموروث الأدبي هي الوطن, الأمان ..هذا الوطن يراه الكاتب خائنا ومزدوجا ومتناقضا , بهذه الرؤية نستطيع نزع صفة عدو المرأة عن طارق إمام ولو إلى حين ,إلا إذا أراد أن يثبت لنا العكس

أساطير الحياة اليومية

نسج الكاتب عديدا من أساطيره ببراعة داخل الرواية , كل منها تصلح حكاية خيالية وفي الوقت نفسه هي حكاية شديدة الواقعية

– بائعة اللبن ذات الثلاثة عشرة عاما التي تتعرض للاغتصاب ثم القتل ” في فمها رائحة حلوى رخيصة بمذاق الموز , لاتزال شفتاها محاطتين بأثرها الصمغي اللاصق – وصف حقيقي بارع

– قسم الشرطة وصيحات التعذيب ..الطيور التي تغطي السماء وتموت وتسقط على الأرض هل هي الضمائر الميتة مثلا؟

فكرة أن الضابط هو علبة مليئة بالطيور التي تؤرقه ولا تسمح له براحة البال

– الرجال على الكراسي المتحركة ينتظرون سقوط شخص لم تسعفه قوته لينجو من مقدمة سيارة مسرعة,لا ينتظرون موته بل عودته محمولا إلى بيته لينضم لهم في اليوم التالي

بالتأكيد قابلت أحدا منهم .. أو بالأصح الكثيرين ممن هم موجوعون بنقصهم حاقدون على من يملك شيئا يفتقدونه .. إنهم بالفعل يبدون حقيقيين لدرجة مزعجة”

– الضاحيةرقعة الشطرنج ..هذا ما تريده منا الحكومة بالضبط..نسخا متشابهة مهذبة متساوية القامة

– ولكن المانيكانات ينزعون ملابسهم , يواجهون العالم بحقيقتهم ليصدمونه بعريهم مبتسمين بوجوه مرفوعة لأعلى..لن تصمد الحقيقة في الشارع لوقت طويل, ستحاصرها الشرطة ولكن يبقى أمل ما في أحد المانيكانات الذي ظل هاربا وفشل الجميع في العثور عليه

إنها رواية تتحدى كل شيء..تتحدى القارئ لأنها تترك له فك رموزها, وتتحدى العالم بقسوته وازدواجيته ووقاحته بأن تستغل مفرداته وتطوعها داخل نسيج أساطيرها هي.

 

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم