عن افتتاحيات روايات وحيد الطويلة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 82
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد صفوت

في روايته البديعة “باب الليل” يبدأ الطويلة روايته بهذه الجملة المحورية والتي تتردد كإيقاع لحني داخل صفحات الرواية، كأنها المذهب المـُحرك لكل الكوبليهات والمتحكم في إيقاع الرواية “كل شىء يـحدث في الحمام”

هذه الجملة هي الوحدة السردية الصغرى(ذرة السرد) التي سينفجر منها كل شىء ،لتنفجر القضايا الكبرى والشائكة التي تعالجها الرواية مع إيروتيكية شفيفة ناعمة وساحرة وغير مبتذلة

كل شىء يـحدث في الحمام

“باب المقهى بالطبع “

تتحرك البنات صوبه، واحدة واحدة، أو اثنتين اثنتين، في الغالب اثنتين، خلفهن بمسافة معقولة رجل أو اثنان يلجون بابه بدفعة ناعمة لا تـُحدث صريرا

باب لزج متواطئ، يتحرك سريعاً، ثم يرتد بطيئاً كأنه يشارك بدوره في المكيدة، يتلقاهم حوض من المرمر الأبيض تحت أضواء كامدة تعلوه مرآة عريضة، تعكس بابين متجاورين، واحد للنساء وواحد للرجال بالطبع، باب الرجال في الغالب غير مقفل، موارب فحسب، ينظر عبره الواحد إلى الواحدة، يرقبها، يترقبها حين تهم بالخروج، يراها في المرآة المتواطئة أيضاً، في الواقع يرمي أذنه من قبل، يتسمع تكته بعد أن أقفلت الواحدة تكته”

وفي  روايته التالية “حذاء فليني ” يمكن النظر إلى العنوان كمدخل أو مفتاح للنص، والعلاقة بين العنوان ونص المتن، علاقة متحركة باطراد؛ حيث “تتقاطع وتتعامد عناوين مشاهد الرواية مع عناوين سيرة المخرج الإيطالي فيلليني”

بدأت اللقطة الأول بمشهد ما كان فليني ليحبه

-هذا ما حدث بالضبط ، نظرنا جميعا دفعة واحدة إلى اليسار ،التوت رقابنا بحدة،بحركة واحدة ،وبقيت على هذا الوضع “

البداية بها توجس وترقب لأنها تفتح الباب لدخول ” الهر، عضو الحزب الحاكم” يمكنك أن تستعير عين شيطان لكنك لن تراه ،لكن يمكنك ـ أن تحس بثقي ظل ه ورائحته، والحضور كأنهم “جنود جدد في معسكر تطوقه أسلاك شائكة وسط الصحراء”، ومطاع  بطل الرواية مع غيره لا يعرف لماذا هو موجود أصلاً ولا سبب دعوته في هذا المؤتمر لأعضاء الحزب الحاكم ، هو مجرد معالج نفسي  لا علاقة له بألعاب السياسة، ليُجر مطاع إلى السجن على ذنب لا يعرفه وجرم لا يتذكر ارتكابه، مطاع الذي يصير مطيعاً، وبعد كل هذا يجد نفسه معالجاً لجلاده،

وفي روايته الأحدث “جنازة جديدة لعماد حمدي” يأخذ الطويلة يدك مباشرة إلى قلب الحدث، حيث  فجنون بطل الرواية والضابط السابق في طريقه إلى سرادق العزاء لتعزية الرجل  الذي تسبب في خروجه من المباحث، بل وخروجه على المعاش، المسجل خطر، الذي قطع علاقته بحياة وظيفية لم يحبها يومـًا، لكنه غاص  فيها.

“إلى أين أنت ذاهب؟

عشت أياما خطرة في حياتك، لكنك الآن أمام خطر من نوع جديد.

انظر إلى قدميك .

يمشي بقدمين متردتتين إلى سيارته، يقدم واحدة ويؤخر أخرى

هل يذهب؟ يعتبره مشوار جبر خواطر والسلام، أم يمسح الموضوع من رأسه تماما، يمحوه بسكين”

منذ البداية ومن خلال استخدام لغة المخاطب التي تجعل القارئ متورطًا في تفاصيل العمل وشخصياته وأحداثه، يدخل بنا وحيد الطويلة «سرادق العزاء» المقام للجنازة، وخلال ذلك الطريق الذي يبدو طويلًا وبلا نهاية يستعرض لنا بشكلٍ ذكي سيرة حياة الضابط «فجنون» وعلاقته برئيس المسجلين الخطرين «ناجح» وابنه «هوجان» وما بينهما من شخصيات ومواقف وأحداث في عالم واسع متشابك ومعقد.

مقالات من نفس القسم