كريم عبد السلام
أكتب فلسطين لأنى لست قاتلاً أو شاهدَ زور
أكتب فلسطين لأمنحَ صوتىَ وجودَه، لن يضيع الصوتُ الذى ينطق الكلمة ، يحولها مكاناً ويُبعد عنها شبحَ الموت
أكتب فلسطين ضد الوعى المنسحق تحت مطارق الميديا والكليشيهات الرائجة والتصورات البالية عن الإبداع
أكتب فلسطين لأختبرَ ضميرَ الشاعر الشاعر
أكتب فلسطين ليتوارى شبحُ المنفى وتغادر الطيورُ السماواتِ المستأجَرة
أكتب فلسطين فتعود المستوطنات وطناً وتضمحل الأسطورة السوداء
أكتب فلسطين فإذا الموانئ كلُّها “عكا”
أكتب فلسطين فأشم رائحة البرتقال وتعثر المفاتيحُ على البيوت المنهوبة
أكتب فلسطين فتطرد القواميسُ كلمةَ “النكبة” ويتراجع الضباعُ إلى البحر
أكتب فلسطين لأنضم إلى الشهداء فى ملكوتهم، والضحايا فى محارقهم، واللاجئين فى مخيماتهم، والمقصوفين فى عراء الإنسانية
أكتب فلسطين ولا أنظر ورائى خوفاً من القنّاصة، ولا أتلفّتُ جانبى لأتحاشى كلابَ الصيد
أكتب فلسطين لأصنع حياةً فى مكانٍ يريدونه ميتاً، بلا أصواتٍ أو نارٍ فى الليل
أكتب فلسطين لأنهضَ فى نفسى، وينهضَ معى من يرى ويسمع
أكتب فلسطين ضد الأوبئة التى احتلت العالم
أكتب فلسطين حتى يعرف الأطفالُ القتلى أنهم مازلوا موجودين، وأن حياتَهم ممتدةٌ على أرضهم
أكتب فلسطين ليدرك بحرُ “حيفا” أنّى هنا ومن أجلى يُزهر برتقالُ “يافا”
أكتب فلسطين كأنّى وحدى فى الجزيرة غيرِ المأهولة، وأصنعُ الطوفَ وأوقدُ النار وأزرع الزيتون
أكتب فلسطين وأنا موقنٌ أن الأصداء تهزم الأسلاك الشائكةَ، وتنزرع فى الأرض القديمة
أكتب فلسطين بالأحلام كلها، بيقين الأم الثكلى ” سنبقى هنا .. قلنا سنبقى”
أكتب فلسطين بعزم الصبى مقطوع الساق” سنظل، وسندافع عن أرضنا”
أكتب فلسطين وأنا الشريد المغبون الضائع المحاصَر مع حروفٍ من الجمر
أكتب فلسطين بدماء الضحايا وآهات الجرحى ونظرات الصامدين فى غابات العالم
أكتب فلسطين ضد الوحوش وفى مواجهة المجرمين
أكتب وكلمتى أضعف الإيمان
ليت لى حيواتٍ لأكتبَ وأكتب، وأصواتٍ لأرددَ دون توقفٍ، وأيدىَ كثيرةً لأحمل البنادق
اقرأ أيضاً في هذا الملف:
القمر فلسطينى (لوحات تشكيلية من عمل الشاعر)
