نصوص

ضياء الجبيلي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ضياء الجبيلي

1.

لعله بسببه
هذا النتوء البارز في أعناقنا
دونما جدوى
الذي يسمونه تفاحة آدم
تعرف السكاكين طريقها إلى النحور
وربما للسبب نفسه
لم يسمعني أحد حين ولدتُ
ولن يسمعني أحد عندما تحملني المواويل
تقودني بحة الحناجر
ويضمخني لعاب النصال
ذلك أن شيئاً ما سيظلّ يؤلمه
صوتي يا الله
مثل كسر في نايٍ
لا يجبره عزف الرعاة
ولا يواسيه حفيف القصب !

 

2.

يسمونك المضيئة
يشبهونك بالقمر مرة
ومرة أخرى بالنجوم
وأحياناً بهالة من اليراعات
أو حتى مصباح عمود للإنارة
إلا أن أحداً منهم
لم يلتصق بكِ
لم يصعقه نوركِ
كما فعل بقلبي
قلبي الضئيل مثل بعوضة
ها هو الآن
وإلى الأبد
تلتصق جثته على زجاجكِ
فليس ثمة عاقل في هذا العالم
سوى البعوض
ينتحر من أجل مصباح!

 

كان بإمكاني أن أحب بطريقة
لا يجيدها سوى الأشقياء الذين هربوا من الخدمة العسكرية
وراحوا يفتشون عن قلامات أظافر حبيباتهم في النفايات
عن الأمشاط المكسورة ولفائف الشعر والمناديل المضمخة برائحة الدموع والعطاس ودم الأنوف المصابة بالرعاف
عن الجلبة التي تحدثها أطراف أصابعهن على رمل الحواشي في رسائل الجنود
كان بإمكاني أن أفعل ذلك بمزيد من الجنون الذي غادرتهُ منذ قررت أن أصبح حارس مرمى وفشلت
لأعود بعدها لكتابة الرسائل الغرامية لعشاق لا يعرفون القراءة والكتابة
مقابل أثمان زهيدة لا تكفي لشراء السجائر
كان بإمكاني أن أحب على طريقة الكبار الذين يخوضون الحروب الطويلة من أجل امرأة
ويُقتلون في الدقائق الأخيرة
أو مثل خروف لا يعبأ كثيراً بالسكاكين
لكن النساء دائماً ما يتركن العشب أثراً خلفهن
لذلك
يسمعن ثغائي وأنا أتبع النايات
كان بإمكاني أن أحب بطريقة لن يصعب معها
تفادي عادتي الصبيانية بتهشيم اللُعب
وتمزيق صور الأخ الأكثر دلالاً
لولا أن علاقتي مع النساء
وأنا على هذا النحو
أفكر بماذا يحلم العميان
ولماذا يكلف غودو الآخرين عناء انتظاره ما دام أنه لن يأتي
عادة ما تكون متوترة
أشبه بتلك التي بين زاجلين
تشاجرا من أجل رسالة حب تائهة !

 

4.

عندما كنت صغيراً
كان أقراني يشترون بمصروفهم الحلوى
بينما كنت أنا أشتري علب الكبريت لإحراق العالم
في النهاية
هم اصبحوا بلهاء وبدينين
وأنا أحرقت نفسي !

 

5.

المرة الأخيرة
التي رُكلت فيها
كانت بذريعة إزاحة الأذى عن الطريق
وقتها
لم أشعر بالغربة
فقد كان هناك الكثير من الأخطاء الشائعة !

 

6.
أريد من يخبرني أني نجوت هذه المرة أيضاً
يغرز سبّابته في وجنتيّ
ليرى إن كنت لا أزال آدمياً
أم أحالني الانتظار إلى تمثال
يسحق جثتي بحذائه
يسمع الآه تخرج من فمي لا من سرّتي
ليتأكد أني لست دمية
أريد من يخبرني أني ما زلت حياً
وبوسعي أن أحب للمرة الألف
امرأة أفسد في الطريق إليها شراييني بالسجائر
لكي لا تشبّه دمي بالعسل
ثم تعود لتأكلني ما إن تجوع لغيري !

 

7.

كانت أمي
المرأة الوحيدة التي ظلّت تعتني بي
مثل حيوانٍ نادر تخشى عليه من الانقراض
حتى كبرت
وبدأت أعرف نساء أخريات
كلما نجوت من إحداهنّ وعدت إلى رشدي
يظن الناس أني حريق
فيرشقونني بالماء والمساحيق والبطانيات المبللة
إلا أمي
تمد يدها إلى قلبي
فهي الوحيدة التي تعرف مصدر النيران !

 

8.

لو كنتُ بائع سُكّر من هافانا
أرتدي قميصاً شاطئياً فضفاضاً ومزركشاً
وسروالاً قصيراً
وأعزف موسيقى المامبو
لأحّبتني كلوديا سامبيدرو مثل كناري
لكني جرح منسي في سباخ البصرة
ككل الذين يسكنون في هذه البقعة
وهي تبدو للرائي مثل برميل نفط عملاق
ذوّبت الشمس سحنتي
فكان كل هذا الدبس الذي ترونه
لو كنتُ تاجراً من جمهورية الصين الشعبية
أجيد الكونغ فو
ولديّ معمل صغير للهواتف المزيفة في بيتي
لأحبّتني زانغ زيي مثل تنين
لكني مزارع فقير من شبه جزيرة الفاو
ككل الذين يقطفون أوراق الحناء
يتغيّر لوني باستمرار
ليس دماً ما يخضب يديّ
إنما يبدو لكم كذلك
كلما لوّحت امرأة بيدها
أو نثرت عروس شعرها في الهواء
لو كنتُ رجلاً قهوائياً من البرازيل
أرقص السامبا كلما أحرز المنتخب الوطني كأس العالم
أسرق الفستق وأقايضه بأحذية كرة القدم
لأصبح لاعباً مشهوراً مثل بيليه
لأحبّتني لويزا مورايس مثل غابة
لكني قلب نخلة من أقصى الجنوب
بل أقصى من ذلك
ككل المطعونين وقوفاً
يصلح موتي عشاً للعصافير !

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم