نصوص لـ نور درويش

نور درويش
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

نور درويش
1.
أنا ومكنسة البيت اليدوية
لا نشعر بأي شيء تجاه بعضنا
قوامها الخشبي يأخذ
من وجهي عبوسهُ النهاري .
بوسع كل أنواع المكانس في العالم
أن يصرن امرأة من نوع واحد :
” امرأة يدوية “
سهلة الاستعمال و رخيصة .
الامر لا يستدعي أكثر من
يد واحدة و نهار ..
كذلك المكان الذي سوف
تشغله غير مُكلف
وخارج الصورة :
الفراغ الذي بين الحائط
ومكب النفايات المنزلي
الفراغ المخصص للرائحة
و الذباب ..
..
لا تسمح
للأشياء أن تحدث عن طريق الكلام
الكلام يفسد كل شيء؛
حتى مزاج السكين
لكثرته تدهورت أوضاع هذه الأرض
بالعدوى ينتشر، وبداعي التقطيع :
بين ملابسك، في أطراف بنطالك
وخلف التلفاز ..
لا يحب الشوارع في الليل
أقصى ساعات عمله ..
هي ساعات الجلوس العائلي
حين يصير اليوم أكبر من الغد بأمسين
قبل الاماكن ..
كان أول الواصلين.. و قبلك .
لذا دع الامور يأخذها الزمن المُريح في نزهة :
الذبح ..
العُطاس ..
التعذيب ..
التثاؤب ..
الموت ..
لا تفرق كثيراً إن تكلمت أو أطلقت ريحاً ..

2.
عند الفجر ليس بمقدورك أن تشعر بالملل !
تأكل برتقالة تعبيراً عن ذلك،
أثناء هذا الوقت فقط
تُصبح كل الاشياء قابلة للمضغ ..
ولو كان الماء نفسه .
المرأة التي أحرق جلدها الانتظار
تنزعه بشفرة حلاقة وهي تضحك،
بعدها بساعة ..
تتحول إلى عصفورين يأكلان بعضهما من داخل الهواء،
لا يمكن إلا أن تكون صبورًا
مع الرمق الأخير من الشخير العام ..
كم هو مريح الان أن تكون فردة حذاء
خارج أوقات العمل الرسمي ..
محصن بكل أنواع البداهة التي تمنعهم من استعمالك ..
فجأة يصبح العالم مُربعًا كبيرًا .. تتسع الشوارع للمزيد من المشردين.. تقف البيوت دقيقة دهر لأجلهم ..
البحر البعيد بالعادة عن غُرف المعيشة
يتخلى عن مِلحه لأغراض تتعلق بنوع الحديث اليومي.

3.
المدراس
لا تعلمك كيف تقود
شيئاً مستطيلاً
بعجلات معينة
غالباً ما تتدلى منه أطراف بشرية .. بدم .
تم توظيفي في مشفى عمومي
من جانب الرأس الذي يحلم بالانعاش
مثل قردة.. أدفع أسرّة بشراشف بيضاء ..
أعلمُ أن الامر لا يمكن تصديقه بسهولة ..
لكن العمل ممتع،
أنا التي تحلم
بقيادة سيارة من الداخل
أقود الآن سرير من الخارج ..
لا يهم من المُرمى عليه
وكم مرة قبل أن يموت نادى أمه
وشتم حبيبته ..
لا يهم ..
فأقدامي تطير على أصوات السعال ..
من خلف صراخ المريض و الممرات ..
أضحك .. و أحيانا أدخن ..
ولا أحد ينتبه. .

4.
لا أدري إن كان هذا يهم أحدًا منكم أو لا ..
ولكن لي أكتاف !
كأني اكتشفتها للتو !
( أكتاف … أكتاف .. كتف! )
بماذا تفيد الأكتاف بالعادة ؟
وجودها ذو النزعة الجانبية
من يستهدف بالدرجة الاساس؟
الحديث العام
الشارع العام ..
رجل الثلج !
رجل الأمن ..
هل تسمع !
هل تبكي !
لا أثق بالاشياء التي لا تبكي ..
الأوقات الحميمية التي بلا أكتاف
لا يعول عليها كثيراً
مثل كف الأمهات البارد ..
كيف تنظر إلى العالم
لو كنت بكتف واحد
أو بلا أكتاف ..
سترى الحاسوب أولا
أم البغبغاء الأسود ..
لا تنظر إلي ..
انظر إلى أكتافي رجاء !
أملك أكتافا عريضة
لا تناسب نوع الموسيقى التي أحب
ولا طريقة نومي ..
أتحاشى ظهورها وأفشل
تظهر في الصور .. في المرآة !
لا أريد الإنجاب
الأطفال لهم أكتاف !
لا .. لا
لن ألد طفلا له كتف أبدا ..
الطيور بلا أكتاف !
سننجب الطيور .. الطيور .. نعم ..
وهي أيضا تحب المزيد من الملح مثلي ..
على الدم .. على الأكل .. على النظر .. على طلاء الأظافر ..
نعود إلى بيكاسو الذي فاته
أن يرسم امرأة واقفة على سكين ..
فاته أن يرسم شكل الزمن داخل قلقها،
الزمن يُحدد شكل الأشياء الثابتة،
لماذا لم يخترع أحدهم كلمة مناسبة لكل شيء
تصلح لأن تُقال في كل غُرف البيت، وعلى كل وجبات الطعام بصوت لا يشترط فيه الرائحة ..
(لماذا لا تعيش الكلمات الثقيلة على الأكتاف؟)
حتى أنت لا تُحافظ على لونك
لكن الغُبار يفعلها و يبقى غُبار .
المكان الأكثر جفافاً في الداخل… لن تصل .

5.
في اليوتيوب :
جرب أن تكتب كلمة غريبة في خانة البحث ..
ستظهر عدة اقترحات وستكون أهمها حياتك
تمت مشاهدتها من قبل مليون شخص !
لن تقدر أن تحدد نوع الاشخاص الغرباء
هل هم مكانس كهربائية؟
هل هم فُرش أسنان؟
أم بشر عاديون بأطراف معينة …
لا أخفيك ..
سيظهر لهم أنك تعاني من كل شيء ..
من مشكلات في التنفس وألم مزمن بقدميك
وأنك تفشل بفتح حديث عابر مع عابر ..
تُفضل أكل عظام التين على أن تقول صباح الخير ..
قد فشلت بكل التجارب ..
لم تصنع قمرًا وتهديه لبائع مناديل
لم تتحول إلى دودة أرض ..
لم تفلح بالعثور على شاحن أصلي للهاتف
لم تعتمد على طريقة مشي واحدة …
قناني المياه الفارغة تثير حماستك
تجاه الاخطاء الخيالية ..
موسيقاك هي ذاتها تم اختيارها بقصد مبالغ فيه ..
لا تشبع حتى تقوّس ظهرك كله وأنت تأكل ..
كلمة حياة تشعرك بالموت ..
تشعرك بأعطال السيارت
بأعطال المركبات الفضائية
بأعطال الساعات الكبيرة
بأعطال هاتفك الذكي ..

6.
إلى رجل،
ينطق حرف السين بطريقة أخرى :
(هو على الأغلب قصير القامة
بأكتاف حزينة وعيون ملونة )
لا أعرفك لدرجة أنني أسمعك
تنطق السين من أقصى الألف إلى اقصى النون
تلك مشكلتك في التأثر والبكاء السريع
وما جعلك تطلب اللجوء إلى الجانب البارد من الحديث
هناك أصبح بكاء رجل غريب وقصير في ميترو
أمر ينصحك به الطبيب النفسي الذي تكرهه وتثيرك زوجته ..
حبيباتك أصبحن طويلات مثلي وشقراوات .. !
أشعر بهذا .. نعم .. أنت أقصر من كل شيء ..
وأنا أطول من أمي و أبي ..
لم أخبرك .. !
ذات الحلم بدأ يطاردُني
كلما انتهيت من الكتابة بدوت أطول ..
مضى شهر الآن …
من حينها أنسى أن أجلس أو لا أستطيع ..
لا يمكن ان نلتقط صورة معاً
دون أن أثني قدمي وأنت تبالغ برفع كتفك
أنا أراك لا زلت تقرأ الشعر لكلاب الشوارع؟
وحذاءك نظيف .
كل يوم سوف نتصادف وجها لوجه
دون علمك أن هذا لك .. أو دون قصد مني ..
الرجل الذي أحبه أفشل دائما بإثارة غيرته !
أو حتى حاجبه الأوسط .

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم