يخلع ضرس الماضي
ولا يخشى على روحي
من النزيف
يخلعه بأي شكل
حتى لو ظلت بعض الذكريات
متجذرة
حتى لو كان من دون مخدر
حتى لو اقتضى الأمر
تفجير فمي .
لماذا يطاردنا صانع البلور؟
صانعُ البلور
يسهرُ أمامَ الصهدِ
ينفخُ
من روحهِ
ليصنعَ المصابيح .
أصمُّ وأبكمُ ، هو .
يداهُ مشوهتان ِ، هو .
صانعُ البلور
إن فرحَ لوَّنَ المصابيحَ
لتحيا
في عالم الورد .
صانعُ البلور
إذا استاءَ
جعلَ المصابيحَ بيضاءَ
مريضة
لتقضي
حياتها في الجنائز
وربما تأخذهُ المبالغة ُ
فيجعلها
صفراءَ
شاحبة
تحيا بنتا للغبار
وعاهة للشوارع .
الماضي غير المكتمل
عندَ الغزو
كان على كلِّ امرئ
أن يفرَّ بأعز ما لديهِ
هناكَ مَنْ جعلَ حبيبته في قلبهِ
ومضى
هناك من عاهدَ زهرة متيبسة
كدليل على محبةٍ ما
وهرَّبَ دموعَهُ في منديل
ومضى
هناك من جرجر إماءَهَ
وخصيانهُ
وحراسَهُ
ودفاتر شيكاتِهِ
وبصق من ورائِهِ
ومضى …
أما أنا فسأظلُّ ثاويًا
فوق التراب
لا لأطلقَ رصاصة ً
أو لأفجِّرَ نفسي في سوق
أو حافلةٍ
بل لأصيحَ في الغزاةِ
أيها السفلة
لم جئتم
متأخرين .
فقدنا الثقة
قالتها غزالة ٌ
وهي تفرُّ بعشبةٍ في فمها
دونَ أن تدري السبب
كان خلفها غبارٌ
وأمامها غبارٌ
والقطيعُ ليس ودودًا كعادتهِِِ
القطيعُ بعيدٌ بلا سبب
أمها بعيدة بلا سبب
لا وقتَ لديها لتسألَ
لا وقتَ لتراوغ َ
لا وقتَ لتتأسى .
كلُّ ما ستفعله الآنَ
هو تركُ صرخةٍ هائلةٍ
والتي لنْ تعطلَ شرهَ الصائد ِ
بل ستخدشُ بقوةٍ
أمانَ القطيع .
كوبري قصر النيل
الأسودُُ التي تحرسني
كلَّ ليلةٍ تقولُ :
لو كنا في حديقةٍ
لتشمَّسْنا في العبير
وأكلنا اللحم
الذي لم نشاركْ في صيده
اللحم الذي منهُ يهرِّبُ
العمالُ البؤساءُ لأبنائِهم
لو كنا في غابةٍ
لما استطاعوا اصطيادَنا
لأنَّ أظفارَنا التي تجرحُ
لن تداعبَ الغرباء
لكنْ
ها هو البرونز
الذي يطمسُ العيون
لا يلمعُ في الشمس
وها نحنُ
لا نستطيعُ محْوَ الغبار
عن رؤوسِنا .
نيو لوك
سأتخلصُ من يدي
لأنني لا أريدُ أنْ أسلمَ على آخرينَ
وطالما يدي معي
فسأشعرُ بالحرج
سأتخلصُ من عينيَّ
لأنني سأتجاهلُ آخرينَ
وطالما نظرتي كالطعنةِ النافذةِ
فسأشعرُ لا جدالَ بالحرج
سأتخلص من فمي
لأنه ضدُّ ما يقوله القلبُ
ومن القلبِ
لأن أبوابَهُ بلا مزاليجَ
والغرباءَ يسطونَ على كنوزهِ
وسأقعدُ بلا يدٍ
بلا عين ٍ
بلا فم ٍ
بلا قلبٍ
أنظرُ في داخلي
الذي باتَ فاتنا .
غسالة العالم
أبحث عن غسالة
غسالة تغسل ملابس
كل الآدميين معا
في ليلة واحدة
سأبرمجها على غسل ملابس الجنود
وسترات القتلى
سأجعلها تغسل ملابس الرؤساء
وأسمال العابرين
وفي فـَم واحدٍ تغسل ملابس الملاحدة
وأصحاب الشرائع
طاردة كل البقع
وكل الوساخات .
سأحتاج حبال غسيل عملاقة
ومساحيق كالجبال
ربما أضع كل الأنهار فيها
ربما أستعين بالبحار والمحيطات
وأنتظرها وهي تزمجر
زمجرتها الخرافية
في لحظة البدء
لحظة التفاف أكمام ملابس الجماهير
حول ياقات قمصان الرؤساء
لحظة حصار ملابس القتلى
لمعاطف الجنرالات
لحظة مفاداة بدل الراقصات
للجلابيب الوقورة للشيوخ
وأردد ضاحكا كمجنون
بينما يأتيني العويل:
أيتها الأنسجة التي كانت زرعا واحدا
أرأيت كيف يكون انتقامي؟!
ــــــــــــــــــــــــــ
*شاعر مصري
خاص الكتابة