مَحَطَةُ قِطَارٍ مَكسُورةٌ

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

أَعُودُ وَقَد كَان الليِل مُتأخِراً جَداً

وَعَلى ظَهرِي مِيلاً مِن القَتلَى

أترُكُ الدِمَاء عَلى ثِيابِي تَجِفُّ

وَفِي أوَّل المَقبَرة

أُسَوِّيُّ مِنْ الحِجَارةِ المَكسُورةِ  لَكِ مَكَاناً

أُجْلِسُكِ عَلَيِهِ ، وَنَتَباَدَلُ  نَوعَا مِن الصَمت .

***

الآن  ظَهر عَلى عَتبة البَاب رَجُل طَويل

عَلَى سَاعِده الأيمَن إزمِيل وحَبل

وَفِي يَدهِ الأُخرَى كَان يَسحَب شَعباً حَليِق الرَأس

نَاولْتَهُ أبخِرَة الشَاي وَمَشرُوبَاتٍ رَخيِصَة

فاحمّرّتْ عَينَاه وَهو يُحدّثُني عَن الحُب .

***

الحَافِلة القَديِمة تَئِن

فِي ظَهرِها امرَأة بَديِنة

تُفَكِّرُ فِي عَجينة النَار

وقَسوَّة الليالِي الآتية .

***

فِي  الطَريق الِى بَيتِي كَانَت هُنَالك غَيمة بِأمطَار

كَانَت السَماء تَشهق البيُوت  مَع بَيتي

وفِي حَال انْزَلَق إعصَارٌ بِرأسين  عَلى جَبهَتي

تَوَرَّمَت عَينَاي

فَدَقَّ جَرسُ البَاب العمُومي

وظَهرَ سَائق القِطارات مِن أقصَى الشَمَال

يَحمِل حقَائباً مُخَطَطَة

وأنصَاف شُهور ظَلَّت مِن حَرب فِي القَرن المَاضي

يَهزُّ رُوحَهُ كَشِوَال

ثُمَّ بِتَقطيِبَة تَنِمُّ عَن فَقدِهِ أسرَة بِكَامِلِها

يُومِيء للجَمِيِع

وَيَغسِلُ اسنَانَهُ فِي المُرَبَع المَمْلوء بِالقَمح .

جَاءَت السَنة فِي وُجُودِه مَع حِزمة الهَواتِف

وَهو يَنحَنِى لِتقبيل فُوهة فِي قَارِب

لَم يَكُن صَوتَهُ قَاسٍ

لَمْ يَكُن يَشهَقُ مِثل الجوّالين

كَانَ يَعصُب  عَلامة المَوت فِي كَفهِ أيضَاً عَلى عَلامة

ويَبتَسم أحيانا مِثل الجَميع

هَذا الرَجُل ، جَرفتهُ الأنهَار عِندَما كَان يَبحَثُ عَن حَبيبةٍ

وَتَبَادَلَتْ أعصَابهُ الريَّاح مَع قنيِنة فَارِغة

سَقط فِي إحدَى الليلات عَلى مَساحة تَشغلها النَبَاتات

فَصرَخت المَدينة المُجاورة

ثُمَّ ، بِلسَانِه لَعَقَ شَيِئا أحمَرٍ قَانٍّ

ونَظَرَ إلى مُفكِّرة ، كَانَ يُدوِّنُ فِيهَا يَوميَّات جَاره

وقَال لِي :

اضرِبْ  العَصر الحَالي بِبَلطَةٍ طَويلَة

كَي لا تَضيِع فِي الخَيال

أنَا أعرِف أجزاءَةُ المَحمولة عَلى نَاقلة المَوتَى

لِذَلِكَ ، بَادَرتَهُ بِقَطع وَريدَين مِن سَاقه

فتَنَفَسَ بِبُطءٍ وَهو يُلقي بِاللومِ عَلى أنَّني لَم أمشِ فِي خَط مُستقيم

أصبَح مَألوفاً لِي أنْ أُرَدِدُ عَلى مَسمَعهُ أغَانٍ  الرُوك أندرول

واكلّم فَتاة الرِواية عَن اسرَاره ِالمُتوَّفِّرة فِي السُوق القَديِمَة

هَذا قَليِل

لأَنَّهُ أصبَح غَابَة سَوداء بِطول المَحطَة

مَكثَتْ العَنَاكِب قُربها وقَد كَان يَنسِج ضَمادَات جُروحٍ زَرقاء

لِهذا ، بَنيتُ مَعركة مَع حَارس القِطارات

وتَبادلنا لَعنات كَثيرة

فَفي الليل ، أرتِّبُ لِقاءاتٍ سريِّة مَع قَراصِنة وحَامِلي بَنادق

نَهدِم صُفوفاً عَاليَّة  مِن السَواتر فِي غَرب الجِسر

ونجلِب فِي مُنتَصِف النهار أدَوَاتاً للحَرب وَالزِينة .

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني