حاورتها: سماح عبد السلام
خاضت الكاتبة مى التلمسانى، مغامرة جديدة فى العمل الإبداعى، حيث شرعت فى كتابة نص روائى بالفرنسية تتبعه بترجمته إلى العربية. التلمسانى أبدت سعادتها بترجمة أكابيلا للفرنسية كون مترجمها هو المتحدث الفرنسى باسم الأدب العربى، ومن ثم تشعر بخروج العمل فى إطار أجواء عربية يقبلها القارئ العربى والغربى. وكان لـ”اليوم السابع” معها هذا الحوار:
هل انتهيت من مشروع الترجمة الخاص بروايتك الأخيرة أكابيلا، وما تقييمك لتلك التجربة؟
ترجمت أكابيلا للفرنسية وسوف تنُشر فى فرنسا بعد شهرين، الترجمة لريشار جاكمون، وهو مترجم فرنسى كبير متخصص فى الأدب المصرى، قدم فيه رسالة دكتوراه، كما ترجم أعمال صنع الله إبراهيم، وأرى أن الرواية سوف تخرج فى إطار جميل، ومن المهم التعامل مع دور النشر الأجنبية لعدة أسباب منها، أنه عندما يصدر الكتاب تهتم بتسويقه، فقبل نشر أكابيلا أرسلوا مخطوطتها لعدد كبير من الصحفيين والنقاد، بحيث عندما يصدر الكتاب أكون مشغولة فقد بإجراء الحوارات، والتى تصل إلى معدل 6 حوارات يومياً لمدة يومين ينظمها الملحق الثقافى للدار.
وما الجديد بعد أكابيلا؟
لقد بدأت فى كتابة نص روائى بالفرنسية مباشرة، ثم أقوم بترجمته إلى العربية، وهى مغامرة كبرى بالنسبة لى، فقد تعلمت فى مدارس فرنسية منذ كان عمرى 4 سنوات، وكتبت بها الماجستير والدكتوراه وأبحاثاً علمية، ومع ذلك لدى رعب شديد من الكتابة الإبداعية بالفرنسية وترددت بشكل كبير، وقد بدأت كتابة هذا النص منذ 2004 ومر عشر سنوات على النص وهو حبيس الأدراج، وأكتب فيه أجزاء ثم اتركه وهكذا لكنى قررت أن يكون العام الجديد مخصصاً للانتهاء من هذا النص.
ما رؤيتك للمشهد الثقافى والقضية التى يجب أن يطرحها الإبداع بعد ثورتين؟
أعتقد أنها ثورة واحدة بدأت منذ 25يناير ومستمرة إلى اليوم. وإذا لم يستطع المصريون أن يحصلوا على حقوقهم ومطالبهم الأساسية سوف تستمر الثورة بغض النظر عمن يحكم مصر، أما بالنسبة للمشهد الروائى والقصصى فعندما أتواجد بالقاهرة أسارع بإحضار عدد كبير من الكتب، وأشعر بازدهار الأدب منذ بدأت الثورة. لا أستطيع أن أفصل 25يناير عن 30يونيه، وبعد هذه الثورة يجب أن يفكر الأديب، ماذا سيقول من جديد إبداعياً وشكلياً؟ ويجب ألا يستمر فى الحكى بنفس الطريقة القديمة العتيقة والمكررة التى اعتدناها حتى تصل بالثورة إلى الأدب، ولابد أن نثير الجديد ونحدث عملية تثوير وأعتقد أن ذلك سوف يستغرق عدة سنوات.
هل العالم العربى بحاجة لمشروع ثقافى جديد يتواكب مع الظروف الراهنة؟
نحن بحاجة لذلك من الخمسينيات، فآخر مشروع ثقافى توقف عند هذه الحقبة. بعدها لم نجد شيئا يمكن أن نطلق عليه مشروعا ثقافيا معرفيا. ونرى تحديثا لبعض المنشآت لكن لا يوجد توجه أو رؤية عامة أو مشروع ثقافى واضح المعالم حدث على مدار السنوات الماضية. ولدينا فرصة كبيرة لإعادة النظر فى هذا، وستتم بلورة رؤية جديدة لمشروع ثقافى قومى نرى جذوره التى بدأت فى الخمسينيات كيف سيتطور بعد ما قدمت ثورة 25يناير من منُجز حضارى وكسرت حاجز الخوف.
وماذا يحتاج هذا المشروع حتى يرى النور؟
أعتقد أن هذا المشروع لن ينشأ إلا على ركيزتين أساسيتين، الأولى حرية التعبير والرأى أى انعدام الرقابة، وهذا مطلب رئيسى للمثقفين من الخمسينات وحتى اليوم. ولو لم يلتفت إليه القائمون على الحكم سوف تسقط الثقافة مرة أخرى فى بؤرة التكرار والسيطرة الأخلاقية التى تحدث اليوم دون إبداع. بحيث نكون ثقافة مؤسسية رسمية، وهذه ثقافة تافهة لا يحتفظ بها التاريخ وتسقط بسقوط الحكومات، والثانية: فتح مجال ممارسة ثقافية خارج الدولة. لثقافة وتطورها فى مصر لن تقوم إلا بالاعتماد على الجهتين وفتح المجال بشكل أوسع. فلا توجد منافذ كبرى توزع الكتاب الحكومى إلا ما رحم ربى، وهذا خطأ كبير فى حين أن منافذ بيع الكتاب الخاص كثيرة ولكنها مشروعات فردية وربحية بالأساس. توزع نوعاً خاصاً من الكتاب غير المدعوم، لابد من التوصل لآلية بناء مشروع ثقافى حقيقى بالتعاون بين المؤسسة الخاصة والعامة لإنتاج وتوزيع المنتج الثقافى بمختلف أنواعه.
فى حوار سابق ذكرت أن الغرب انبهر بثورة 25يناير ثم غير وجهة نظرة بعد الفوضى التى لاحقتها، فكيف ينظر إلى ما يدور حالياً فى مصر؟
يوجد حالياً انقسام فى الرأى العام فى كندا وأمريكا الشمالية تجاه ما يحدث فى مصر، وأنا أؤمن بأن الإسلام السياسى فى كافة دول العالم لم يؤد إلا إلى كوارث متتالية فى الدول التى تتبنى هذا المنظور. وما حدث فى استكمال ثورة 25يناير وساندها الجيش، هذه نظرية يؤمن بها البعض فى الرأى الأمريكى، والذى يرى أن الجيش استطاع أن يتخلص من حكم قمعى لمبارك، واستطاع بشكل سحرى أن يتخلص من حكم فاشى استمر لمدة سنة حتى لو كانت هذه الفاشية جاءت عن طريق الصناديق.
دعوتك لدولة مدنية هل مازالت مستمرة بعد 30يونيه؟
بدأ مشروع “دولة مدنية” بعد عزل مبارك بخمسة أيام، قلنا حينها لا عسكرية ولا دينية. مررنا بالمرحلتين. حيث المجلس العسكرى حكم لمدة عام ونصف بينما استمرت مرحلة الإخوان لمدة عام، لذا نشاط دولة مدنية مستمر.