موعد عشاء

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمد عثمان

رأيتها فى ساحة "فينيسيا" تسير بمفردها فى هدوء ليس لمن حولها, حدسي الذى أثق به كثيرا. قال إنها تعلن ميلا نحوك, صدّقتْ عينيها ذلك الشعور, مشيت نحوها بخطوات مترددة بعض الشيء, لاحت منها ابتسامة أغرتنى, أقبلت مرخيا خصلات شعرى الناعمة علي جبهتى, وعلى كل حال الوسامة لم تكن تنقصنى, لم تجر أيامى علي تلك العادة, ولكنها لم تكن كباقى النساء.

قلت لها فى هدوء

– كيف أذهب إلى شارع ناسيونالى؟

فقالت والابتسامة التى تطوق ثغرها لا تزايلها

إلى الأمام . – وأشارت نحو جهة سيرها – لم تمانع صحبتى ..

تيقنت أنها لن ترفض إذا دعوتها للعشاء فى المنزل, وصدق حدسى مرة أخرى, تذكرت يوما ما قالته لى أمى (إنك تملك فى عينيك سرا يجذب نحوك العذارى).

– ذهبت بعد ذلك أحضر للعشاء الموعود , تذكرت الزهور, لم أكن يوما من هواة الزهور, ولكن الزهور من الطقوس الأساسية فى مثل تلك المناسبات, قلت للبائع:

– أريد تلك التى هناك فى الركن الأيمن .؟

فضحك وقد بدا عليه أنه إستشف كل شئ, إنك تشير نحو زهرة ( النرجس ) وهى غير مناسبة فى مثل حالت , فاجأنى ما قال – يبدو أنه ليس أنا فقط من يمتلك حدسا  صادقا – .

ثم أردف فقال

– جميعهن يعشقن (الجاردينيا) 

– فقلت مقاطعا

إفعل ما ترى

-بعد ذلك ذهبت أبتاع زجاجة نبيذ ( بيانكو مارتيني ) .. الخاصة بى دائما, ولكنى رأيت (براندى إكس أو) أكثر إتساقا الليلة – إقترح أحد أصدقائى ذلك -, فإبتعت زجاجة أخرى, مشيت قاصدا شراء اسطوانة ( كاتالينا ) ” لساليرى ” التى أعشقها , ولكن البائع قد فضّل ( كونشيرتو بيانو ) ” لموتسارت ”

 وسمعت لرأيه  

وقال لى باسما

– أتمنى لك ليلة رائعة فى أحضان ………. موتسارت

لاقيته بإبتسامة طويلة ملوحا  له بيدى

.. ذهبت وإبتعت نسخة مترجمة من ( كاماسوترا ) للإستعداد الكامل لتلك الليلة,  .  .. وأخيرا ذهبت نحو ( نافورة تريفولى ) أقدم أمنياتى لقضاء ليلة جميلة مع تلك الحسناء الرائعة.

فى المساء كان كل شئ فى موضعه , ثقل عليّ الإنتظار , فقمت أملأ كأس من زجاجتى الجديدة, وأشعلت سيجارة , لم يمض وقت طويل علي حضورها , قدمت  مدثرة فى معطفها الأسود الذى نستعين به علي برد روما القارس , قلت فى نفسي – عموما الدفء ينتظرك بالداخل.

– نزعت عنها معطفها , وبدت لى بشعرها الأحمر الداكن, وعينيها الدقيقتين  وساقيها العاريتين القابعتين تحت جوربها الشفاف. الليل فى كل الاحوال أكثر إثارة, دوت فى أذنى كلمات بائع الزهور عندما قال لى ( إبدأ أنت بالقبلة الأولى ) …

أخذت بضع خطوات نحوها , مصطنعا الإحتراف, لثمت شفتيها, إنسلّت من بين ذراعى بهدوء وجلست إلى أريكة فى منتصف الحجرة ,

– عجيب أنها لم تتفوه بكلمة بعد !!  , فقط تتجول بعينيها فى جميع الارجاء , وقعت عيناها علي الجاردينيا لكنها لم تبد أى تأثر, رأت زجاجة البراندى  القانية القابعة علي البار وسيجارة فى منتصف العمر تزهق علي جانب المطفأة فحانت منها ضحكة لم أفهم مغزاها  , أشحت بكل ذلك عنّى, أذنت لموتسارت أن يصدح فى الأرجاء ,

قلت مشيرا  نحو البار 

– أظن أنك بحاجة لكأس ؟

أجابت برأسها, فقمت أملأ كأسي , قامت نحوى, لامست يدها يدى وهى تأخذ الكأس , إقتربت بشدة , إصطكت ساقانا , لفحنى دفء فمها المعبق بعبير الموكا , أقتربت بشفتيها نحو أذنى وقالت ببَحّة ,

لماذا لم تشتر ( الشيفاز ) ؟؟

باغتتنى تلك الكلمات , وأيقظت مداركى التى قد ثملت من لهيب قربها,

أنفقت بضع خطوات نحو الجاردينيا , لامسَتها , دنت نحوى مجددا ثم قالت

– لماذا لم تشتر النرجس ؟؟

لم أقو علي الكلام … , ذهبت نحو لموتسارت وآذنت له بالصمت ,

ثم قالت

– علي كل حال أنا أحب ( باليونى ) 

ثم طبعت علي فمى قبلة طويلة , محترقة , صاخبة ,

وقلت لنفسي  – لم يبق سوى بضع لحظات نحو الفراش –

ولكن دون ذلك وجدتها ترتدى معطفها , ملوحة لى بيدها …

وقالت: عندما تواعد امرأة, لا تستمع للآخرين.

 

مقالات من نفس القسم