من واقع الكتابة الراهنة :رسالة إلى الله ..يا إلهي : لماذا خَلَقْتَنا كُتَّاباً ؟

من واقع الكتابة الراهنة :رسالة إلى الله ..يا إلهي : لماذا خَلَقْتَنا كُتَّاباً ؟
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أشرف البولاقي *

(1)

أعرفُ أنهم سيُكَفِّرونَني

فكيفَ أجرؤُ أنا صاحب الكتابةِ المُدَنسة

أنْ أكتبَ إليك أنتَ صاحب الكتابةِ المُقَدسة ؟

هذه أولُ مرَّة أكتبُ فيها إليك

والمفارقةُ أنني كتبتُ لهؤلاء الذين سيكفرونني

ألافَ المراتِ

 فاتهمونَني بالجنونِ

فهل أُبالي بتهمةٍ جديدة ؟!

 

 

(2)

أربعُ كتبٍ كاملةٍ …… تلك هي حصيلةُ إبداعِك المقدسِ

أربعُ كتبٍ كاملةٍ …… قُدِِّرَ لثلاثةٍ منها ملايين الطبعاتِ الفاخرةِ

أربعُ كتبٍ كاملةٍ …… حققتْ – ولا تزال تحققُ – أعلى المبيعاتِ

أربعُ كتبٍ كاملةٍ …… تضمنُ لأي امرئٍ عضويةَ أكبرِ اتحادٍ للكُتَُّاب في العالم

حَسَناً أنك لم تصنفْ نفسَك  شاعراً ولا قاصاً

ولم تطلبْ من الناسِ أن يصنفوك  روائياً ولا ناقداً

 آهٍ لو فعلتَ يا سيدي

 لزادت الحرائقُ اشتعالاً بين خَلْقك الأدعياء

ارتضيتَ فقط أن تكون ( الكاتبَ ) الأعظمَ يا سيدي

أنتَ تعرفُ – دون شكٍ – كل شيء عن بلادي :

الحُكامَ والشعوب ، الفقرَ والزلازل ،الدينَ والخطوب

أمريكا والعراق ، القدسَ والسودان ، العُهرَ والنفاق

وأنا أعرف أنك – سبحانك – تنزهتَ عن أحاديث السياسةِ

( في البدءِ كانت الكلمة )

( إقرأ )

( ن والقلمِِ وما يسطرون )

أنت تُجِلُّ الكلمةَ والحرفَ والكتابةَ

فلماذا لم تستأثرْ بهم وحدَكَ

لتُريحَنا من صراعِنا المرير ؟

يا إلهي :

لماذا خلقْتَنا كُتَّاباً ؟

(3)

أنا واثقٌ أنك مُطَّلِعٌ على كلِّ شيء

وتصلُكَ الأخبارُ أولاً بأول

أكيدٌ جداً أنك تعرفُ ما يقولُه

الحمقى والأغبياءُ عنك في بلادي

يزعمونَ أنك قدَّرتَ كل شيء

ولم تغادرْ صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصيتَها

وقد قرأتُ كُتبَكَ كلَّها

فلاحظتُ أنك لم تُشِرْ من قريبٍ أو بعيد

لفوز ” عبده خال ” بجائزة البوكر

وأعتقد أنك لم تُقَدِّرْ على الشعر العربي

مأزقه الراهن

صحيحٌ أنك ذكرتَ الشعرَ والشعراءَ بسوء

لكنَّ النثرَ كان أحدَ تجلياتِكَ الكبرى

أرجو ألا يفهمَ أحدٌ

 أنكَ من أنصارِ قصيدةِ النثر

فأنتَ أكبرُ وأعظمُ من فكرةِ

اختزالِ الكتابةِ في الانتماء

لكنَّك تركتَ لنا ذلك

يا إلهي :

لماذا خَلقْتَنا كُتَّاباً ؟

(4)

كلُّنا نموذجٌ واحدٌ

كاتبُ القصةِ كالشاعر

والناقدُ كالروائي

نخرجُ على البسطاء ( الذين نكتبُ لهم )

بكلامٍ لا يفهمونَه

ونُصَدِّعُ رؤوسَهم

 بالكتابةِ الجديدةِ ،

 والحساسيةِ الجديدةِ ،

والواقعيةِ التجليةِ ،

وميكانيزم السرد

والغريبُ يا إلهي أنهم يهزونَ رؤوسهم كأنهم فاهمون ..!

نحنُ مزدَوَجون يا ربِّي

نكتبُ في الحبِ والجنسِ والحريةِ

ونطعنُ شقيقاتِنا

لو فتحتْ إحداهُنَّ نافذةً للهواء …!

نشتمُ النظامَ والمؤسسة

ونغضبُ كثيراَ

ونحزنُ كثيراُ

حينَ تتخطانا جائزةُ الدولةِ

(5)

نحنُ- في أعماقِنا – مؤمنونَ

أنك سميعٌ بصيرٌ

 محيطٌ بكلِّ شيء

بالمُلتقى الثاني لقصيدةِ النثر

والمُلتقى العربي لنفسِ القصيدةِ

بما يحدثُ في لجنةِ الشعرِ

وبحقيقةِ ما يُشاعُ حول ” لهو الأبالسة “

و ” الزعيم الذي يحلقُ شَعرَه “

والحقُ يا إلهي أننا ننتظرُ القيامةَ

بفارغ الصبرِ

لتكشفَ لنا كلَّ الحقائق

أنا – شخصياً – متأكدٌ

أنك ستحاسبُنا حساباً عسيراً

فهلْ من حقِّنا بعدَها أن نسألَكَ :

لماذا خَلَقْتَنا كُتَّاباً ؟

” ………..   وأهلاً وسهلاً بعدَها بجهنَّمِ “

ـــــــــــــــــــــــــ

* شاعر  مصري

 

خاص الكتابة

 

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project