وفي كثير من المواقف نجد أن جويس تقف على ناصية الكتابة تتحاور وتولول خطاباتها لتخرج بمشروع خاص بها وفي أكثر المواقف الكتابية تتبنى مقولة سيمون ديبوفوار «لا تولد المرأة امرأة، وإنّما تصير كذلك» لتتجاوز بذلك عتبة الأنوثة المقيتة والمقيدة للحريات التي تسعى الشاعرة الحصول عليها إضافة إلى أنها أبرز الشاعرات التي جعلت من لغتها الفرانكفونية ذات حضور بارز في خاصرة الثقافة وما ترجم من نصوص هذه الشاعرة إنما يمثل مقتطفات أو مختارات من مجموعتها صرخات، بالتالي نترك متعة القراءة الإيروتيكية للقارئ حتى لا نفسد طعم الخطاب الشعري الإبستمولوجي العام.
دَعني أُحبُّكْ
أحبّ طعمَ دَمِكَ الخَاثِرْ
أحْتَفِظُ بِه مُطوّلا داخِلَ فَمِي الْأُدْرَدْ
حرارتُه تُلْهِبُ حَلْقي.
أحبُّ عَرقَك
أحبُّ مداعبة إبطيك المتدفّقتين فرحًا
دَعْنِي أُحِبُّكْ
دَعْنِي أُجَفِّفُ عَيْنَيْك الْمُغْمَضَتَيْن
دعني أفْقَأَهُمَا بلساني الْمُذَبَّبْ
وأمْلأُ تَجَوُّفَهُما بِرُضابي الْمُظَفِّرْ
دعني أعْمِيكْ
*
دَعُوا عُيُونَكُمْ تَطْفُو فَوْقَ الْمَوْجِ
دَعُوا الرِّيحَ تَمْلَأُ أَجْسَادَكُمْ بِهَذِهِ الصَّرَخَاتْ
اِمْنَحُوا بُطُونَكُمْ الْمُزَغَّبَة لِمُدَاعَبَاتِ الشَّمْسِ
اِسْتَفِيدُوا مِنْ أَصْوَاتِكُمْ،
مِنْ حَيَوَاتِكُمْ،
مِنْ نِسَائِكُمْ
لَكِنْ لاَ تَنْظُرُوا لِعَيْنَيَّ النَّائِمَتَيْنِ
خِشْيَةَ أَنْ تَتَّحِدَّ نَظْرَتِي بِأَفْكَارِكُمْ.
*
أَتُرِيدُ بَطْنِي لِتَتَغَذَّى
أَتُرِيدُ شَعْرِي لِتَشْبَعْ
أَتُرِيدُ كِلْيَتَيَّ،
نهديَّ،
رَأْسِي الْحَلِيقَةْ ،
أَتُرِيدُ أَنْ أَمُوتَ بِبُطْءٍ
أَنْ أَهْمِسَ بِكَلِمَاتِ طِفْلٍ وَأَنَا أَحْتَضِرْ.
*
أَهْتَزُّ من تحت يَدَيْكَ الْفَرِحَتَيْنِ
أَشْرَبُ الدَّمَ النَّازِلَ مِنْ فَمِكَ الطِّفْلِ
اللِّحَافُ الْأَسْوَدُ يَزْحَفُ تَحْتَ أَقْدَامِنَا الْمُتَّحِدَة
وبينما تعلك أذني المنفصلة
أُغَنِّي اِسْمَكَ وَشَفَتَايَ مُنْفَرِجَتَيْنِ.
*
فَتَحْتُ رَأْسَكَ لِأَقْرَأَ أَفْكَارَكْ
اِلْتَهَمْتُ عَيْنَيْكَ لِأَتَذَوَّقَ نَظَرَكْ
شَرِبْتُ دَمَكَ لِأَعْرِفَ رَغْبَتَكْ
وَمِنْ جَسَدِكَ الْمُرْتَجِفْ, صَنَعْتُ غِذَائِي.
*
مَكَائِدُ يَدَيْكَ الْعَمْيَاءْ فَوْقَ نَهْدَيَّ الْمُرْتَعِشَيْنِ
الْحَرَكَاتِ الْبَطِيئَةِ لِلِسَانِكَ الْمَشْلُولِ دَاخِلَ أُذُنَيَّ الْمُثِيرَتَيْنِ لِلشَّفَقَة
كُلُّ جَمَالِي الْغَارِقِ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ دُونِ بُؤْبُأيهِمَا
الموت داخل بطنك الموت الذي ينهش دماغي
كُلُّ هَذَا يَصْنَعُ مِنِّي آنِسَة غَرِيبَة…..
*
إِمْرَأَةَ تَجْلِسُ أَمَامَ طَاوِلَةٍ مَكْسُورَة
الْمَوْتُ دَاخِلَ الْبَطْنِ
لاَ شَيْءَ دَاخِلَ الْخِزَانَة.
تَعِبَةٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
مِنْ ذِكْرَيَاِتهَا حَتَّى
تنتظر والنّافذة مفتوحة النُّورَ بِآلاف الوجوه
إِنَّهُ الْجُنُونْ .
*
حُمَّى قَضِيبِكَ سَرَطَانُ بَحْرٍ
حُمَّى الْقِطَطِ تَتَغَذَّى عَلَى حَلَمَاتِكَ الْخَضْرَاءْ
أُرِيدُ أَنْ أَظْهَرَ عَارِيَةً لِعُيُونِكَ الْمُغَنَّاةْ
أُرِيدُ أَنْ تَرَانِي أَصْرُخُ مِنَ اللَّذَّةِ
أَنْ تَدْفَعَكَ أَعْضَائِي الَمَطْوِيةِ تَحْت وَزْنٍ ثَقِيلٍ جِدَّا لأَفْعَالٍ مُحَرَّمَة.
أَنْ يَعْلَقَ الشَّعْرُ النَّاعِمُ لِرَأْسِي الْمُهْدَاةِ بِأَظَافِرِكَ الْمُنْحَنِيَةِ مِنْ الرُّعْبِ
أنْ تَسْتَقِيمَ وَاِقفًا أَعْمَى وَمُؤْمِنَا وَأَنْتَ تَنْظُرُ مِنْ أَعْلَى لِجَسَدِي الْمَنْتُوفِ
نَعَمْ لِي حُقُوقٌ عَلَيْكَ
رَأَيْتُكَ تَذْبَحُ الدِّيكَ
رَأَيْتُكَ تَغْسِلُ شَعْرَكَ فِي مَاءِ الْمَجَارِي الآسِنِة
رَأَيْتُكَ ثَمِلاً بِرَائِحَةِ الْمَسَالِخِ العَطِنَة
الْفَمُ مُعَبَّئَةٌ بِاللَّحْمِ
الْعُيُونُ مَلْأَى بِاْلأَحْلاَمِ
تَمْشِي تَحْتَ أَنْظَارِ أُنَاسٍ مُنْهَكِين.
*
عُيُوبُ الرِّجَالِ هِيَ مَجَالِي
جُرُوحُهُمْ مُرَطَّبَاتِي الطَّيِّبَة
أُحِبُّ مَضْغَ أَفْكَارِهِمْ الْخَبِيثَة
لأِنَّ بَشَاعَتَهُمْ تَصْنَعُ جَمَالِي.
*
شِفَاهٌ حَامِضَةٌ وَشَهْوَانِيَّة
شِفَاهٌ بِانْطِفَاءَةِ الشَّمْعِ
شَحَمَاتٌ كَبْرِيتِيَّة عَابِسَاتٌ نَدِيَّاتٌ
قَارِضَاتٌ مُنَغَمَّاتٌ جُرُوحٌ وَسَائِدٌ ضَحِكَاتٌ
أَشْطِفُ بَشْرَتِي دَاخِلَ هَذِهِ الآبَارِ الْمُبَطَّنَة
أَمْنَحُ فَتَحَاتِي لِلْعَضْعَضَاتِ وَالْهَمْهَمَاتِ
يُكْتَشَفُ الْمَوْتُ حين يَسْقُطُ الفكّان
مؤقّت هو الموت معطّب
فَقَطْ الْقُبْلَةُ يُمْكِنُ أَنْ تَمْنَعَنِي أَنْ أَحْيَا
فَقَطْ أَيْرُكَ يُمْكِنُ أَنْ يَمْنَعَ رَحِيلِي
بَعِيداً عَنِ الْفَتْحَاتِ الْمُغْلَقَة وَالسَّحَّابَات
بَعِيداً عَنِ اِرْتِعَاشَاتِ الْبُوَيْضَة
يَتَكَلَّمُ الْمَوْتُ لُغَةً أُخْرَى مُغَايِرَة .
*
اِنْسَنِي
عَلَّ أحشائي تتنفّس الْهواء النّقيّ لِغِيَابِكْ
عَلَّ ساقاي تَتَمَكَّنَانِ منَ السَّيْرِ دُونَ الْبَحْثِ عَنْ ظِلِّكْ
عَلَّ نَظَرِي يُصْبِحُ رُؤْيَة
علّ حياتي تستعيد نفسا
اِنْسَنِي يَا إِلهِي عَلِّي أَتَذَكَّرْ.
……………..
*نقلاً عن صحيفة “عمان”