نجوى شمعون
للعابرين في صعودهم
ها أنذا أمتد خارجي …
النصف الميت في اللحم الحي
مقدمة
الحرب
تصنع أبطالاً وتصنع أدواراً للجميع
وتصنع أيضاً
أعداء
ودمى ونازحين عن ضمائرهم.
وقفة صمت
…
هل أنت على ثقة أنك حي أيضاً …
أنت أيها القارئ اللعين …
تقرأ الحرب وأنت تدخن أو تشرب قهوتك المعتادة بنهم ولذة …
قف دقيقة صمت على أرواح الضحايا لن يُكلفك ذلك سعر
طلقة على الأجراس
هذه الأجراس ملعونة والريح كذلك ..
الحرب هي الشيء الوحيد الذي ظل الإنسان متورطا به،يبدو أن الدمار له جاذبية كبيرة جداً،و يبدو القتل و الجرائم و كأنها هدف العقل البشري.
* أوشو
نادي بالسلام حتى مع قاتلك لأنك حين تفعل ،تقتلع من روحه رغبة القتل والتدمير.
الحرب معناها غياب الحب الجندي الذي يأتي محملاً بالسلاح وبرغبة القتل برغبة متوحشة،غاب عنه الحب في معركته الحقيقية في الحياة هذا هو البائس الوحيد المنفرد في الظلمة بعيدا ومشوهاً عن حقيقة الروح
السماح أو التسامح مع من آذانا،هو العطر الذي أراقه قاطف الوردة الوردة لم تصارعه لتبقى الوردة لم تقتله حين قتلها بيديه سيشم عطرها ويسحقها بقدمه هذا هو الإنسان وهذه هي الوردة…
فعل وردة فعل ستقولون لو كان للوردة أنياب لفعلت أقسى من ذلك لو كان للوردة بندقية لرمته برصاصة لكن الوردة لا تملك سوى العطر والأشواك على أطراف ساقها …
لكنها لم تفعل.. لأن الوردة رسالة تحمل من الوعي ما يحمله الإنسان الذي أضله غروره في الحروب والقتل والتدمير علينا أن نسامح ونغادر من آذونا دون ندم أو تعلق أو محاولة للتشفى،للنجاة بقلبك وروحك بعيدا عن الموت الحقيقي…
لماذا المنادين للحرب يتوحشون في تجسدها يسعون إليهم بكامل رغباتهم ومصالحهم وقبحهم لو بترت ساق أحدهم أو سرق طفله من بين يديه لتلك الحرب صور مفزعة تحتفظ فيها بأرشيف طويل للقتلى والمجروحين والمصابين في الحرب توزع الصور وتضحك بكامل بشاعتها ..
إنها الحرب أرض مفرغة من البشر ستطاردك اللعنات أبنما تكون يا صائد الأرواح ويقتلك صراخهم حين تصمت رغباتك يوماً
الحب يزداد في الحرب الحب يقل …
الخوف يسيطر ويملأ العيون فائضاً من القلوب التي ذبلت من فرط الصقيع في الحب
الحرب مرادف الغبطة
الحرب مرادف النوم
الحرب حرب لا تعرف النوم لا تعرف الحب لا تعرف أنها الحرب القبيحة
الحرب لينة في القتل الحرب قاسية في البتر بتر طرف دون آخر وشاهدة على كل ما سبق
أدخليني في النوم أقول: لحظة فقط ،هذه الحرب مُفتعلة،هذه الحرب فائض الكره.
لنكتب عن الحب …في الحرب أيضاً يكبر الحب ويُعانق قاتله.
تأمل …
رغم ما يحدث من اصطياد لروحك وجدت بعض الوقت للتأمل لا أبكي الروح أعلم انها خالدة وأبدية إنما تتعثر بجسدك الجميل الغير مذنب في حرب اجترحوها لصيدنا جعلوا من الأرض غابة لهم وجاهدوا لتحويلنا لعبيد لهم،عبيد مسلوبين من الروح المتوهجة بإذلالها وترهيبها وتخويفها عبر سنوات عديدة من الاحتلال والقتل والإبادة الجسد ذلك المعبد الذي أقامت به الروح وسكنت أصابوه بأسلحتهم وشوهوا جماله المتناسق ليونته العذبة ومهارته في الحياة التأمل طريق الجسد للروح وللصعود بوهجه نحو جوهره الحقيقي لكنه اعدموه رمياً بالرصاص او الصاروخ او أي وسيلة للموت الذي ليس من حقهم حاولت تحرير جسدي من طاقات سقطت علينا في الحرب نجحت وفشلت ونجحت طبقت كل ما تعلمته منذ سنين في علوم الطاقة الحيوية لأنجو من فخاخ الغضب والخوف والعجز الحرب لم تكن سهلة ولم تكن هينة كانت تأكل طوال الوقت قوت أرواحنا تهجم في أي وقت،ولا تعود إلا بفرائسها…
يا لها من ملعونة …
المحاولات متكررة آخذ نفس عميق من الأنف صوت الصاروخ وهو ينزل للأرض يبدو كنشاز وسط محاولاتي،أتربصه بأذني ثم أعود من جديد لمحاولتي الشاقة وأزفر الهواء
العملية صعبة في هذا الجو المشحون بالموت بترددات القلوب الخائفة والمنهكة من كل شيء،أصعد أصعد بقوة نحو السماء وأعود سقوطاً عمودياً إلى جسدي أكرر المحاولة للوصول إلى السكينة…
التأمل هو أن تضخ أنفاسك للخارج فتخرج كل شحنات الغضب والخوف والحزن للخارج كيف وصوت الطائرات الحربية فوق رأسك أنت المهشم بوجعك الغائر في الحزن …
حاولت كثيراً، وكلما أرحت أعصابي عادت من جديد أصوات الصواريخ والقصف في بث حي ومُباشر،تعيشه وتُعايشه لحظة بلحظة،تتمنى أن يزول كل ما يربكك في الحرب تتمنى لو انها أي الحرب،لا شيء
لتعود لحياتك الطبيعية انت ومن معك على هذه الأرض ما يستحق الحياة كما قال درويش:
على هذه الأرض ما يستحق الحياة
تردد إبريل
رائحة الخبزِ في الفجر
تعويذة امرأةٍ للرجال
كتابات أسخيليوس
أول الحب
عشبٌ على حجرٍ
أمهاتٌ يقفن على خيط نايٍ
وخوف الغزاة من الذكرياتْ.
هي أغنية
هي أغنية للحرب كي تنام وتهدأ عن قتلنا…
وحدن بيبقو متل زهر البيلسان
وحدهن بيقطفو وراق الزمان
في الحرب كان صوت فيروز الخافت من جهاز “اللاب توب” خاصتي هو القريب ليعيد ربكة المكان والزمان لشيء من الحياة والاحساس بأن الأمور بخير والحياة ستعود كما هي حياة لا حرب …
كان صوتها يبعث داخلي الأمل ستنتهي هذه الحرب ويعود كل شيء كما أراد له أن يكون …
الصوت الدافئ المنساب في عظامي يوشك أن ينفجر حرب أم مجرد تخويف
أم خدعة …؟
حرب أم دوامة جديدة لعصر الفلسطيني والوصول لأهداف سياسية تخدم دولتهم العنصرية،أردد في قلبي،ويأخذني الخوف على محمل الجد هذه ليست مزحة…
كل شيء بدأ ينهار بصخب الموت سيد المكان …
الإبادة هي الفعل الأكثر وضوحاً لما يحدث ولما سوف يحدث …
القتل المجاني يوقعك في مطب النهاية عائلات بأكملها تلاشت كأنها لم تكن يوماً على قيد أغنية الجميع عاجز ورغم كل ما يحدث الأطفال والنساء والرجال جميعهم يمثلون رغماً عنهم استمرار الحياة على طبيعتها يُسايرون الطبيعة مرغمين في كل شيء يبعث على الحياة رغم الموت…
الجميع دون استثناء يمارسون عاداتهم كأن الحرب بعيدة عنهم وكأنهم أمام واقع جديد فُرض عليهم،وعليهم أن يُكملوا مهمة الحياة في تنفسهم الصاعد والعابث بكل شيء فيهم كأنهم يقنعون انفسهم قبل العالم أنهم على قيد الحياة الحياة التي صارت بعيدة جدا عنهم هاربة من موت محتوم يحوم حولهم بكل مهارة القاتل توقف عن فعل كل ذلك بصوت صاروخ ينهب جثثك ولا يُعيدها إليك سالمة …
هي أغنية للحياة قبل الحرب فكن عازفاً طيباً في أرضك.
هدير الطائرات
على صوت فيروز يئن الحنين لغد لن تراه بكامل نقصانه لن تعود إلى جسدك أنت الغريب في وطنك أنت بكامل زهوتك وتعبك واكتمالك ونقصانك أنت
يئن الحنين …
يئن الصدى …
رنين أضرحة في المكان المعزول والبعيد عن العيون …
أضرحة تركض كما لو أن الموت ينتشلها من القنص..
بصوت منخفض أستمع لفيروز مرددة لنفسي قصف لساعة من الزمن ثم يهدأ كل شيء متمنية أن لا تقع أي إصابات أو شهداء.
ليس الأمر مزحة …؟
هكذا رددت في نفسي مع توالي الضربات والقصف المخيف ضاع أي امل في الهدوء أو العودة لمنطقة الأمان.
غزة تقع في الحرب …بكل شراسة الحرب
الجثث مُلغمة بالأنين الشاحب وبنا …
غزة تقع بأكملها في بئر الحرب…يا وحدنا
أكتب من خلف الجدران هل شاهدتم جثة تكتب عن الحرب،من خلف جدار …؟؟
البيت مكشوف على الطائرات والسماء ما عادت زرقاء السماء حبلى بالطائرات
عيون
اغلق قلبك عن أي همس …
لا يحتمل هذا المرور
جسدك والقذيفة
خدعة الحرب
الحواس متأهبة الحواس في فوضى الحرب مرتبكة يحملها الخوف ويحجبها تارة وتارة ترميها في الحرب،لا تعرف أنت الحرب حتى تُجربك أو تختارك وتصطفيك في ليلها
هادئ أنت حتى تبدأ هي باستنزاف مشاعرك أفكارك وقلبك
تمنيت لو أن قلبك حجر في الحرب…
تمنيت لو انك لست هنا،أو يتجاهلونك وينسوك في ركن آمن أنت ومن معك …
الحواس مفتوحة على الحرب…
الحواس ثقل المسافر في الحرب
قلبه المفتوح على النسيان ها أنت هنا معنا في الحرب فلا تركض فوق الجثث وتقول لم أرها …؟؟
لا تركض وتترك للنسيان طفلك الحرب غولة غولة لا تكترث بكما …
الحواس متلاصقة في اصغاء لصوت الموت القادم من كل اتجاه.
لو مددت قلبي فقط لألتقطها لسار كل شيء، عادياً في الاكتشاف لننجو من مصيدة الحروب حظ الحب شغف المحب وتأويله الزائد.
في الحرب نعلم جيداً الحب،لكن الحرب تفترسه …
يصبح الكلام بلا معنى يعجز عن أن يلتقط المارة همس المقتول في الحرب…
الحواس حرب أخرى …تصيبك بالجنون فتحاول أن تنام،لتنسى،كأنك لم تكن تتقافز منذ أيام على سيرة وجودك أو احتفاء بالحياة التي سرقتها حرباً سابقة وجودك مرهون بالطائرة أنت الساكن في سيرة البندقية دفاعاً عنك في أرضك…
الحواس …كم تتمنى لو أنك تطير عالياً في صعودك للسماء وتنتهي اللعبة لتستكين جوارحك من كل ما سبق.
رهان بين نفسك وجسدك المستباح وأنت لا تملك صك المغفرة من قاتليك المتعددين.
حواس …
تضحك
حواس ترتعش
حواس هي كل ما فيك والروح في عادتها تسافر من جسد إلى جسد أنت فقط الجسد الهش ،الجبان المتعدد الصفات المقتول والقاتل الفدائي في خوفك وبطشك معاً.
الهمس أيضاً صار مُخيفاً في الحرب، لا تهمس …؟
احبس أنفاسك وأغمض عينيك ستأكلك الحرب كما لو كانت رصاصة طائشة.
……………………………..
*يصدر قريباً في معرض القاهرة الدولي للكتاب