محسن صالح
نرتاد المعارض الفنية لنتلقي الزاد الحلو الشهي، زادا لايلمس ولا يؤكل بل يتغلغل في ثنايا أجزائنا ونحس به ونلمسه في راحة البال وحالة النشوة التي تعمنا وتعم كل شيء حولنا. إن الأعمال الفنية قطعة من ذات الفنان وإحساساته يقدمها لنا زاخرة بالمعاني والأناشيد فنرى عزف الموسيقي ينبع من أنحائها ونحن نراها وكأننا نسمعها، إنها عظمة الفن وجماله وجلاله في ذات الوقت .
نري – عزيزي القارئ- كل هذه المعاني ونلمسها في زيارتنا لمعرض الفنانة المبدعة “نيفين فرغلي” بقاعة الفن التشكيلي “أوبونتو” بالزمالك، والذي يستمر حتي يوم 20 نوفمبر الحالي تحت مسمي “مازال هناك وقت للعب”. معرض رائع وجاذب تستوقفنا فيه العديد من المعاني التالية والتي تأخذنا لعالم جميل .
أول ما يلفت نظرنا في هذا المعرض، هي حالة البراءة التي نراها في جميع منحوتاته، حيث نرى البراءة في كل شيء حيث نراها فيمن يعزف علي الآلة الموسيقية ، وفي ذلك الذي يركب الأرجوحة وذلك الذي يركب دراجة صغيرة ، وتلك التي تمسك بعروستها فرحة بها، وذلك الذي يركب عجلة كعجلة السيرك وفوق رأسه شيء ما ، وذلك الذي يطير طيارة، حتي أننا نرى أن القط والكلب يشاركان البشر والأطفال في هذا العالم من اللهو البريء. إننا هنا حيال عالم تتفاعل عناصره تحت مسمي اللعب البريء لنقف مشدوهين من تلك المعزوفة التي أبدعتها يد فنانتنا “نيفين فرغلي ” في تؤدة وجمال واقتدار.
الأمر الثاني الذي نراه في هذا المعرض هو القدرة الهائلة علي التشكيل والإجادة، حيث ترى ذلك في جزئيات المنحوتة وكيف استطاعت الفنانة أن تتعامل مع خامة عصية مثل الحديد والصلب، فنرى الورود الدقيقة ونرى أجزاء المنحوتات من البشر والتعبيرات علي وجوههم وكأن الحديد حقق لها ما أرادت. نرى الإجادة في أنامل التماثيل الصغيرة وفي أنامل عروسة الطفل وفي ريش الطائر المجنح . كل هذا علي نحو يجعلك –عزيزي القارئ – لاتملك سوى الإشادة بالإبداع و التميز لهذه الفنانة القديرة .
الأمر الثالث في هذا المعرض هو التشكيل والتنوع في الحالات التي يقدمها حيث نرى بانوراما من الحياة أمامنا، وكأننا نمر في حارة ونرى ما نرى، حيث نجد من يقف علي الكرسي بقدم واحدة، وهناك القط المتربص لكائن ما أمامه، وهناك من يحمل وردته في يده وأمامه محبوبته، وهناك الكلب وعلي أنفه فراشة تداعبه، وهناك من يعزف علي آلة موسيقية وكأنها آلة التشيلو، وهناك من يحرك طائرة المروحة في يده، وهناك من يحرك طائرة ورقية، هناك أكثر من عمل عن الأرجوحة . كل هذا الزخم في المواقف يتبعه زخم في المعاني تأخذنا إلي عالم أرادته لنا الفنانة القديرة ونجحت نجاحا حقيقيا في وضعنا فيه وإحاطتنا بكل جماله و معانية .
تنتهي جولتي في معرض “مازال هناك وقت للعب” للفنانة المبدعة نيفين فرغلي، والذي يستمر في قاعة ” أوبونتو” بالزمالك حتي يوم 20 نوفمبر 2018 . إنه المعرض الذي يعكس حوارا تراه بين مفردات الحياة التي نعيشها ومواقف استطاعت أنامل الفنانة خلقها من معدن قاس وهو الحديد . لقد نجحت في معرضها ونجحت في تقديم منحوتات من معدن قليل من يقدرون علي التعامل معه لنقل احساسات ومواقف . ألف تحية لفنانتنا نيفين فرغلي على معرضها مع أمنياتنا لها بالمزيد والمزيد من المعارض الفنية المتميزة في عالم الفن التشكيلي.