عرض: محسن صالح
هذا هو المعرض الثالث الذي أشرف بالكتابة عنه للدكتورة غادة النجار في فترة قريبة، وحري بنا أن نعرف أن دكتورة غادة النجار المتخصصة في فهم الخلية وتفاصيلها وحصلت علي درجة الماجستير في هذا التخصصK تحركت من جمال رؤية الخلايا تحت عيون الميكروسكوب لتهدينا لوحات متألقة في المعني والموضوع واللون والتناول، لوحات تأتلق بالنور والبهاء وبالشوق والرجاء، لوحات نرى فيها نبض الموسيقي ومعاني الحب وأغاريد الحياة.
ندلف إلى المعرض والذي يأتي تحت مسمي “ترانيم العاشقين” بقاعة جاليري جرانت في عابدين بالقاهرة ويستمر حتي 24 نوفمبر 2018 لنرى تلك التشكيلة المتنوعة من المعاني و التيمات و التناول الفني. نرى لوحات تتعدد على نحو يجعلنا نقف مبهورين مما نراه و نشاهده. وفيما يلي –عزيزي القارئ- ندور حول الملامح التي يثيرها هذا المعرض في طيات النفس.
يتراءى لنا الملمح الأول في تنوع الموضوعات التي تلمسها لوحات هذا المعرض، حيث نرى المرأة هي بطلة كل لوحات المعرض تقريبا، نراها في جمالها وفي بهائها وفي اختلاطها بغيرها من النساء و راها كذلك في فرحها وفي بهجتها وفي سكونها و تأملاتها وهي تميل برأسها ونحار في فهم هذه التعبيرات حيث ينتقل لنا ما تحسه بطلات اللوحات ونظل نعيد النظر إليهن المرة تلو الأخري في أخذ ورد و تفسير وتحليل ونحن نعجب للقدرة التعبيرية العالية و المهارة الفائقة لمبدعة هذا المعرض. يحضرنا في هذا المقام الإحساس بالألفة الذي ينتشر في جنبات اللوحات ألفة بين بطلاتها وألفة فيما بين اللوحات بعضها البعض وألفة ثالثة بين الرائي للوحات و بينها.
يتراءى لنا الملمح الثاني في تضافر عناصرعديدة داخل اللوحات و تأتي علي رأسها الموسيقي بكل صورها حيث نرى الآلات الموسيقية المختلفة تنتشر بين أيدي أبطال وبطلات اللوحات يصاحبها في لوحة أو أكثر الرقص كمعزوفة أخرى للموسيقى يعزفها الجسد وكأني بالفنانة مبدعة المعرض تتوسل بالفنون في تطعيم ما عن السمو الروحي والنفسي الذي تبثه لوحات كأزهار الربيع التي تفوح عطرا لكل من يراها أو يقترب منها أو حتي يسمع عنها عطر في كل مكان. وترى الآلات الموسيقية مع عازفين منفردين أو في مجموعات وكأن هناك اتفاقا ما على بث الموسيقي في جنبات المعرض الضافي.
يتراءى لنا الملمح الثالث في الألوان، حيث نرى الفنانة المبدعة استخدمت باليتة من الألوان تتشكل جمالا وبهاء، فنري ألوان البهجة حينما نري عزف الموسيقي فنري البرتقالي و نري الأحمر و نري اللون القرمزي واللون الأزرق وغيرها من ألوان الفرحة وكأننا في عيد نحتفل فيه مع مبدعة المعرض بما تقدمه و تترنم به لوحاتها في سرور وجمال. و حينما تقترب اللوحات من الحضارة الفرعونية ، نري أن الألوان هنا تختلف لتعكس بهاء العمارة في مصر القديمة وكأننا في بهو الأعمدة ، نري رموز الحضارة الفرعونية في هذه اللوحات ، بل نري الرموز الهيروغليفية تنتشر في العديد من لوحات المعرض تحمل معاني وكلمات الحب والود، معان أرادت الفنانة أن تكون لنا عوضا عن قسوة الحياة وفي الوقت نفسه كأنها تريد أن تقول لنا بأن الحضارة المصرية القديمة نبع كل جميل وراق.
هناك ملمح أخير وأحسه في غالبية لوحات هذا المعرض الضافي، حيث نرى الحركة الرشيقة. وفي اللوحات التي فيها حركة نجد نوعا ما من الطاقة ينبعث منها، طاقة تتواصل مع زائر هذا المعرض يقترب منها فتملؤه بالحيوية والزخم المطلوب لمواصلة العيش في يوم جديد، فتلهمنا لوحة الرقص بين الرجل والمرأة الخفة والرشاقة والطيران فوق الخلافات والأحزان وتلهمنا لوحة من يعزف علي الكمان بتركيز علي الصبر والتأني على الحياة من حولنا، كلها معان أحسها من الحركة التي تتفاعل داخل اللوحات و نسمع صوتها ونحس بها بل ونلمسها داخل نفوسنا.
تنتهي جولتي السريعة في معرض الفنانة القديرة الدكتورة “غادة النجار” ولا ينتهي ما بداخلي من الحديث عن تأثير اللون في موسيقي لوحاتها التي تضيء حجرات قاعة “جاليري جرانت” بعابدين بوسط البلد حيث معرض “ترانيم العاشقين” والذي ينتهي في 24 من نوفمبر 2018 الحالي.