مرثيّةٌ الفقد والاغتيال

ديمة محمود
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ديمة محمود
هل كان من حقِّ الصيف أن يُطيل الغياب
ويتركَنا لِجحيم الصقيع
أمْ أنّ الرحى التي انشغلت بِدكِّ الجثث
أصرّت أن تنظفَ حجارتها بِسحق ما تبقى من مفاصلنا.
*
هل كان على العين أن تقاوم المخرز
أم أنّ ثوب العرس الأبيض كان باهظ التكلفة
وكان الكفنُ أقربَ منه.
*
هل كان من حقّ الصيفِ أن يماطل في مِشيته
أمْ أنّ قدَر الفلاحاتِ أن يتعلّقنَ بِأستار الحاصدة
وتتلقى حجورهن كلَّ هذه الجماجمِ وبقايا الأظفار.
*
هل كان الصيفُ يكيل بِمكيالين عندما تعثّرَ
أمْ أنّ من بدهيّات الإمبرياليّة
أن تستفيضَ الوحوش في ابتلاع الغابة
ويلتئم النجارون لِيقتاتوا من صناعة التوابيت
بِحُجّة تنظيف المكان وترميمه.
*
هل كان على الصيف أن يُحَضّر الأفرانَ
لِيشويَ قلوب الزوجاتِ والعشيقات
أم أن سياساتِ ضبطِ النفس
تؤهلُهن لِلَملَمة القُبل السائحةِ على حوافّ الأسرّة
بِفعل الانتظار والخذلان.
*
هل كان الصيف حكيماً حينما مسّدَ جفنيْ ناجي
فَبدأتْ عيناه تَتلألآن بِكلِّ هذا البريق
الفاتحِ مصراعيهِ على الاستقراء والتعبير
أم أنّ الذاتيّ فيه كان أقوى
فَاحتضن ابنتيه في ثوبَي عرسيهما باكراً جداً.
*
هل كان الصيف ازدواجياً عندما قتلَ نفسه
ثم ألقى بِكاتم الصوت لِلشتاء
أم أنّ القمحَ أنهكَه التراب
والحنطةَ اختنقتْ في قطار الموت
المتأهّبِ لِمصيره في أفران هتلر.
*
هل كان على الصيف ألا يكون منصفاً في حق النجاة
أم أنها خطيئةُ الآباء الذين أثقلوا عاتقَ الحياة بِفكرة الخلود
فَـأعتقتْ نفسَها
وانصهر الناجيان في برزخ الموتِ على عجل
دون أن يدركَهما وجهُ حنظلة!

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم