مرايا القلب

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

شيرين طلعت
في صمت تزيح الملاءة عنها، تقف أمامها مرتبكة، تزيل كل الغبار العالق بها، تعيد مسحها من الغبرة التي تعلوها، أهي أيضًا شاخت! 

الشرخ كان كبيرًا في منتصفها، حاولت أن تقف متوازنة ليظهر نصفاها متماثلين.

ابتسمت كبداية للتعارف الجديد، تنشد طريقًا للخلاص ولعله يكون الأخير.

منذ فترة لم تتحدث، تتخبط روحها في سجن الجسد، تحاول أن تفتت جدرانه، تذيب قضبانه؛ لتحرر نفسها.

من أول نظرة ارتبكت وأسقطت دمعة، منذ فترة لم ترى جسدها بالكامل، رأت أصابعهم عليه، أنفاسهم، نظراتهم، الضوء الخافت، سمعت أسماء كثيرة كانت عليه، تأوهات لاصقة.

يهطل دمعها بغزارة يمنحها الغفران، رأت المرآة يزداد شرخها، وهي تقف مهزوزة صورتها ضبابية.

وقفت في المنتصف تمامًا، اكتشفت أن نصفاها لا يشبهان بعضهما.

الأيمن كان قريبا لأمها، تلك الصورة التي نزعتها من جدران منزلها منذ سنوات، حتى لا تزيد من عذابها، لكنها أصبحت تشبهها وليست بشكل كامل، كانت تكره تعليماتها، خوفها، ملاحقتها بالأسئلة، التزامها في كل شيء، هربت من البيت لأجل كل هذا، هربت حتى تعيش حرة، فأسرت بقيود من حديد…بائسة أكثر من أي وقت مضى، عمرها مر بلا ولد وبرجال عدة!

أمها أفضل منها لأنها على الأقل أنجبت.

تحدث نفسها بمرارة وأنا أسوأ ما فعلته على الإطلاق!

ليتها لم تنجنبي!

لو أنني مت في بطنها؛ لكان أفضل، لو كان بالعائلة رجلا لقتلني وارتحت!

الشرف لم أعرف تلك الجملة الإ متأخرًا، لو يأخذوا كل ما لدي ويعطونني نظرة واحدة راضية من أمي لارتحت!
لن أرتاح أبدًا.
لا أود سوى العودة في بطنها لأغتسل، أو لأموت واعترض علة نزولي للدنيا، لأخبرها أنها ستشقى بوجودي،سأجلب لها العار والألم، لو كانت تدري بذلك ربما لم تكن ستتزوج أبدًا!
تهتز المرآة كثيرًا، تتمايل الصورة فيها، يصبح في المرآة وجهان، أمها وهي.
ماما، آسفة على كل شيء، ابصقي علي اذا أردت لكن كلميني، انظري إلى لا تشيحي بنظرك عني، جسدك ورائحته اشتقت لها، ضميني أكثر لأخبرك أنني سأكون بخير وأمتثل لأوامرك.
تهتز المرآة كثيرًا، تتمايل الصورة فيها، يصبح في المرآة وجه يحدث نفسه، هذه المرة بلا صوت، حركة شفاه مع بكاء، تتعالى الأصوات في الكادر.

ينتهي المشهد وتخرج الممثلة ببكاء حار منها وتصفيق كبير لا تسمعه.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاصّة مصرية ـ والمجموعة تصدر عن دار أطلس ـ معرض القاهرة الدولي للكتاب 2018

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون