حاوره: وائل السيد
الروائي المصري المميز محمد ربيع يعمل حالياً على رواية جديدة لم يختر لها عنواناً بعد، وقال إن عمله الجديد به بُعد خيالي، وتدور أجواؤه في ثلاثة أزمنة مختلفة، زمن مستقبلي، بعد 12 أو 13 سنة من الآن، وزمن الثورة المصرية 2011، وزمن الشدة المستنصرية 450 هجرية، أيام الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، مضيفاً: “وعلى أمل أن أنتهي منها قريباً”.
صاحب رواية “كوكب عنبر” التي حصلت على جائزة ساويرس لأفضل عمل روائي في 2011 يرى أن الإبداع لم يتأثر بالأحداث السياسية السائلة، في الوقت الراهن، وغليان الشارع المصري، وأضاف: “الأعمال الإبداعية لا تبيع في الأغلب، والعمل الواحد لا يُطبع منه سوى نسخ محدودة يتم بيعها في عامين أو ثلاث، وما كان يجري سابقاً يجري الآن، وبكل تأكيد هناك أعمال لم تتأثر أبداً، وتبيع بنفس معدلاتها، مثل أعمال علاء الأسواني وأحمد مراد، ولكن التأثر الإيجابي حدث لصالح الأنواع غير الأدبية، حيث أقبل الجمهور على قراءة مجالات أخرى كالسياسة والاجتماع”.
ولكن.. هل تأثر ربيع على المستوى الشخصي؟ يجيب: “بكل تأكيد أصبحت هناك صعوبة في تربيط وتضفير الفقرات والعوالم والأجواء، كما أصبحت هناك صعوبة في خلق حدوتة منطقية وواقعية. هناك فوضى، غالباً لأن الأحداث تشغل ذهن الشخص، وتعمل على إفقاده التركيز، ولكن على كل حال بمجرد البدء في الكتابة أحاول التخلص من تلك المشكلة”.
وكيف يرى اختيار صابر عرب وزيراً للثقافة للمرة الثالثة؟ يقول صاحب “عام التنين” ساخراً: “يبدو أنهم أحضروه على ما تُفرج. كنت أتمنى شخصاً أصغر سناً وأكثر نشاطاً، وهناك من هم يستحقون مكانه، فتصرفاته غريبة، ويكفي أن أشير إلى استقالته حتى يحصل على جائزة ثم عودته مرة أخرى، لقد اندهشت جداً بعد قراءتي لخبر توليه حقيبة وزارة الثقافة، ومع افتراض حسن النية الشديد يبدوا أنهم استقدموه، كما ذكرت، على ما تُفرج”.
وفيما يتعلق بالدور الذي يتخيله للوزارة في الفترة المقبلة قال: “أنا أتخيل أن عليها أن تدعم الآخرين، فليس من دورها أن تكون معنية بنشر الكتب، أو إدارة المتاحف والأوبرا حتى تُرضي السلطة. الوزارة عليها أن تدعم دور النشر الخاصة، وهذه قد تربح بعد سنوات، ولهذا فإن هناك ما هو أجدى أيضاً، مثل دعم المعارض الفنية، التي لا تحقق أرباحاً، والفن ميدان، وغيرها”.
وعلى مستوى الواقع السياسي كيف يمكن مواجهة التصعيد الإخواني المستمر والإصرار على إحراق البلد؟ وما رأيه في تكليف مجلس الوزراء لوزارة الداخلية بفض اعتصامي رابعة والنهضة؟ وما الحل عموماً في وجهة نظره لتلك الأزمة؟ يجيب: “ليست لديَّ حلول صريحة، وأنا متخوف من أن الصدام قد يقلب بالعكس، بمعنى أننا شعب عاطفي ومن السهل أن يميل إلى الجهة التي تُصدِّر المظلومية، وهناك أشخاص من حولي بدؤوا يتعاطفون مع الإخوان، قد يكونون متدينين، وقد يكونون معادين للدولة بطبعهم، أو للعسكر، ولكن لا بد أن نضعهم في حسباننا. في 30 يونيو لم يكن هناك أي تعاطف مع الإخوان على الإطلاق، وهم يستدرجون الناس. ربما لا نراهم، ولكنهم يصلون إلى الآخرين، فهناك قنوات أخرى ومواقع تواصل اجتماعية تغطي الاعتصام وتظهره متحضراً، وتلك هي الخطورة. ما أريد أن أقوله باختصار أنني لا أملك رأياً قاطعاً في مسألة فض الاعتصام بالقوة أو لا، ولكن ما أرغب فيه وأتمنى تحققه هو أن ينتهوا سياسياً، ولا يحصلون على كراس في أي انتخابات البرلمان المقبلة، وإذا حدث وترشح أحدهم للانتخابات الرئاسية فلا بد أن يحصل على أقل الأصوات. تلك هي الهزيمة الساحقة التي ستنهي وجودهم في رأيي، لأنهم لا يتحدثون سوى عن شرعية الصندوق والديمقراطية التي جاءت بهم، وأنت بهذا المعنى تقول لهم: هاردلك لك، اركنوا على جنب”.
يذكر أن لجنة تحكيم ساويرس قالت في حيثيات منح رواية ربيع “كوكب عنبر” الجائزة إنها رواية طموح لايقلد فيها كاتبها أحداً، يبدو صوتا روائيا مصقولا يدرك أدوات صنعته، ويتقن مفاهيم البناء الدرامي، وطبيعته من حيث اختيار اللحظة الروائية، والتطور الدرامي للأحداث والشخصيات، وطبيعة اللغة التي يكتبها ويستهدف تطويرها في آن. كما رأت اللجنة أن الكاتب احتفظ بالتقاليد الكلاسيكية في البناء والاهتمام بالحبكة ورسم الشخصيات وتطورها، وفي الوقت ذاته تمرد على هذه التقاليد، وصاغ لنا سرداً يعمد إلي كشف طبقات للحلم والأسطورة تحت جلد مدينة القاهرة العجوز.