حاوره: رضوان بن شيكار
حوار سريع الإيقاع، رشيق الحركة، يتنقل سريعا بين السيرة الذاتية المكثفة و أجمل الكتب وذكريات الكتابة و نوستالجيا المدن وحرق مراكب الإبداع إلى طقوس التأليف وأشباح الماضي و حدائق الاغتراب. هكذا يتحدث واحد من أبرز الأسماء على الساحة الروائية في مصر حاليا وهو الكاتب محمد بركة إلى الشاعر المغربي رضوان بن شيكار.
كيف تعرّف نفسك في سطرين؟
شخص ملول يعشق الكسل و التثاؤب في صباحات شتوية واهنة الضوء، لا يعجبه العالم فيحاول اختراع عالم مواز في رواياته وخيالاته.
ماذا تقرأ الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
أقرأ الآن رواية ” نساء الكرنتينا” للمصري نائل الطوخي وهى تنطوي على كثير من التجريب والدهشة وإن كان لي عليها مآخذ فنية . أجمل كتاب قرأته في السنوات الأخيرة رواية ” المولود من ذي قبل ” للروائي الأرجنتيني خوان خوسيه ساير بترجمة بديعة لمحمد الفولي.
متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتب؟
بدأت الكتابة في سن الثالثة عشرة حين أردت لفت نظر حبيبتي، فكتبت قصة قصيرة لتصل إليها محملة برسائل خفية. وأكتب لأن الخيال أجمل من الواقع.
ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
روما، متحف مفتوح وبشر لا مثيل لهم و ذكريات ماثلة في القلب.
هل أنت راض على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
أنا أكتب تاريخا جديدا للرواية العربية، ومع ذلك لم أصل للشعور بالرضا عما أكتب. عندي أكثر من مشروع روائي ينتظر اللمسة الأخيرة.
متى ستحرق أوراقك الإبداعية وتعتزل الكتابة؟
عندما ينتصر القبح نهائيا على الحساسية والجمال في هذا العالم.
ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
” البيت ذو العلية” لأنطون تشكيوف وهى قصة طويلة تمزج المشاعر العاطفية بأسئلة الفلسفة و التقدم و التفاوت الطبقي. ليس عندي طقوس في الكتابة سوى ارتشاف النسكافيه وربما وجود موسيقى هادئة في الخلفية البعيدة.
هل للمبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
يجب على المثقف أن يهبط من البرج العاجي و يتفاعل مع الواقع بشكل إيجابي، أما المبدع فعليه أن يسرع ويحتل المكان الشاغر بذلك البرج قبل أن يحتله الرعاع و الأوباش!
ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
اخرج إلى الشارع وأنت تعرف أن العالم لم يعد مكانا آمنا للعيش، العزلة شهد وجنة وذروة الحرية للكاتب. عندما كان البشر يصرخون من قيود وباء كورونا، كنت أتابعهم من وراء زجاج وأضحك ضحكة شريرة، فحياتي كلها عزلة ممتدة.
شخصية من الماضي ترغب لقاءها ولماذا؟
تشارلز داروين بلحيته العظيمة وعينيه الضيقتين حتى أعطيه السيجارة الملغمة وكوب الشاى وأهتف: أحلى اصطباحة لأحلى دماغ!
ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
كنت سأتخفف من أعباء مهنة الصحافة التي التهمت الكثير من طاقتي ومجهودي وتركيزي بلا طائل وأعطي تجربتي الأدبية المزيد من الوقت والهدوء
ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
أخشى أن يتحالف الاثنان ضد قلب محطم.
هل يعيش الوطن داخل المبدع المغترب أم يعيش هو بأحلامه داخل وطنه؟
ربما يكون هذا الأمر بمثابة “كليشيه ” مبتذل، لكن مصر تعيس فعلا بداخلي. إنها لعنتي الأبدية وجنتي الموعودة.
صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثنا عن روايتك : ” حانة الست” التي تتناول المسكوت عنه في حياة ام كلثوم . كيف كتبت وفي أي ظرف؟
هناك صورة مفبركة و كاذبة ومقدسة لأم كلثوم تجعل منها قديسة عاشت حياة مثالية في حين أنها تعرضت للتنمر و فجاجة المجتمع الذكوري ووُضعت تحت ضغوط طبقية وأنثوية ساحقة وتسلحت بالدهاء والمكر والتآمر في مواجهة العالم بقسوته…أم كلثوم الإنسانة لم يكتبها أحد قبلي وكتابتي مسئولة وموثقة بالمراجع و شهادة أم كلثوم نفسها
ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟
يكفى أنها تبعد عنك الميول الانتحارية.
كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
منطقية، فلقد صار العالم الافتراضي ندا قويا للعالم الواقعي.
أجمل وأسوأ ذكرى في حياتك؟
أجمل ذكرى سر حربي لا أستطيع التفوه بها، وأسوأ ذكرى تستدعى الكثير من الأسى فأفضل عدم التطرق إليها.