مجنون الإمبراطورية (5)

قصر ديولكتيانوس في كرواتيا
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

عبدالغني محفوظ

شخصيات المسرحية:

فيليب العربي

مارسيا اوتاسيليا سيفيرا الامبراطورة

فيليب الثاني نجل فيليب

سيفيرنا  ابنة فيليب

كوينتوس نجل فيليب الأصغر

يوليوس مارينوس والد فيليب

بريسكوس شقيق فيليب الأكبر

جورديان الثالث إمبراطور

تيميسيثوس : صهر الامبراطور وقائد الحرس الامبراطوري والمسؤول الفعلي عن الحملة ضد الساسانيين

ديسيوس: عضو مجلس الشيوخ وصديق فيليب وخلفه

جنود متدربون:

أدريان كاسيوس

كونسوس فليكس.

فلافيوس مارينوس.

أثو مارسيليوس.

أعضاء في مجلس الشيوخ وجنود وخدم ووصيفات

 

المشهد الأول

منزل في قرية بمنطقة حوران (مكان مدينة شهبا في سوريا الحالية). عندما يرفع الستار يبدو المنزل متواضعا حيث توجد في مواجهة الجالس في المسرح ردهة فيها ما يشبه المجلس المفروش بسجاد عليه حشايا صغيرة متناثرة أمام مساند ضخمة كالحة اللون من أثر الزمن. وتوجد على مائدة صغيرة منخفضة بعض الأواني. في شمال المسرح يوجد باب وفي يمينه يوجد آخر وفي خلفية المسرح يوجد باب كبير يمثل مدخل المنزل.

(يدخل بريسكوس ممسكا بيد فيليب وهما يحدقان في بعضهما البعض).

فيليب:                         منذ وصول رسالتك وأنا أنتظر أن تطرق الباب علينا في أي وقت.

بريسكوس:                   قلت لك إن الرحلة سوف تستغرق شهورا. أعتقد أنني كنت متعجلا في المجيء.

فيليب:                         لو كنت أتيت من نحو أربعة أشهر لكنت رأيت أمك وودعتها.

بريسكوس:                   أنا سيء الحظ. لو كنت كتبت لي لكنت أتيت في الحال.

فيليب:                         الرحلة تستغرق وقتا طويلا ولم يطل مرضها..ماهي إلا أيام وظننا أنها ستتعافى ولكنها غادرتنا فجأة.

بريسكوس:                   أتذكر آخر مرة رأيتها فيها..كم أنا حزين لأني لم أكن بجانبها في ساعاتها الأخيرة. كنت أتحرق لعناقها.

فيليب:                         وأيضا تعنيفها لك على عزوفك عن الزواج.

بريسكوس:                   كم أتوق لرؤيتها حتى لو عنفتني لساعات.. ولكن هل ذكرتني قبل وفاتها؟.

فيليب:                         كانت تذكرك باستمرار ولكن (يتردد قليلا) …دعك من هذ الهراء.

بريسكوس:                   كنت ستذكر شيئا ولكنك أحجمت.

فيليب:                         (ضاحكا) لا شيء يستحق الذكر..إنه حلم لأمك أثناء مرضها ولعله من تأثير المرض.

بريسكوس:                   أي حلم هذا؟.

فيليب:                         قالت إنها رأتنا أنا وأنت ونحن نمتطي جوادين وننطلق بهما في الصحراء حتى إذا وصلنا إلى قمة جبل شاهق سقط بنا الجوادان من منحدر صخري.

بريسكوس:                   (يضحك) أما زلتم تفسرون الحياة هنا بالأحلام. في روما يؤمنون بالسحرة والعرافين والسموم ولكنهم لا يأبهون كثيرا بالأحلام. الواقع هو ما تراه بعينيك وتمسكه بيديك وتشمه بأنفك.

فيليب:                         كيف تقارن الحياة في حاضرة الإمبراطورية ببلدة صغيرة على هامش العالم. حوران بعيدة عن روما بعد المشرق عن المغرب.

بريسكوس:                   روما شيء مختلف..إنه عالم آخر غير أي مدينة أو بلدة في العالم بأسره. بهرتني أنطاكية والمدن اليونانية ولكني لم أر مدينة مثل روما.

فيليب:                         أتخيلها عندما يسير موكب الإمبراطور تحف به مركبات النبلاء وأعضاء مجلس الشيوخ. هل الطرق هناك كبيرة جدا وتسع الكثير من المركبات التي تسير إلى جانب بعضها البعض؟.

بريسكوس:                   سوف تراها وتعيش فيها حتى تملها.

فيليب:                         أحقا يا أخي؟.

بريسكوس:                   طبعا..لقد أقنعت بعض أصدقائي بضمك للحرس الإمبراطوري وسوف تقضي بعض الوقت في التدريب ثم تلتحق بوحدة في الحرس.

فيليب:                         (في دهشة) الحرس الإمبراطوري نفسه؟.

بريسكوس:                   نعم.. الحرس الإمبراطوري. وماذا في ذلك؟.

فيليب:                         الحرس الذي يرافق الإمبراطور نفسه؟.

بريسكوس:                   نعم..لم أشأ أن أضعك في أحد الفيالق النائية حيث تعد الحياة صعبة وقاسية إلى حد كبير.

فيليب:                         وهل هناك أي معايير للالتحاق بالحرس الإمبراطوري؟. أخشى أن يكون طموحك لي دون إمكانياتي فأخذلك يا أخي.

بريسكوس:                   لو لم أكن أعرفك جيدا لما جرؤت على تقديم توصية لك. أنت أفضل وأكثر فطنة وذكاء من كثير ممن يحوطون بالإمبراطور نفسه.

فيليب:                         ويحك يا أخي..ستجعلني أزهو بنفسي حتى يصيبني الغرور.

بريسكوس:                   تواضعك الجم يخفي طموحا مشبوبا. المهم أن هذا الطموح ليس عبثا بل هناك ما يدعمه من القوة والذكاء والقدرة عل التصرف في المواقف الصعبة.

فيليب:                         أنا سعيد أنك تراني على هذا النحو حتى وإن لم يكن لذلك ظل من الحقيقة.

بريسكوس:                   (ضاحكا) أمثالك ممن يخفون طموحهم الجارف تحت قشرة من التواضع هم الأكثر إثارة للخوف لأنهم في النهاية يصلون إلى ما يريدون.

فيليب:                         لعلك تبالغ كثيرا.

بريسكوس:                   التواضع ليس شيئا سيئا..إجعله ديدنك مع من يعلوك رتبة ومكانة..وتظاهر دائما بأن أي نجاح لك إنما يعود لفطنته وإذا أردت أن تشير عليه أو تصحح له فلا تنس أن تشير إلى أنه هو من ألهمك هذا وأوحى به إليك من سابق معرفتك به.

فيليب:                         يا إلهي..كيف لفتى من حوران التي تقع على حافة العالم أن ينجح في روما.

بريسكوس:                   بسيفك ودرعك وفطنتك..أغلب من تراهم على قمة الإمبراطورية شقوا طريقهم بالسيف والدرع وقليل من الفطنة..ألم تسمع بقول الأم اليونانية التي قالت لابنها الذاهب إلى الحرب: عليك أن تعود إلي بدرعك أو تعود محمولا عليه.

فيليب:                         لاشك أن التدريب يكون شاقا.

بريسكوس:                   أكثر مما تتخيل. ولكن إذا ميزت نفسك في التدريب ومعركة أو معركتين فقد تصبح قائدا لمئة أي تقود مئة جندي وتبدأ في طريق الصعود. ويمكن أن تجد نفسك يوما قنصلا أو تصعد إلى عرش الإمبراطورية وترتدي الثوب الأرجواني.

فيلبيوس:                     يا إلهي..لاشك أنك تسخر مني يا أخي الحبيب..هل تعتقد أنني طموح إلى هذا الحد.

بريسكوس:                   حاشا الآلهة أن أسخر منك.

فيليب:                         لنقل إنك تمازحني.

بريسكوس:                   ولا هذا أيضا. بل أعني كل كلمة قلتها. الجميع شقوا طريقهم إلى القمة وأنت لا تقل عنهم. ولكن قل لي أين أبي؟.

فيليب:                         إنه في الخارج.

بريسكوس:                   ألم يتوقف عن مغامراته الليلية؟.

فيليب:                         لم يتوقف..ولكنه لم يعد يخرج كثيرا الآن..منذ وفاة أمي لم يعد كما كان بل يبدو زائغ النظرات ولم يعد يلقي بالا لكثير من الأمور التي كان يهتم بها من قبل.

بريسكوس:                   أريد أن أتحدث إليه.

فيليب:                         لا تشغل نفسك قد يعود في أي وقت. دعني آتك بشيء تتناوله.

 

المشهد الثاني

نفس المكان

صوت خيول يأتي من الخارج ويندفع يوليوس مارينوس من باب المنزل.

مارينوس:                      عندما رأيت الجياد علمت أن ضيفنا العزيز وصل إلى الديار. منزلي المتواضع  محاط بالجياد والحرس كأنه قصر الإمبراطور.

بريسكوس:                   (يخرج من الباب الجانبي ويحتضن أباه بينما يخرج في إثره فيليب) مرحبا يا أبي..كيف حالك؟.

مارينوس:                      أمضى في الحياة كما أنا حتى تنيخ القافلة.

بريسكوس:                   (ضاحكا) أنت يا أبي دائما تحب أن تتكلم كالشعراء.

مارينوس:                      وماذا في ذلك. أليست حوران بأرض الشعر والشعراء؟.

بريسكوس:                   لتهنئ فيليب فسوف يلتحق بالحرس الإمبراطوري.

مارينوس:                      أحقا..هذا خبر طيب..ولكن هل ستتركانني هنا وحدي في حوران؟.

بريسكوس:                   من الأفضل أن تأتي معنا إلى روما. روما عالم آخر غير حوران. سوف تبتهج بالحياة فيها وتجد ما يشغلك طوال اليوم. هناك الألعاب والمصارعة وسباقات العربات وموكب الإمبراطور وكل يوم ستجد ما هو جديد.

مارينوس:                      أنا .. أترك حوران لأعيش في روما؟. شيخ عرب هنا في حوران يذهب للعيش في روما حيث لا يعرفه أحد ولا يحفل به أحد.

بريسكوس:                   يجب أن تستريح من عناء الحياة هنا في هذه الأرض التي لا يعيش فيها أحد إلا مضطرا ومجبرا.

مارينوس:                      لم يعد في الحياة ما يستدعي التنقل والقيام برحلة طويلة إلى روما.

بريسكوس:                   بل هناك ما يستدعي الخلود إلى الراحة والدعة.

مارينوس:                      أنا هنا شيخ عرب في قبيلتي وصاحب كلمة مسموعة فهل ستعينونني إمبراطورا إذا حضرت إلى روما (ضاحكا)؟.

بريسكوس:                   أنت أكبر من أن تكون إمبراطورا يا أبي..أنت إله من أهم الآلهة.

مارينوس:                      بما أنني إله فالإله يجب أن يكون حرا كيف وأين يعيش وأنا اخترت هذه البقعة التعيسة التي لا يوجد فيها آلهة لكي أشملها بعطفي الإلهي (ضاحكا). روما على الأقل فيها الكثير من الآلهة.

بريسكوس:                   ولكن..ولكن يا أبي (بضحكة مصطنعة) أنت تشمل بعطفك الإلهي أماكن أخرى أثناء الليل وهذا ليس من شيم الآلهة الطيبين.

مارينوس:                      قل إن هذا هو ما تلف وتدور من أجله. لماذا لا تتكلم بطريقة مباشرة؟.

بريسكوس:                   أعذرني يا أبتاه ولكن الأوضاع الجديدة تستدعي تغييرا كبيرا. أنت تعرف موقعي في روما ولاشك أنك فخور بي وبما حققته من نجاح. ابنك فيليب الآن سيلتحق بالحرس الإمبراطوري وقد يصير قنصلا أو عضوا في مجلس الشيوخ ولكن هناك شيء صغير يمكن أن يحول كل ذلك إلى كابوس.

مارينوس:                      جولاتي الليلية مع رفاقي الذين تطلقون عليهم قطاع الطرق.

بريسكوس:                   (في حالة من اليأس) حاشا الآلهة أن ينطق بها لساني..ولكن لما نتهرب من الواقع؟.

مارينوس:                      ومن قال لك إن الإمبراطورية فيها شرفاء. كلهم لصوص من الإمبراطور إلى أعضاء مجلس الشيوخ إلى القناصل إلى قادة الجيوش إلى حكام المناطق. من قال لك إن الإمبراطورية هي مثال الشرف والفضيلة؟.

بريسكوس:                   ربما يكونون لصوصا ولكنهم ليسوا ضعفاء ولا أحد يجرؤ على أن يقول لهم ذلك.

مارينوس:                      من ناحية الحرص على مصالح الإمبراطورية فنحن لا نقترب أبدا من معسكراتهم ولا جباة الضرائب لديهم، ليس خوفا منهم ولا من الإمبراطورية ولكن من قبيل احترام قطاع الطرق لمناطق نفوذ زملائهم (ضاحكا).

بريسكوس:                   إذا كثر مثل هذا الكلام فقد يرسلون تجريدة إلى هنا وتكون كارثة وفضيحة لنا وللقبيلة كلها.

مارينوس:                      اللص الذي يسرق آلاف الآلاف من الديناريوس لا يحفل كثيرا بلص صغير يسرق بقرة أو حصانا.

بريسكوس:                   المسألة لا ينظر إليها على هذا النحو..بل هم ينظرون إلى ذلك مهما صغر حجمه على أنه يؤدي إلى عدم استتباب الأمن وقد يؤدي في مرحلة ما إلى التمرد والعصيان. أكثر الذين تمردوا على الإمبراطورية وشقوا عصا الطاعة واستدعوا تجييش الجيوش كانوا في البداية من صغار اللصوص وقطاع الطرق.

مارينوس:                      لا ترتع هكذا. أبوك لن يتمرد على الإمبراطور طالما كنت أنت وأخوك تستظلان بظلال الإمبراطورية الوارفة.

بريسكوس:                   ما يثير حنقي أنك لست في حاجة إلى ذلك يا أبي..لديك من الأملاك والأراضي والأموال والعبيد ما يكفي. وإذا احتجت إلى أي شيء يمكنني أن أرسل لك ما يزيد عن حاجتك.

مارينوس:                      أنا لا أفعل ذلك من أجل المال..بل يمكنك أن تقول إنها هواية وتزجية لأوقات الفراغ. ألا يقضون وقت فراغهم هناك في اللهو ومشاهدة المصارعة والألعاب..نحن هنا ليس لدينا مثل هذه الاشياء. ألا يحق لنا أن نلهو قليلا (ضاحكا).

بريسكوس:                   هذا اللهو يمكن أن يكون باهظ الثمن لي ولفيليب. ثم إنك لن تخسر كثيرا لو كففت عنه وشغلت نفسك بغيره.

مارينوس:                      أنا أصبحت رجلا مسنا ينظر إلى العالم من ثقب الباب وينتظر النهاية ربما بقليل من الشوق والتطلع للراحة الأبدية.

بريسكوس:                   لن تشعر بهذه المشاعر السلبية لو أتيت معنا إلى روما. وستجد من مظاهر اللهو وسبله ما يشغلك عن كل شيء.

مارينوس:                      ناقة عجوز لا تحتمل وعثاء السفر من الأفضل أن تظل في مربضها حتى تنفق.

بريسكوس:                   ليس أمامك خيار يا أبي..إما أن تأتي معنا أو تتوقف تماما عن جولاتك الليلية.

مارينوس:                      أعتقد أنني مضطر لقبول الثانية.

بريسكوس:                   هل تقسم على ذلك؟.

مارينوس:                      أقسم بالإلهة لافيرنا (1) (يضحك بصوت عال).

بريسكوس:                   بل أقسم بكل الآلهة ما عدا لافيرنا.

مارينوس:                      أقسم لك بكل آلهة الرومان واليونان والعرب ألا افعل ذلك ثانية.

بريسكوس:                   أشكرك يا أبي (يتقدم منه ويعانقه بحرارة).

 

المشهد الثالث

مركز التدريب في روما وهو ساحة واسعة خالية تبرز منه بعض قطع الخشب التي زرعت في الأرض مثل عجز شجرة مقطوعة. ومجموعة من الجنود يتدربون على قتال بعضهم البعض بالسيوف بينما تجلس على الأرض مجموعة أخرى.

فيليب:                         (داخلا يلهث) يا له من يوم. كم كان صعبا. بودي لو انتهى التدريب بأسرع ما يمكن.

متدرب أول:                  تشكو من أسبوع واحد. مازال أمامك خمسة عشر أسبوعا قبل أن تؤدي القسم وتصبح جنديا في الإمبراطورية الرومانية.

فيليب:                         التدريب شاق أكثر مما كنت أتخيل.

متدرب ثان:                  من أين جاء الرفيق؟.

فيليب:                         من حوران في سوريا في المقاطعة العربية الرومانية.

متدرب ثان:                  أهي قرية أو مدينة؟.

فيليب:                         مدينة صغيرة أشبه بالقرية.

متدرب أول:                  أنت عربي إذن.

فيليب:                         نعم.

متدرب أول:                  الإمبراطورية تفضل الجنود القادمين من الريف والقرى والبلدات الصغيرة الذين سبق أن تعاملوا مع الأدوات ولم تفسدهم المدينة بمباهجها الناعمة.

متدرب ثالث:                أتوقع لك حظا طيبا يا صاح. ستحبك الإمبراطورية كثيرا (يضحك) ولكن لا تشكو من التدريب.

متدرب أول:                  لو سمعك المقاتل الذي يدربك فقد يتأفف منك ويتعامل معك بلا مبالاة وقد تخفق في اختبار نهاية التدريب.

متدرب أول:                  ما اسمك يا رفيق؟.

فيليب:                         أنا اسمي ماركوس يوليوس فيليبوس.

متدرب أول:                  وأنا اسمي أدريان كاسيوس.

متدرب ثان:                  أنا اسمي  كونسوس فليكس.

متدرب ثالث:                أنا اسمي فلافيوس مارينوس.

متدرب رابع:                  أنا أثو مارسيليوس.

فيليب:                         (يسحب سيفه ماضيا) سعدت بكم يا رفاق.

 

المشهد الرابع

كاسيوس وفليكس ومارينوس ومارسيليوس يجلسون ويدخل عليهم فيليب.

فيليب:                         مرحبا يارفاق.

الجميع:                        مرحبا.

مارينوس:                      سمعت أنك تبلي في التدريب بلاء حسنا.

فيليب:                         أنا أفعل ما بوسعي مثلما يفعل الجميع هنا.

مارينوس:                      العربي يحب الإمبراطورية.

فليكس :                       هو فيليب العربي لنسمه فيليب العربي.

فيليب:                         أنا روماني مثلك.

فليكس:                        مهما يكن فلن نناديك إلا بفيليب العربي.

مارسيليوس:                 على أي حال ليس العرب كلهم برابرة بدليل أنك تجالسنا وتتدرب معنا (ضاحكا).

فيليب:                         (ضاحكا) انا أفكر في مسير غد. أن تحمل 70 رطلا وتسير عشرين ميلا لهو أمر شاق بعض الشيء.

مارسيليوس:                 كل التدريب شاق وهذا هو السبب في أننا بمجرد أن نضع رؤوسنا على الأرض حتى ننام نوما عميقا إلى أن نسمع البوق في صباح اليوم التالي.

فيليب:                         أنا لا أنام بمجرد أن أضع رأسي على الأرض مثلكم..وإذا ما استغرقني النوم أرى أحلاما غريبة من حوران وأشجارها وشوارعها.

فليكس:                        روحك مازالت تطوف بالمكان هناك.

فيليب:                         هذا صحيح..ولكني حلمت حلما غريبا أمس.

فليكس:                        لعلك حلمت بفتاة جميلة تداعبك. ولكن لا تقلق فالعاهرات كثيرات في شوارع روما. وعندما تلتحق بفيلق مهما كان مكانه ستجد العاهرات دائما حولك.

فيليب:                         لم يكن حلمي عن الفتيات ولا علاقة له بهن من قريب أو بعيد.

مارينوس:                      هل حلمت أنهم عينوك مثلا حاكما لحوران.

(الجميع يضحكون)

فيليب:                         بل رأيت نفسي أرتدي الثوب الأرجواني وأركب المركبة الإمبراطورية يحف بي كبار رجال الدولة في مركباتهم…

(الجميع ينطلقون في الضحك)

مارسيليوس:                 ثم استيقظت على صوت البوق.

فيليب:                         لا..مررت ببحيرة وكانت مليئة بالدماء وبها أشلاء بشر يصرخون صراخا مريرا يطلبون الغوث ولمن لا أحد يغيثهم.

مارينوس:                      يا للهول..هذا حلم يمكن أن يؤدي إلى إعدامك أو نفيك على الأقل. إنه إرهاق التدريب الذي يجعل جنديا متدربا من حوران يحلم بعرش الإمبراطورية.

مارسيليوس:                 الرومان ينظرون إلى العرب على أنهم برابرة..كل الشعوب تقريبا برابرة بالنسبة للرومان.

مارينوس:                      ربما الاستثناء الوحيد هم اليونانيون ولكن الرومان لا يعاملونهم كأنداد.

فليكس:                        قرأت عن حوران أمس يقال إنها كلها من البازلت والصخور البركانية.

فيليب:                         هذا غير حقيقي. بل بها واحات جميلة بها الكثير من أشجار الفاكهة والزيتون والعيون المائية.

فليكس:                        هل تحبها أكثر من روما؟. وهل هناك عاهرات وخمور وألعاب مثل روما؟.

فيليب:                         ليس فيها كل شيء موجود في روما ولكنها موطني الذي عشت فيه سنوات.

مارسيليوس:                 على أي حال يا رفيق لا تحلم مثل تلك الأحلام مرة أخرى ولا تتحدث عنها لأنها قد تضرك أكثر مما تنفعك.

مارينوس:                      عليك أن تقنع بأن تكون جنديا يخدم الإمبراطورية ويجب أن تكون سعيدا لأنك حصلت على الجنسية الرومانية بفضل تشريع الإمبراطور كاراكالا الذي اعتبر كل الرجال الأحرار في الإمبراطورية مواطنين رومان.

فيليب:                         أسرتنا من الرومان قبل تشريع كاراكالا.

مارينوس:                      هل تعرف أن أي شخص لا يحمل الجنسية الرومانية يتعين عليه أن يخدم في الأسطول 25 عاما براتب متدن لكي يحصل عليها.

فيليب:                         أعرف ذلك.

مارينوس:                      (ناهضا) لنذهب يا رفاق وغدا نلتقي في المسير الطويل.

 

المشهد الخامس

234 ميلادية

باحة منزل في روما. يبدو مدخل المنزل فخما وبه الكثير من الستائر التي تغطي مداخل غرف جانبية تؤدي إلى البهو. يخرج فيليب من خلف إحدى الستائر في زي الحرس الإمبراطوري وهو مستغرق في قراءة ورقة. يدخل ديسيوس فيحاول فيليب أن يخفي الورقة.

ديسيوس:                     ما الذي تقرأ  يا صديقي.

فيليب:                         إنها ورقة.

ديسيوس:                     أي ورقة..هل تخطط لمؤامرة أو شيء من هذا القبيل.

فيليب:                         إنها مؤامرة فعلا..ولكن ليس من النوع الذي يدور في خيالك.

ديسيوس:                     قل لي أي مؤامرة وسأكون طرفا فيها معك حتى لو كانت فيها نهاية حياتي.

فيليب:                         إنها مؤامرة لا يجوز أن يشاركني فيها أحد. مؤامرة عاطفية.

ديسيوس:                     يا للهول..هل في بلادكم يتآمرون من أجل نيل القلوب..لا أجد شيئا في الحياة يستحق التآمر لنيله سوى عرش روما.

فيليب:                         هل تعتقد فعلا أن العرش يستحق التآمر لنيله؟.

ديسيوس:                     وما الذي يمكن أن يتآمر المرء لنيله سوى عرش روما..هل يتآمر لنيل قلب امرأة أو قطعة أرض على هضبة بالاتين يشيد عليها قصرا. العرش نفسه بلي من كثرة صعود المتآمرين إليه.

فيليب:                         (ضاحكا في حذر) لا تنس أنك تتحدث إلى رجل في الحرس الإمبراطوري مهمته أن يحمي العرش من أي مؤامرة.

ديسيوس:                     لا تنس أنت أيضا أنك تتحدث إلى حاكم سابق وعضو حالي في مجلس الشيوخ ولكن ما هذه الورقة التي تقرأها. هل تقرأ قانون الزواج أو تبحث عن الضرائب التي سيخففونها عنك بعد الزواج؟.

فيليب:                         (يتوقف عن قراءة الورقة) بصراحة لا أخفيك القول..تعرف أنني لا أجيد الكلام..وأنا أحاول أن أحفظ بعض الأشعار لكي أقولها لها.

ديسيوس:                     يا للهول..أعرف أنك في الفصاحة والإقناع لست يوليوس قيصر..بل أنت فضيحة عندما تتحدث ارتجالا ولكن ربما ينطبق هذا على أمور العمل والسياسة ..غير أنه في الأمور العاطفية يجب أن تتحدث بما تشعر به دون سابق إعداد. أترك مشاعرك تقد لسانك.

فيليب:                         هذا صحيح ولكني لم أتحدث إليها من قبل.

ديسيوس:                     إسمع..أمور الزواج تمضي هنا بطريقة مختلفة عن المنطقة التي أتيت منها إن كان لي أن أخمن مما قرأت عنها..ليس هناك سهر ولا تنهيدات ولا عزف موسيقى تحت نافذة المحبوبة ولا أي شيء من كل هذا. هنا الزوج ما هو إلا ترتيبات بين الأسر لزيادة الثروة والنفوذ.

فيليب:                         أعرف ذلك.

ديسيوس:                     ولكن من هي العروس المحظوظة. أرجو أن تكون اخترت فتاة تليق بزي عضو في الحرس الإمبراطوري الذي ترتديه وليست واحدة من العوام أو الإماء المحررات.

فيليب:                         إنها ابنة حاكم مقدونيا ومويسيا السابق.

ديسيوس:                     (يصفر) هكذا..إنك لصياد ماهر. وكيف وقعت عليها؟.

فيليب:                         كانت تسير مع بعض رفيقاتها خارجة من المدرج وابتسمت لي عندما نظرت إليها.

ديسيوس:                     أهذا كل ما في الامر؟.

فيليب:                         سألت عنها بعد ذلك وعرفت اسمها وأسرتها. وأرسلت لها رسولا فكان الرد بالإيجاب.

ديسيوس:                     مازلت في البداية..متى تطمئن إلى أن الزيجة تمت؟. عندما تخرج من منزلك في موكب كبير وتذهب إلى منزل أسرتها لتراها بين صويحباتها تجلس في كامل زينتها وقد غطت وجهها بغطاء برتقالي شفيف فتحملها وتعود بها في نفس الموكب إلى منزلك.

فيليب:                         أحملها؟.

ديسيوس :                    أقصد ترافقها..ولكنك ستحملها بالفعل لتعبر بها عتبة منزلك لأنه لا يسمح للعروس بعبور عتبه زوجها إلا وهو يحملها. يقال إنه فأل سيء لو سمح لها بعبور العتبة بنفسها. وعلى أي حال رجل مثلك كان يقطع عشرين ميلا وهو يحمل متاعه الذي يصل وزنه إلى 70 رطلا لن يعاني كثيرا في حمل عروسه بضع خطوات.

فيليب:                         هل تعتقد أنني يجب أن أبلغ الإمبراطور ألكسندر سيفيروس.

ديسيوس:                     ليس مطلوبا منك أن تبلغه فحسب بل تطلب موافقته ويمكن أن يرفض.

فيليب:                         هل يمكن أن يحدث ذلك فعلا؟.

ديسيوس:                     أنا أتحدث على سبيل الافتراض..هو بالطبع سيوافق ولكن من حقه أن يعترض لأنك جندي في الحرس الإمبراطوري ويجب ألا يمثل زواجك أي مساس بأمنه أو أمن الإمبراطورية.

فيليب:                         سوف أبلغه وأطلب موافقته.

 

المشهد السادس

 242 ميلادية

منزل بريسكوس

بريسكوس وفيليب

بريسكوس:                   بعد أسبوع من الآن سنخرج في حملة لقتال الفرس مع الإمبراطور جورديان الثالث. ودع أولادك وزوجتك وأعد عتادك وفرسك.

فيليب :                        أليس شيئا طيبا أن تكون معي في نفس الحملة.

بريسكوس:                   أنا رتبت لذلك. على الأقل نساعد بعضنا البعض.

فيليب:                         كنت أتمنى لو أخذت أسرتي معي.

بريسكوس:                   ليس جيدا أن تكون مشغولا بأسرتك وأنت تقاتل عدوا شرسا مثل الفرس.

فيليب:                         (هامسا) ولكن هل يمكن لهذا الإمبراطور اليافع أن يقاتل الفرس.

بريسكوس:                   سيكون الاعتماد على والد زوجته تيميسيثوس قائد الحرس الإمبراطوري فهو من أسرة من الفرسان ومسؤول كبير في الإمبراطورية بعد القران الإمبراطوري.

فيليب:                         هذا يلقي على كاهلنا بعبء ثقيل.

بريسكوس:                   ولكنها أيضا فرصة طيبة لتظهر لهما مهارتك في القتال.

فيليب:                         بالتأكيد سوف أفعل..وداعا.

بريسكوس:                   وداعا (يخرج فيليب).

 

المشهد السابع

معسكر في بلاد ما بين الرافدين

خيمة بريسكوس

فيليب يدخل ويحيي الحرس

فيليب:                         (لبريسكوس) تيميسيثوس يبدو مريضا.

بريسكوس:                   هل رأيته بنفسك أم نقل إليك أحد هذه الانباء؟.

فيليب:                         بل رأيته بعيني وتحدثت إليه.

بريسكوس:                   ماذا قال لك؟.

فيليب:                         أثنى علي وقال إني أبليت بلاء حسنا في القتال.

بريسكوس:                   وماذا بشأن مرضه؟.

فيليب:                         لا أدري ولكن يبدو عليه الإجهاد.

بريسكوس:                   (هامسا) ما رأيك أن تحل محله.

فيليب:                         (مندهشا) هل جننت يا أخي..كيف أحل محله..هل نعزله..وكيف؟ إنه صهر الإمبراطور والإمبراطورية كلها في قبضته لأن جورديان مجرد صبي صغير لا يدري من أمره شيئا.

بريسكوس:                   هل حدثك عن طبيعة مرضه؟.

فيليب:                         أذكر أنه قال لي إنه مصاب بالإسهال.

بريسكوس:                   سوف أرى..ولكن استعد لتحل محله.

فيليب:                         كيف ذلك بحق الآلهة؟.

بريسكوس:                   لا شأن لك بذلك ولكن لا تتحدث لأحد عن الأمر.

فيليب:                         أخي..أرجو ألا تأتي عملا متهورا يعرضنا وأنت للخطر.

بريسكوس:                   لا تقلق..أنا أعرف ما أفعل. لتكن مطمئنا أننا أبعد ما نكون عن الخطر.

 

المشهد الثامن

خيمة بريسكوس

رجل يدخل ملثما

الرجل:                          طلب مني أن أزورك متخفيا يا سيدي.

بريسكوس:                   مرحبا بطبيب الإمبراطور.

الرجل:                          مرحبا بك يا سيدي.

بريسكوس:                   أريد أن أعرف منك..كيف حال تيميسيثوس؟.

الرجل:                          إنه مريض ولكنه يتعافى.

بريسكوس:                   ماذا لو لم يتعاف؟.

الرجل:                          نحن نفعل ما في وسعنا.

بريسكوس:                   أقصد..نحن ليس لدينا وقت لانتظار تعافيه.

الرجل:                          تقصد أنني يجب أن أعجل بعلاجه ليتعافى بسرعة.

بريسكوس:                   (يتمشي في الخيمة وهو يتحدث ثم يركز عينيه على الطبيب بقوة) نحن في موقف صعب والأمور تحتاج إلى الحزم وليس أمامنا وقت لانتظار تعافيه.

الرجل:                          نحن نعطيه الدواء ونتمنى أن يشفى بسرعة.

بريسكوس:                   هذا ليس وقت التمنيات..مصير الإمبراطورية في خطر وعلى كل عاقل أن يفعل ما يمليه عليه الواجب وليس هناك وقت لانتظار تعافي أحد.

الرجل:                          (في ذهول) ماذا تعني يا سيدي؟.

بريسكوس:                   أنت رجل الإمبراطورية اختارته ليساعد في إنقاذها.

الرجل:                          أعتقد أنني لا أفهمك يا سيدي.

بريسكوس:                   بل تفهمني جيدا ولكنك تتعامى عما أقصده.

الرجل:                          (متمهلا) هل تقصد……؟.

بريسكوس:                   نعم هذا هو ما أقصده.

الرجل :                         ولكن يا سيدي.

بريسكوس :                  ليس هناك ولكن. الوضع لا يحتمل والتضحية واجبة. مثلما تخدم الإمبراطورية ستخدمك وكما تضحي من أجلها فلن تنسى تضحياتك.

الرجل:                          ليكن ما تراه يا سيدي. ولكن لو انكشف الأمر…

بريسكوس:                   لن ينكشف الأمر أبدا وعليك أن تثق في وعدي. ما الذي يشكو منه المريض؟.

الرجل:                          الإسهال الشديد.

بريسكوس:                   لا تعطيه دواء الإسهال بل أعطه أي دواء آخر وعليه قليل من هذا الدواء (يعطيه قنينة صغيرة) لا تنس للحظة أنك إنما تخدم الإمبراطورية. نحن كلنا هنا نخدم الإمبراطورية وعلى كل منا أن يفعل ما بوسعه حتى لو ظل ما يسديه للإمبراطورية مجهولا.

الرجل:                          نعم يا سيدي..وداعا (يخرج من الخيمة).

 

المشهد التاسع

خيمة بريسكوس

(فيليب يدخل متهللا)

بريسكوس:                   قبل أن تروي لي أي شيء دعني أنا أروي لك ما حدث.

فيليب:                         (ضاحكا) هل كنت تقف خلف الخيمة وتتنصت علينا؟.

بريسكوس:                   أنا من طلب من الإمبراطور أن يرقيك لتحل محل تيميسيثوس كقائد للحرس الإمبراطوري والشخص الثاني في الإمبراطورية.

فيليب:                         (مندهشا) أحقا فعلت ذلك؟.

بريسكوس:                   نعم..لماذا تبدو مندهشا..الرجل مات وأصبح مكانه شاغرا. وأنا اقترحت على الإمبراطور فوافق على الفور.

فيليب:                         ولكنك يا أخي كنت أولى بهذا المنصب مني.

بريسكوس :                  أنظر يا أخي..أنا كما ترى لم أتزوج..لقد أضعت حياتي في خدمة الإمبراطورية وأنت أخي الأصغر وبمثابة ابن لي..فلماذا لا تحصل أنت على المنصب؟.

فيليب:                         (يعانقه) أنا لم أجد في الحياة من هو أكثر منك حبا لي.

بريسكوس:                   أنت إنما تواصل نجاحي وتقدمي..أنا أشبه بحصان وصل إلى نهاية المرحلة وكما تعرف تغيير الجياد يكون حتميا في هذه الحالة. الآن علينا أن نتعامل مع هذا الغلام بقدر من الحزم وإلا وضعنا في مأزق.

فيليب:                         تقصد الإمبراطور يا أخي؟.

بريسكوس:                   ومن أقصد غيره. علينا أن نوجهه وهذا يضيف إلينا مزيدا من الأعباء..إننا من هذا المعسكر نتحمل عبء إدارة الإمبراطورية وعلينا أن نقول له ما يصح وما لا يصح.

فيليب:                         ولكن هل يمكن أن نوجه الإمبراطور؟

بريسكوس:                   مازال غلاما صغيرا..كان وجود تيميسيثوس يعفينا من هذا العبء ولكن بوفاته وقع على كاهلنا ولا مفر من القيام بدورنا.

فيليب:                         الإمبراطور شاب فخور بنفسه وعنيد.

بريسكوس:                   إنه غلام أخرق لا خبرة لديه في القتال ولا في الحياة وليس أمامه سوى أن يستجيب لتوجيهاتنا.

فيليب:                         ولكن ماذا لو أصر على الزحف إلى طيسفون عاصمة الساسانيين؟.

بريسكوس:                   علينا أن ندرس الأمر ونرى ما هو الصواب وننصحه.

فيليب:                         وماذا لو ركب رأسه وأصر على موقفه.

بريسكوس:                   في هذه الحالة يكون قد قضى على نفسه.

 

المشهد العاشر

خيمة فيليب

جندي:                         (يدخل الخيمة) أثو مارسيليوس يريد أن يتشرف بالمثول في حضرتكم يا سيدي.

فيليب:                         دعه يدخل في الحال (ينهض واقفا).

مارسيلوس:                   سمعت أنك تريد تشريفي بالحديث إلي.

فيليب:                         يعانقه..بل الشرف لي أنا (يعطيه كأسا) أفضل النبيذ يخرج لأعز الأصدقاء.

مارسيليوس:                 هذا شرف كبير لي يا سيدي.

فيليب:                         هل تذكر أيام مركز التدريب؟.

مارسيليوس:                 طبعا أتذكرها جيدا. كنت أنت دائم الشكوى من صعوبة التدريبات ولكنك كنت تبزنا جميعا.

فيليب:                         من كان يتوقع أن يلتقي اثنان من الأصدقاء القدامى في هذه الحملة المجنونة بعد كل هذه السنوات.

مارسيليوس:                 إنها الأقدار التي تجمع الأصدقاء بعد أن يتفرقوا في فجاج الأرض.

فيليب:                         سعدت كثيرا عندما عرفت أنك معنا في الحملة.

مارسيليوس:                 أنا سعدت أكثر.

فيليب:                         ألا تعرف أخبار الزملاء القدامى الذين كانوا معنا في معسكر التدريب.

مارسيليوس:                 تابعتهم لبعض الوقت ولكن مشاغل الحياة أخذتني بعيدا عنهم. بعضهم ذهب إلى جيش الدانوب والبعض الآخر ذهب إلى الشرق.

فيليب:                         ولكن كيف ترى الأمور هنا. رجل فطن مثلك لاشك له تقييمه للوضع الحالي.

مارسيليوس:                 أرى أن الأمور لا تمضي على ما يرام. هزيمتنا الأخيرة على يد شابور في ميسيشي أحبطت الجنود. طبعا بفضل جهودك أنت وجهود أخيك أتمنى أن يتم تصحيح الموقف.

فيليب:                         ولكن هذا الغلام يبدو متهورا..مما يؤسف له أن يمرض تيميسيثوس ويتوفى ونحن في هذه الحملة.

مارسيليوس:                 حزنت كثيرا لوفاته.

فيليب:                         حزني عليه كان أشد من حزني على أبي..لقد عمل أخي معه طويلا وعملت أنا أيضا معه وكان بمثابة المرشد والمعلم لنا. لديه بصيرة وعقل راجح يفتقده هذا الغلام الذي لم يخبر شيئا في الحياة.

مارسيليوس:                 أنت حللت محله وتقوم بدوره على أكمل وجه.

فيليب:                         هذا صحيح ولكن تيميسيثوس كان موضع ثقته باعتباره صهره لا يناقشه ولا يجادله فيما يوجهه إليه.

مارسيليوس:                 هذا صحيح.

بريسكوس:                   ما أخشاه أن يركب دماغه ويصر أن يأخذ الجيش إلى طيسفون.

مارسيليوس:                 هل يفكر في ذلك بالفعل؟.

بريسكوس:                   هذا ما سمعته. الجيش منهك يتجرع مرارة الهزيمة الأخيرة في ميسيشي وأنا أخشى أن يهلك الجيش ويضيع جزء كبير من هيبة الإمبراطورية.

مارسيليوس:                 لا أعتقد أن الإمبراطورية ستعاني طالما كان فيها رجال من أمثالك وأمثال أخيك بريسكوس.

فيليب:                         ولكننا لا يمكن أن نخالف أوامره وإلا اعتبر ذلك تمردا وعصيانا للأوامر.

مارسيليوس:                 نعم..هذا هو المأزق الحقيقي.

فيليب:                         هذا هو ما دفعني للجوء اليك.

مارسيليوس:                 (في حال من الدهشة) أنا؟.

فيليب:                         لا تستهن بموقعك في قلبي أو في الحملة. دعني أملأ لك الكأس (يملأ كأسه).

مارسيليوس:                 وماذا أملك أنا؟.

فيليب:                         ألست أنت المسؤول عن الإمدادات؟.

مارسيليوس:                 بلى يا سيدي..ولكن ما علاقة الإمدادات برعونة الإمبراطور.

فيليب:                         أنت لديك القمح الذي يعتمد عليه الجيش في طعامه..أليس كذلك؟.

مارسيليوس:                 نعم يا سيدي..ولكن ما علاقة….

فيليب:                         (يقاطعه بسرعة) ماذا لو أبعدت السفن قليلا في نهر الفرات لبضعة أيام حتى يتسنى لنا تليين دماغه وإقناعه أن اجتياح عاصمة الساسانيين لن يكون نزهة.

مارسيليوس:                 وما شأن القمح بتليين دماغه؟.

فيليب:                         سوف يثور الجنود عليه إذا جاعوا ويعرف أنه ليس قويا كما يخيل له فيلين لنا ونمضي في الحملة كما يجب وليس على طريقته الرعناء.

مارسيليوس:                 ولكن الجنود قد يقتلونه..أنت تعرف الجنود خيرا مني..لاهم لهم إلا ملأ بطونهم ويمكن أن يقتلوا أهليهم لو جاعوا.

فيليب:                         لن تصل الأمور إلى هذا الحد..ولنفترض أنها وصلت..هل نضحي بالإمبراطورية من أجل فرد مهما علا شأنه..ماذا فعل الرومان عندما هدد يوليوس قيصر الجمهورية؟.

مارسيليوس:                 قتلوه.

فيليب:                         نحن حريصون على ألا يمسه أذى ولكن كل ما نريده هو مصلحة الإمبراطورية والجنود.

مارسيليوس:                 هل هناك من يعرف بهذا الحديث هنا؟.

فيليب:                         أقسم لك بكل الآلهة ولا حتى أخي. أنت تعرف جيدا أنك تخدم الإمبراطورية والإمبراطورية لا تنسى أبدا من يخدمونها.

مارسيليوس:                 أعلم يا سيدي..وداعا. غدا سأنفذ ما اتفقنا عليه.

 

المشهد الحادي عشر

بعد بضعة أيام

خيمة فيليب

جندي:                         (على باب الخيمة) بعض الجنود يريدون لقاءك يا سيدي.

فيليب:                         دعني أخرج إليهم (يمضي إلى الخارج) أيها الجنود..أيها الرومان..عليكم بالصبر لبعض الوقت. القمح سيصل غدا أو بعد غد. أعرف أنكم تعانون. أنا أيضا أعاني مثلكم. ليس في خيمتي كسرة خبز ولا حبة قمح. أدخلوا فتشوا بأنفسكم (يفسح لهم الطريق ولكن لا أحد يتحرك للدخول. يشير لجنديين) تقدم هنا وأنت أيضا..أدخلا الخيمة وفتشاها جيدا. (الجنديان يترددان) هذا أمر واجب التنفيذ فورا (الجنديان يدخلان). لقد ذهبت إلى خيمة أخي بريسكوس..قلت لعل لديه بضع حبات من القمح..فماذا وجدت..لقد أعطى القليل من القمح الذي كان لديه لجندي يقف على باب خيمته. آثره على نفسه وهو الآن يتضور جوعا أكثر مني ومنكم.

الجنديان:                     (يخرجان) ليس في الخيمة أي شيء سوى الماء.

فيليب:                         أقسم لكم بجميع الآلهة أن الأمر سيحل اليوم أو غدا باكرا (يتفرقون).

 

المشهد الثاني عشر

خيمة فيليب

بريسكوس:                   (داخلا في حال من الاهتياج) هذا هو الوقت. عليك أن تذهب إليه وتتحدث معه. كن قويا وصريحا وتأكد وأنت تتحدث إليه أنك صاحب اليد العليا.

فيليب:                         سأمضي إليه حالا.

 

المشهد الثالث عشر

فبراير 244

خيمة الإمبراطور

جورديان الثالث:            ماذا أسمع يا فيليب..هل هناك حقا نقص في الإمدادات والقمح؟.

فيليب:                         نعم يا سيدي.

جورديان الثالث:            وما سبب ذلك؟. يقولون إن سفن القمح كانت موجودة في مكان قريب ثم اختفت.

فيليب:                         هذا صحيح يا سيدي.

جورديان:                      وكيف تفسر هذا الأمر؟.

فيليب:                         أعتقد أنها تعرضت لهجوم أو وقعت في الأسر فقد أرسلت جنودنا لاستطلاع الأمر ولكنهم لم يجدوها.

جورديان:                      يقولون إن مارسيليوس أيضا اختفى.

فيليب:                         آه..مارسيليوس المسكين. أخشى أن يكون قد وقع في الأسر هو الآخر.

جورديان:                      أي جرأة تلك أن يعتدي الساسانيون على سفن إمداداتنا في الفرات. إن غدا لناظره لقريب. سوف نهدم طيسفون فوق رؤوسهم.

فيليب:                         سيدي الإمبراطور..الوصول إلى طيسفون ليس نزهة في الخلاء…وكيف تذهب إلى طيسفون بجنود يتضورون جوعا؟.

جورديان:                      هذا السؤال عليك أنت أن تجيب عليه وليس أنا.

فيليب:                         سيدي الإمبراطور..نحن نمر بموقف عصيب ..المسؤولية عبء عليك وأنت تعمل طوال الوقت ولا تعطي لنفسك قسطا من الراحة..أنت بحاجة إلى من يتحمل المسؤولية معك.

جورديان:                      أنتم كلكم هنا تتحملون المسؤولية معي وتأتمرون بأمري وكلنا نفعل ما في صالح الإمبراطورية.

فيليب:                         طبعا يا سيدي ولكن ثقل المسؤولية يلزم من يحمل معك جزءا منها.

جورديان:                      كل فرد هنا من الإمبراطور إلى أصغر جندي ينهض بمسؤوليته وكل فرد يعرف ما عليه.

فيليب :                        بالطبع يا سيدي..ولكن لماذا لا يكون هناك اثنان يتحملان مسؤولية الإدارة بدلا من فرد واحد. أليس في ذلك تخفيف العبء والاستنارة بأكثر من رأي والتشاور المفيد فيما يجدي؟.

جورديان:                      ما الذي تقصده؟.

فيليب:                         أقصد..أقصد لماذا لا نكون أنا وأنت شركاء في تحمل المسؤولية.

جورديان:                      تقصد أن تكون شريكي في الحكم.

فيليب:                         ليس هذا هو مطمحي الشخصي. ولكن ساعتها سأكون عونا لك وأتحمل المسؤولية معك فلا تثقل كاهلك.

جورديان:                      هل جننت..هل تريد أن تغتصب موقع الإمبراطور؟.

فيليب:                         لم أقصد ذلك أبدا يا سيدي، بل قصدت تقسيم المسؤولية بين فردين أنا وأنت. نستشير بعضنا البعض ويؤازر كل منا الآخر حتى نصل للقرار السليم.

جورديان:                      أنت أصابتك لوثة أيها العربي البربري (يخرج مهتاجا ويقف أمام الخيمة) أيها الرومان..أيها الجنود..هذا العربي البريري يريد أن يغتصب عرش روما. أيها الرفاق فلتحموا إمبراطوركم.

فيليب:                         أنا ما سعيت لاغتصاب الحكم بل كل ما طلبته من الإمبراطور أن أشاركه النصيحة نظرا لحداثة سنه وانعدام خبرته بالقتال وعدم معرفته بدهاء الأعداء.

جورديان:                      بل أراد أن يقاسمني الحكم.

فيليب:                         وما العيب في ذلك. إذا ثقلت المسؤولية على شخص وكل كاهله عن حملها فلماذا لا يتحملها شخصان؟.

جورديان:                      ولكني أنا الإمبراطور ولا أحب أحدا أن يقاسمني في سلطتي أو ينازعني إياها.

فيليب:                         لا أحد يجرؤ على أن ينازعك سلطتك يا سيدي..ولكني ما قصدت سوى مصلحة هؤلاء الجنود الذي عانوا الأمرين ومازالوا يعانون من جراء انعدام خبرتك وقلة درايتك بالقتال.

جورديان:                      إذن عليك أن تقوم بذلك وأنت في موقعك الحالي.

فيليب:                         يا سيدي الإمبراطور..أنت لا تشعر بالجنود لأن خيمتك بها ما لذ وطاب ولكن هؤلاء الجنود يتضورون جوعا وأنت تريد أن تسوقهم للقاء العدو وبطونهم خاوية لتكون نهايتهم.

جندي أول:                   (يشير إلى فيليب) هذا الرجل صادق فقد فتشنا خيمته ولم نجد بها حبة قمح واحدة. لم نجد بها سوى الماء.

جورديان:                      أنا لم أنكر أن خيمتي بها ما لذ وطاب.

جندي ثان:                   أنت أيها الإمبراطور لا تفكر إلا في نفسك.

فيليب:                         هل يمكن أن يسمح لكم أن تفتشوا خيمته كما فتشتم خيمتي؟.

جندي ثالث:                 أنت تعيش منعما ولا تدري من أمرنا شيئا ولكن فيليب يشعر بنا وبمعاناتنا وجراحنا فهو واحد منا.

جندي رابع:                   وماذا لو تقاسم معك الحكم والمسؤولية؟ وماذا فيها؟.

جورديان:                      أيها الجنود أنا الإمبراطور..فكيف تسمحون لعربي بربري أن يقاسمني عرش الإمبراطورية الرومانية.

فيليب:                         أنا لست بربريا بل أفخر بأنني روماني مثلك ومثل هؤلاء الجنود وإن كنت ولدت بعيدا عن روما، إلا أن حبي لها ولجنودها يملأ قلبي. ثم إن ما يعنيني من اقتراحي ليس مصلحتي الشخصية بل مصلحة هؤلاء الجنود الذي تنكبت بهم أنت الطريق السوي وتريد أن تسوقهم إلى شابور وهم في حالة من التداعي والجوع لكي يذبحهم ذبح الشياه. هؤلاء أبناء روما الذين حملك شعب روما مسؤولية الحرص على حياتهم وإعادتهم إلى أهليهم في سلام وأمان وليس التضحية بهم في معارك لن نجني منها النصر بل مرارة الهزيمة وضياع الأرواح البريئة.  أيها الجنود لمن تصوتون: لي أم له؟.

الجنود :                        (يهتفون) فيليب..فيليب.

فيليب:                         أرأيت؟.

جورديان:                      ليكن..لنتقاسم عرش الإمبراطورية..ليكن.

فيليب:                         للأسف أضعت الفرصة..لقد أضعت نصيبك في عرش الإمبراطورية.

جورديان:                      (مذهولا) ماذا؟. أنت طلبت أن تشاركني العرش وأنا منحتك ذلك.

فيليب:                         كان ذلك من دقائق ولكن الآن لم يعد لك حصة في العرش.

جورديان:                      كيف لم يعد لي حصة في العرش؟.

فيليب:                         لقد اقترحت عليك ذلك في البداية ورفضت. الآن على أن استشير الجنود: هل تقبلون بأن يشاركني الحكم؟.

الجنود:                         (في صوت جماعي) لا نقبل أبدا.

جورديان:                      إذن لتجعلني قائدا يأتمر بأمرك ويدين لك بالطاعة والولاء.

فيليب:                         ومن أدراني أنك لن تطعنني من الخلف؟.

جورديان:                      الطعن من الخلف ليس شيمة الرومان الحقيقيين وإنما هو نقيصة تلتصق بالبرابرة.

جندي:                         (يقترب من الإمبراطور فجأة شاهرا سيفه) وما جدوى الحياة بالنسبة له إذا كان قد خسر عرشه (يهوى على رقبة الإمبراطور بالسيف فتسقط رأسه. الجميع يصمتون وكأن على رؤوسهم الطير لبعض الوقت).

جندي:                         (بصوت عال والجنود يكررون خلفه وهم يرفعون سيوفهم) يحيا الإمبراطور فيليب..يحيا الإمبراطور فيليب..يحيا الإمبراطور فيليب العربي.

 

المشهد الرابع عشر

خيمة الإمبراطور

جندي:                         (يدخل إلى الخيمة) سيدي الإمبراطور..أثو  مارسيلوس يطلب الاجتماع بكم.

فيليب:                        دعه يدخل على الفور.

مارسيلوس:                   السفن تقترب من هنا..قلت للجنود إننا تعرضنا لهجوم من مفرزة من الجنود الساسانيين ودخلنا معهم في معركة وقتل منا بعض الجنود وظللنا نناورهم في نهر الفرات إلى أن هربنا بالسفن.

فيليب:                         هذه كذبة طيبة.

مارسيلوس:                   ولكننا اضطررنا لقتل بعض جنودنا.

فيليب:                         لا بأس بالتضحية ببعض الجنود لكي تعيش الإمبراطورية. ولكن كم جنديا قتلتم؟.

مارسيلوس:                   ستة عشر جنديا.

فيليب:                         (في دهشة) ألا يعد هذا العدد كبيرا؟.

مارسيلوس:                   كانوا كلهم على سفينة واحدة في المؤخرة وأعطينا بعض جنودنا دروع الفرس وجعلناهم يصعدون إليها على حين غرة ليقتلوا ويصيبوا اثنين أو ثلاثة، ولكن جنديا رومانيا تعرف على زميل له وناداه باسمه فاضطررنا إلى قتل الجميع حتي لا يفشي أحد السر.

فيليب:                         لا بأس. لا بأس أن يذهب البعض لكي ننقذ الجيش والإمبراطورية من شر مؤكد.

مارسيلوس:                   أرى أنك أصبحت الإمبراطور..وكانت الخطة أن نضغط على الشاب اليافع لكي يلين دماغه كما اتفقت معي..ولكنكم خرجتم على الخطة وقتلتموه.

فيليب:                         من المحزن أن الأمور سارت سيرا سيئا أثناء غيابك..ولم يكن من وسيلة لإقناعه بالعدول عن قناعاته الطائشة. ثم إن الجنود هم الذين قتلوه.

مارسيلوس:                   وأين أجد نفسي في كل هذا؟.

فيليب:                         مكانك محفوظ وما أسديته للإمبراطورية من جميل لن يضيع هدرا بل ستحصل على مكافئتك بأكثر مما يدور بخيالك.

مارسيلوس:                   سأنتظر وأرى.

فيليب:                         لست بحاجة للانتظار. بمجرد أن نصل روما سوف أصدر مرسوما بتعيينك حاكما لموريطنية القيصرية (2).

مارسيلوس :                  هذا كرم كبير منك يا سيدي.

فيليب:                         تعال معي (يأخذه ويخرج إلى باب الخيمة) أيها الرومان ..أيها الرفاق..هذ الرجل ناور بمؤنتكم مع الساسانيين الذين أرادوا إغراقها وضحى بجنوده من أجلكم..ليذهب نفر منكم إلى النهر ليأتوا بالمؤن ولتحملوا جثث رفاقكم الذين لاقوا حتفهم وهم يدافعون عن مؤنكم ويدافعون عن مجد الإمبراطورية ولتواروهم الثرى بشكل لائق يجدر بجنود قتلوا وهم يدافعون عن مجد روما وسؤددها.

الجنود:                         يحيا الإمبراطور فيليب العربي.. يحيا أثو مارسيلوس.

فيليب:                         سوف أصدر اليوم مرسوما إمبراطوريا بالدوناتيفا لجلوسي على عرش الإمبراطورية وسوف تكون سخية.

الجنود:                         يحيا الإمبراطور فيليب العربي..يحيا الإمبراطور فيليب العربي.

 

المشهد الخامس عشر

خيمة بريسكوس نفس الليلة

بريسكوس:                   لتتناول كأسا معي..فليس كل يوم يشارك المرء إمبراطورا شرابه.

فيليب:                         لن تتخلى أبدا عن عادتك في المزاح والسخرية مني.

بريسكوس:                   (يعطيه كأسا ويمسك بآخر) يا للهول..وهل يجرؤ ضعيف مثلي على السخرية من الإمبراطور.

فيليب:                         على أي حال أنت الذي صنعتني..أنت الذي جعلتني إمبراطورا..وعندما تسخر مني فإنما تسخر مما صنعته.

بريسكوس:                   بل أنا سعيد بما فعلته ولكن من الآن فصاعدا عليك أن تتصرف كإمبراطور.

فيليب:                         وهل رأيتني تصرفت كجندي أو عبد.

بريسكوس:                   ما قصدته هو أن تبادر باتخاذ القرارات ولا تنتظر مني أن أوجهك.

فيليب:                         أنا لا يمكنني أن أستغنى عن مشورتك ونصيحتك.

بريسكوس:                   ولكنك صاحب القرار من الآن..لا بأس أن تستشيرني ولكن لا يجب أن يتجاوز الأمر ذلك. بل يجب أن تبادر أنت باتخاذ القرارات حتى لو كان رأيي غير ذلك.

فيليب:                         هذا هو ما حملني على المجيء إليك. إنه قرار خطير ووجدت أن على أن أشركك فيه.

بريسكوس:                   لا بأس في ذلك ولكن أرجو أن أنبهك أنه لا يوجد قرار خطير بالنسبة للإمبراطور مهما بدا خطيرا للآخرين.

فيليب:                         لا تنس أنك تعمل الآن مستشارا للإمبراطور.

بريسكوس:                   (ضاحكا) أفضل الا أكون أنا بالذات مستشارك.

فيليب :                        (ضاحكا بصوت عال) لماذا أنت بالذات؟.

بريسكوس:                   لأن المستشار يقدم مقترحات وأفكارا واراءا للإمبراطور الذي قد يتصرف وفقا لها أو يرفضها كلية..ولكنك ستتعامل مع مقترحاتي على أنها واجبة النفاذ وهذا هو اسوأ ما يمكن أن يفعله أمبراطور.

فيليب:                         (ضاحكا) لا تستسلم للغرور وتعتقد أنك المستشار الوحيد للإمبراطور..هناك عشرات غيرك.

بريسكوس:                   كل ما أرجوه ألا يضيعوك كما ضيعوا سلفك.

فيليب:                         هل تقارنني أنا بذلك الصبي الغر. الورطة التي أجد نفسي فيها الآن والتي هي من صنعه لا حل لها سوى إبرام سلام مع شابور الأول لكي أخرج الجيش من هذا المأزق.

بريسكوس:                   هذه خطوة طيبة ولكن احذر فالساسانيون مفاوضون صعبو المراس.

فيليب:                         لابد من تقديم تنازلات. لقد أرسلت اليهم وفدا بالفعل.

بريسكوس:                   وهل عاد الوفد.

فيليب:                         نعم..نقترب من إبرام اتفاق..سندفع لهم خمسمئة ألف ديناري ونترك لهم آسيا الصغرى كمنطقة نفوذ لهم.

بريسكوس:                   ألا يعد ذلك كثيرا.

فيليب:                         لم يقبلوا بأقل من ذلك..كانوا يطالبون بمصر وضعف هذا المبلغ من المال ولكن مفاوضينا رفضوا فلا يمكننا الاستغناء عن مصر من أجل القمح أما آسيا الصغرى فليست لها أهمية كبرى بالنسبة لنا.

بريسكوس:                   للساسانيين ثأر مع حكام آسيا الصغرى ولن يغفر لنا تخلينا عنه. قد يخيف ذلك حلفاءنا ويجعلهم لا يثقون بنا في المستقبل.

فيليب:                         ومن قال لك إنني سأكون ملزما بالاتفاق الذي أبرمه معه. أريد ان أعود إلى روما بسرعة لكي أحصل على موافقة مجلس الشيوخ على منصبي كإمبراطور.

بريسكوس:                   لا تنس الهدايا التي ستعطيها لمجلس الشيوخ.

فيليب:                         تقصد الرشاوى..كل شيء أعددته. سوف آخذ رماد جثمان جورديان الثالث معي وأرسلت لمجلس الشيوخ بالفعل خطابا للبدء في مراسم تأليهه.

بريسكوس:                   أنا الآن مطمئن أنك ستعمر في موقع الإمبراطور لسنوات طويلة قادمة.

فيليب:                         سنوات طويلة؟..وكأنني سأعيش ألف عام..المرء عادة لا يعيش أكثر من مئة عام.

بريسكوس:                   لماذا لا تكون أنت بداية سلالة ممتدة تحكم روما لعقود وربما لقرون.

فيليب:                         روما أشبه بفرس جامح يصعب ترويضه. ما صعد إلى ظهرها أحد إلا وسقط محطما إلا قلة قليلة.

بريسكوس:                   ولماذا لا تكون أنت من هذه القلة القليلة..أنت فارس من أسرة فرسان ولن يستعصي ترويضها عليك.

فيليب:                         لقد خطر لي أمر الآن.

بريسكوس:                   ما هو؟.

فيليب:                         أن أكلف الجنود ببناء ضريح رمزي لجورديان الثالث حتى ينتفي أي شك في أنه مات متأثرا بمرضه كما كتبت لمجلس الشيوخ.

بريسكوس:                   لقد أصبحت تسبقني في التفكير الشرير. أنت التلميذ الذي تفوق على أستاذه.

فيليب:                         لا تبالغ كثيرا فيأخذني الغرور.

بريسكوس:                   لا أبالغ..بعض الناس لا يحتاجون أكثر من أن تضعهم على بداية الطريق وأنت منهم يا أخي.

فيليب:                         أشكرك رغم ما في كلامك من قسوة.

 

المشهد السادس عشر

مجلس الشيوخ

فيليب:                         (واقفا أمام أعضاء المجلس) ها هو رماد جثمان إمبراطورنا العظيم جورديان الثالث الذي فتح بوابات جانوس واستعاد من الفرس مدينتي حران ونصيبين (3) وانتصر على الساسانيين في معركة ريسينا (4) وطارد الفرس حتى فروا أمامه يعبرون الفرات وهم لا يلوون على شيء. لو رأيتموهم يخوضون في ماء النهر فرارا بحياتهم من سيفه البتار لأدركتم أي ابن شجاع وأي فارس مغوار خسرت روما وخسرت الإمبراطورية وخسرنا جميعا. ما فتئت صورته وهو يرفع سيفه ويصول به ويجول بين الفرس لا تغادر مخيلتي. كان يعتزم السير إلى عاصمتهم طيسفون حتى يجعلها أثرا بعد عين لولا عاجله الموت ليرفعه إلى مصاف الآلهة ليجلس بينهم مكرما. كل ما أتمناه أن أسير على هديه وأتم ما بدأه كي يستريح في العالم الآخر ويهنأ بما حاز من مكانة رفيعة بين كبار الآلهة.

عضو 1:                        ولكن لماذا قبلت بهذه الغرامة الضخمة التي سندفعها للفرس؟. ومن أنابك في التفاوض عن الإمبراطورية؟.

فيليب:                         جيشنا كان في موقف صعب بعد هزيمتنا في موقعة ميسيشي (5) ولم يكن هناك حل غير التفاوض مع الفرس. كانوا يطالبون بمصر وأرمينيا وضعف هذا المبلغ ولكن هذه أقل تنازلات قدمناها لكي ننقذ الجيش من هذا المأزق ونستعيد الكثير من أسرانا. المبلغ الذي دفعناه كان بهدف تحرير الأسرى من يد الفرس. ما كنت أنا لأنام ساعة وأسرة رومانية تشعر بالقلق عندما تتخيل ابنها يباع في طيسفون ليصبح عبدا في الإمبراطورية الساسانية. أما فيما يتعلق بوضعي الحالي فقبل وفاة الإمبراطور جورديان متأثرا بمرضه طلب مني أن أحل محله ونادى بي الجند إمبراطورا عليهم ولكني اعتبرت كل ذلك مجرد إجراءات تفرضها الضرورة والحاجة إلى وجود شخص يتولى القيادة في انتظار أن يقول مجلس الشيوخ ممثلا عن الشعب الروماني كلمته.

عضو 2 :                       أي أنك يا سيدي كنت إمبراطور الضرورة وتريد الآن أن تكون إمبراطور الأمر الواقع.

فيليب:                         الأمر يعود لمجلسكم الموقر.. أنتم من تمثلون الشعب الروماني.

عضو 3:                        (هامسا لجاره) من ماكسينيموس البربري إلى فيليب العربي البربري..ماذا بقي من الإمبراطورية بعد أن أصبح يقودها البرابرة؟.

عضو4:                        (هامسا) لتصمت بحق الآلهة وإلا حرمنا من هدايا الإمبراطور وعطاياه وربما نالنا أذى لم يخطر على ذهنك.

عضو 5:                        ولكن هل أنت متأكد أنك لم تتعجل مهادنة الفرس لتعود إلى روما وتحظى باعتماد مجلس الشيوخ؟.

فيليب:                         ومن قال ذلك يا سيدي؟.

عضو 5:                        لم يقلها أحد في الواقع ولكن ربما تدور في أذهان البعض ونحن نريد أن يكون كل شيء واضحا لا لبس فيه وأن يصوت أعضاء المجلس وهم مقتنعون.

فيليب:                         أنا لم أتعجل مهادنة الفرس ولم أبرم السلام معهم من أجل مغنم شخصي ولا أريد أن يقال يوما إن جيش روما هو الذي وضعني على عرش الإمبراطورية. وها أنا ذا جئت لأقف أمامكم بزي القتال أحمل درعي وسيفي كما كنت في الميدان وليس بثوب الإمبراطور الأرجواني. الإمبراطور الراحل وجيش روما فوضاني بقيادة الإمبراطورية وهو ما أعتبره إيثارا ما بعده إيثار من جيش روما أن يتخلى عن قائده لشعب روما. غير أنني أعتبر هذا التفويض مؤقتا ومشروطا بموافقتكم. إنني لا أطالب بأكثر من إقرار مجلس الشيوخ أو رفضه بعد أن أقرني الجيش الذي سالت دماؤه دفاعا عن هذه الإمبراطورية.

عضو 6:                        نحن نقرك على عرش روما..هل من معترض بينكم أيها الشيوخ الإجلاء. أي معترض يرفع يده.

عضو 7:                        لا اعتراض هناك..إلينا بثوب الإمبراطور الأرجواني ولنحتفل بإمبراطورنا الجديد ونشرب نخبه.

 

المشهد  السابع عشر

مجلس الشيوخ

عضو 1:                        (لجاره) أنا لم أر صفاقة كهذه في حياتي. كيف يعتبر السلام مع الفرس إنجازا بعد هذا الاتفاق المذل؟.

عضو 2:                        هو قال إنه كان مضطرا إليه لإنقاذ الجيش ولاستعادة الأسرى.

عضو 1:                        يبدو أنك لم تر العملات التي صدرت اليوم في روما..أنظر هذه (يخرج عملة معدنية ويضعها في يده). إنه يعلن السلام مع الساسانيين على العملات وكأننا لا نعرف حقيقة الأمر.

عضو 2:                        (مدققا في العملة) يا للهول..الإمبراطور يستغفلنا. على أي حال قل لي ومن يجرؤ على معارضته وإعلان الحقيقة له؟.

عضو 1:                        ولكن متى كان الاستسلام المصحوب بدفع جزية ينظر إليه على أنه سلام.

عضو 2:                        إن وضع ذلك على العملة سيجعلها فضيحة.. إنه كمن يقول للناس انظروا كم أنا فاشل.

عضو 1:                        من يعش في روما يرى العجائب. دعنا نر ما لديه اليوم فهو كل يوم يخرج بجديد.

فيليب:                         وقعت اليوم قرارا بتعيين جابوس مارينوس بريسكوس حاكما لبلاد ما بين الرافدين وقائدا للشرق.

عضو 1:                        (هامسا لعضو 2) هذا شقيقه.

عضو 2:                        أصمت وإلا سمعنا. أبناء الصحراء سمعهم حاد جدا.

عضو 3:                        هذا شقيقك يا سيدي..أليس كذلك؟.

فيليب:                         نعم هو شقيقي ولكنه من أكثر فرسان الإمبراطورية كفاءة..وساعدني كثيرا في إخراج الجيش من أزمته في ميسيشي. هل لديكم اعتراض على القرار؟.

عضو 3:                        لا يا سيدي فأنا أول المؤيدين.

فيلبب:                         هذا قرار آخر عن تعيين سيفيرانوس لقيادة القوات في مويسيا ومقدونيا.

عضو 4:                        أعتقد أن هذا الرجل هو صهرك.

فيليب:                         نعم هو شقيق الإمبراطورة. ولكنه من أكفأ رجال الإمبراطورية. هل من معترض على هذه القرارات؟.

عضو 5:                        (متلفتا حوله) لا اعتراض هناك بالمرة. الكل موافق.

 

المشهد الثامن عشر

قصر الإمبراطور

(أعضاء مجلس الشيوخ يقفون في البهو وبيدهم الكئوس. وشخص يدخل إليهم).

الرجل:                          لدي رسالة للإمبراطور.

عضو في المجلس:         وما هي رسالتك؟.

الرجل:                          أنا أتيت للإمبراطور بعينات من العملات الجديدة التي أمر بسكها له وكذلك للإمبراطورة وللقيصر فيليب الثاني لكي يقرها قبل أن نبدأ طرحها.

فيليب:                         (داخلا من غرفة أخرى) عليك أن تذهب بكل هذه العينات إلى الإمبراطورة وتأخذ موافقتها على كل منها. ما توافق عليه سكوه وما ترفضه غيروه ولا تطرحوا أي عملة في السوق إلا بعد موافقتها عليها.

الرجل:                          نعم يا سيدي.

فيليب:                         سنحتفل بألفية روما احتفالا يبهر الشعب الروماني ويعلن للعالم أننا أقوى إمبراطورية على وجه الأرض. سيعرف العالم أن روما هي سيدة العالم وستظل سيدة العالم.

عضو 1:                        ولكن من أين لنا بالمال والأوضاع المالية صعبة؟.

فيليب:                         سندبر أموال الاحتفال من الضرائب. نحن نحتفل بمرور ألف عام على وجود روما وعظمة روما. ويجب أن تكون الاحتفالات والألعاب على قدر المناسبة.

عضو 2:                        لنحتفل يا سيدي لنحتفل..فليس كل عام يمر ألف عام على بناء روما..ومن يدري ربما في الألفية التالية لا تكون الإمبراطورية موجودة.

فيليب:                         لماذا التشاؤم..رغم كل التهديدات والمتاعب فسوف تتغلب عليها روما كما تغلبت عليها دائما. روما التي صمدت ألف عام في وجه الزمن يمكن أن تصمد ألفين بل ثلاثة آلاف عام أخرى.

عضو 3:                        وهل ستحتفل معنا يا سيدي الإمبراطور بالألفية القادمة؟.

(الجميع يضحكون)

فيليب:                         طالما كنت معكم..فلا تقلقوا على مصير الإمبراطورية. أنتم في أيد أمينة لن تضيعكم.

عضو 4:                        (هامسا لعضو 5) هل هناك ضياع بعد ما نعيشه..الناس تشكو في الشوارع من ارتفاع الأسعار وتدني مستوى المعيشة.

عضو 5:                        (هامسا لعضو 4) الاحتفالات والألعاب يقصد منها إلهاء الشعب عما يعصف به.

عضو 4:                        (هامسا لعضو 5) ولكن هل تنسي الألعاب الناس جوعها ومتاعبها..إنه مجرد شراء للوقت وهروب إلى الأمام.

عضو 6:                        أخشى ما أخشاه يا سيدي الإمبراطور أن تحدث اضطرابات في روما بسبب المتاعب الاقتصادية. لم يعد في خزائن القمح ما يكفي لتوزيع إعانة الحبوب على عوام روما. هذا قد يثير الغوغاء ضدنا ويعرضنا لثورتهم.

فيليب:                         وما جدوى الجيش إذا ثار الغوغاء؟.

عضو 7 :                       لا يمكن استخدام الجيش في إسكات أناس يطالبون بالطعام. لم يحدث شيء كذلك في روما من قبل.

عضو 9:                        الجيش يا سيدي للدفاع عن الحدود وقتال العدو وليس لقتال أناس يطالبون بحقهم المشروع في الحياة.

فيليب:                         إذا كنت تتحدث عن الحق المشروع في الحياة..فهل من حق كل من هب ودب أن ينجب الأولاد بلا حساب ثم يطلب من الإمبراطور إعالتهم. ليس هذا من شيم الرومان ولا أخلاقهم.

عضو 78:                     إعانة الحبوب يا سيدي لفقراء الرومان تضمنها الدولة ولا يمكن تجاهلها.

فيليب:                         ولكن القائمة تضخمت..أين المسؤول عن إعانة الحبوب.

(رجل يتقدم منه)

الرجل:                          أنا يا سيدي.

فيليب:                         هل تعرف عدد من يحصلون على إعانة الحبوب وكم تكلف الإمبراطورية؟.

(الرجل يبهت ولا يحر جوابا) أنا أعرف عددهم وأعرف كم يكلفون الدولة بالأوري الواحد.

الرجل:                          أنت الإمبراطور يا سيدي ولاشك أنك تعرف أكثر مما يعرف أي روماني.

فيليب:                         عليك بتخفيض عدد من يتلقون الإعانة..أريد خفضها إلى النصف.

الرجل:                          ولكن…

فيليب:                         هذا أمر. ألم يسبق ليوليوس قيصر أن خفضها؟.

الرجل:                          لكنه قتل يا سيدي.

فيليب:                         لم يقتل بسبب خفض عدد من يتلقون إعانة الحبوب بل بسبب تعديه على قيم الجمهورية.

الرجل:                          ولكنه فأل سيء يا سيدي.

فيليب:                         أنا لا أؤمن بهذه الخرافات. عندما تتحسن الأحوال سنزيد الأعداد ونضاعف الإعانة.

الرجل:                          ليكن ما تراه يا سيدي.

 

المشهد التاسع عشر

مجلس الشيوخ

فيليب:                         لا أريد أن أخيفكم ولكننا نمر بمأزق اقتصادي صعب ولدينا تحديات كبرى للغاية فالأعداء يتربصون بنا من كل جانب..الفرس بقيادة شابور الأول إلى الكاربي إلى القبائل الجرمانية إلى القوط إلى الأليمانيين..كل هؤلاء يتمنون أن يروا روما تسقط.

عضو 13:                     روما لن تسقط ولن ينال الأعداء منها طالما كانت تسير في الطريق الصحيح، ولكن التخبط وسوء الإدارة هو ما يمكن أن يوردها موارد التهلكة.

فيليب:                         ليس هناك تخبط وليس هناك سوء إدارة.

عضو 13:                     الكل يخشون أن يتحدثوا ولكن يا سيدي الإمبراطور.. ولكن نحن باعتبارنا ممثلي شعب روما من واجبنا أن نشير إلى الأخطاء عندما نراها واضحة جلية.

فيليب:                         بالطبع هذا مطلوب منكم بل إني أدعوكم إليه وأشجعكم عليه. وأي أخطاء يا سيدي السناتور تلك التي تريد أن نصححها؟.

عضو 13:                     الناس يا سيدي تعاني معاناة شديدة في الحصول على معاشها وأنت تنفق ببذخ في الوقت الذي لا يجد البعض من أبناء الشعب قوت يومه.

فيليب:                         أنا لا أنفق ببذخ كما تقول بل أنت الذي تشوه مسيرة هذه الإمبراطورية عندما تطعن في مشاريعنا وخططنا سواء فيما يتعلق بالحرب أو إدارة الشؤون الأهلية.

عضو 13 :                    أنا لا أشوه مسيرة الإمبراطورية بل كل ما أريده لها النجاح.

فيليب:                         بل تهمس لرفاقك طوال الوقت بأن الإمبراطور يبدد الأموال العامة في مشاريع تخصه ولا تعني المواطنين.

عضو 13:                     الناس كلها تتحدث عن المدينة الجديدة التي تبينها في سوريا. هل هي الأولى بالإنفاق أم إطعام الجوعى الفقراء في روما.

فيليب:                         إطعام الجوعى والفقراء لا يستلزم وقف كل مشاريعنا. هل نتوقف عن بناء الطرق وترميم المعابد وبناء خزان المياه الكبير في روما لكي نكرس كل مواردنا لإطعام الجوعى والفقراء.

عضو 7 :                       ربما أمكننا أن نستغني عن بعض المشاريع أو نرجئها حتى تتحسن الأمور.

فيليب:                         هذا ما وعدتكم به عندما قبلت المسؤولية بتكليف من مجلس الشيوخ. امنحوني بعض الوقت وسوف ترون مالم تروه من قبل. سوف تذهلون مما ترونه ولا تصدقون أن ما تعيشونه هو واقع بل حلم. سترون روما جديدة تماما ولن تصدقوا كيف ولا متى حدث ذلك.

عضو 16                       (هامسا لجاره) كم هو كثير الوعود قليل الإنجازات. لا تأخذ منه إلا الكلام.

عضو 19                      (هامسا) تخيل ان هذا الرجل هو أفضل رجل في جيش روما وإلالما قدموه عليهم وجعلوه إمبراطورا.

عضو 20                      (في همس) يا صديقي، هذا ليس جيش الجمهورية. هؤلاء الجنود لا تشغلهم روما ولا مستقبلها ولا أمجادها بل تشغلهم بطونهم وما سيدخلها.

عضو 2:                        ربما كانت بعض وجوه الإنفاق غير منطقية وهي سبب الأزمة المالية التي نعانيها.

فيليب:                         نحن لا ننفق إلا وفقا للاحتياجات الضرورية وتسيير أعمال الإمبراطورية.

عضو 3:                        المدينة الجديدة في سوريا تعد عبئا كبيرا على ميزانية الدولة.

فيليب:                         المدينة لم تكلف ميزانية الإمبراطورية أي شيء فكلها تبنى من مادة البازلت الموجودة في المنطقة.

عضو 4:                        حتى لو كانت تبنى من مواد محلية..على ما أسمع يا سيدي ففيها منشآت فخمة للغاية تضارع بل تفوق ما هو موجود في حاضرة الإمبراطورية مثل المسارح والقصور والحمامات ويقال إنك وضعت فيها الكثير من التماثيل لك وللأسرة. وكل هذه أعباء لأننا ندفع أجور النحاتين والعمال وتموينهم أيضا في هذه البقعة النائية.

فيليب:                         ألا تحبون أن يكون لإمبراطوركم مدينة باسمه في المكان الذي ولد فيه؟. لو شعرت للحظة أنها تؤثر على ميزانية الإمبراطورية فسوف أوقفها في الحال. سوف أصدر قرارا بتخفيض قيمة عملتنا. لا أعتقد أن أحدا منكم يعترض على علاج أوضاعنا المالية المتردية.

عضو 5:                        ولكن هذا قد يثير الناس ويغضبهم.

فيليب:                         هذا إجراء مؤقت. عمالنا في الإمبراطورية يبحثون عن مناجم جديدة للذهب والفضة وحالما يستخرجون منها المعادن الثمينة سوف تتغير الأحوال إلى الأفضل. لا تقلق بشأن الناس فقد أعددنا لهم احتفالات والعابا مبهرة لألفية تأسيس روما بحيث لا يفكرون في أي شيء سواها. ليس هناك توقيت أفضل من هذا لتخفيض قيمة السيسترتيوس.

 

المشهد العشرون

قصر الإمبراطور

فيليب يخرج من غرفة جانبية غاضبا

فيليب:                         ومن باكاتيانوس هذا الذي أعلن نفسه إمبراطورا لروما؟.

عضو مجلس الشيوخ:    إنه أحد الجنود في جيش الدانوب من مويسيا.

فيليب:                         هل أصبح عرش روما نهبا للكلاب المسعورة حتى يتجرأ جندي على إعلان نفسه إمبراطورا.

الجندي:                       إنه سيطر أيضا على العاصمة الإقليمية فيميناكيوم (6).

فيليب:                         لا بد أن يقتل وتأتوني برأسه هنا. كل من يتجرأ على عرش الإمبراطورية يجب أن يقتل. أي دعي وأي متبجح يجب أن يكون جزاؤه القتل وأن تقطع رأسه وتقطع جثته إلى أربعة أجزاء وتعلق كلها على الحراب في أنحاء روما لكي يكون عبرة لغيره.

ديسيوس:                     رويدك سيدي الإمبراطور…أنا أعرف بهذه المنطقة أكثر منك..جنوده لن يلبثوا أن يقتلوه قبل أن يصل اليه جنودك.

فيليب:                         أنت يا سناتور ديسيوس تعرف أن عرش روما لا يجب أن يكون لعبة في أيدي اللصوص والمتبجحين.

ديسيوس:                     أعرف ذلك يا سيدي ولكن باكاتيانوس هذا لن يستمر كثيرا وجنوده أنفسهم سوف يتخلصون منه.

فيليب:                         لا يجب أن يعتقد أحد أن ما حدث مع ماكسينيموس التراقي من سنوات يمكن أن يحدث معي. أنا لا أهادن ولا أفاوض ولا أتحدث حديثا لينا مع المغامرين.

 

المشهد الحادي والعشرون

قصر الإمبراطور

الإمبراطورة أوتاسيليا سيفيرا والقيصر فيليب الثاني

فيليب الثاني:                 أمي..أنا قلق على أبي..إنه يرتدي عدة القتال كاملة ويحمل الدرع والسيف ويخاطب أشخاصا مجهولين ثم يضربهم بالسيف.

الإمبراطورة:                  ما الذي يقوله؟.

فيليب الثاني:                 يقول أشياء من قبيل عرش روما لن يكون لأحد غيري..من يقترب من عرش روما سوف يقتل في الحال..هذا العرش لي ولأسرتي ومن يقترب منه إنما يقترب من نار يمكن أن تحرقه وتودي بحياته..أنت أيها الخائن لتتدحرج رأسك على الأرض الحجرية حتى تسقط منها أي فكرة شريرة عن الاستهانة بالعرش. ثم يضرب بسيفه هنا وهناك ويحرك سيفه على الأرض وكأنه يتحدث إلى رأس رجل أطاح به. أنا قلق عليه للغاية يا أمي.

الإمبراطورة:                  أين يفعل ذلك؟.

فيليب الثاني:                 في القاعة الكبرى.

الإمبراطورة:                  نحن لا نريد أن يخرج أي كلام عما يحدث إلى خارج القصر..ما عليك إلا أن تصرف الجميع من القاعة ولا تجعل أحدا يتواجد بالقرب منها..لا تترك فرصة لأحد أن يرى أو يسمع ما يفعله أبوك أو يتفوه به.

فيليب الثاني:                 سمعا وطاعة يا أمي.

 

المشهد الثاني والعشرون

قصر الإمبراطور

فيليب يسير وحده بين أعضاء مجلس الشيوخ وهو يتحدث إلى نفسه بصوت عال

فيليب:                         لقد انتهينا من باكاتيانوس ولكن ما هذا المتمرد المدعو أيوتابيانوس وكيف لهذا المجنون أن يعلن نفسه إمبراطورا.

عضو 576:                   ما علمته يا سيدي أنه ليس جنديا ولا مسؤولا. إنه رجل ثار احتجاجا على السياسة الضرائبية لروما التي يطبقها أخوك بريسكوس.

فيليب:                         وهل تسير أمور الإمبراطورية بدون جمع ضرائب؟.

عضو 172:                   يقال يا سيدي إن أخاك تعسف كثيرا في جمع الضرائب واشتد جباته على الناس.

فيليب:                         وهل يتوقعون أن نحميهم وندير أمورهم بدون تكلفة..وكيف يكون ذلك؟.

عضو 172:                   هناك ثورة في الإسكندرية في مصر أيضا بسبب الضرائب والفقر الذي يعاني منه الناس. لقد منعوا سفن القمح من الإبحار إلى روما.

فيليب:                         كلفت أخي بالقضاء على أيوتابيانوس وإرسال رأسه لي هنا..عرش روما لا يجب أن يقترب منه شخص غير مؤهل لذلك. أي بائس يقترب من العرش سوف يقتل.

عضو 172:                   ولماذا لا تطلب منه التوقف عن التعسف في جمع الضرائب؟.

فيليب:                         خزائن روما شبه خاوية وكيف نعد الجيوش ونسير الأمور وندفع رواتب الجند.

عضو 172:                   ولماذا لا توقف المشاريع التي لا معنى لها مثل المدينة التي تبنيها في صحراء سوريا.

فيليب:                         كيف أوقف بناء مدينة في مسقط رأسي. ألم يبن كل إمبراطور بل وكل ملك مدينة باسمه، بل أحيانا باسم أخته أو صديقه.

عضو 172:                   أنت نقلت قطعة من روما إلى قلب الصحراء..حمامات وأسواق ومسارح. ألا تعتقد أن هذه كلفة باهظة؟.

فيليب:                         أنتم لا ترون ما أرى ولا تعلمون ما أعلم..أنا من جئت من أرض قديمة هي نبع الحكمة والفطنة. وليس عليكم أن تسمعوا لوشايات الحاقدين على روما. لا تستمعوا إلا إلي أنا إمبراطوركم.

عضو 172:                   ولكن يا سيدي الإمبراطور ما الذي سيجنيه الجائعون في شوارع روما بل وفي أنحاء الإمبراطورية من هذه المدينة. لو لم تكن هذه المدينة ما اشتط أخوك في جمع الضرائب وما ثارت ثورة ايوتابيانوس وغيره.

فيليب:                         سوف نقضي عليه وعلى ثورته ليكون عبرة لغيره.

 

المشهد الثالث والعشرون

قصر الإمبراطور

فيليب وديسيوس وبأيديهما الكئوس

فيليب:                         أنت من أعضاء مجلس الشيوخ الذين أحبهم فعلا لأن لك عقلا راجحا وبصيرة نافذة.

ديسيوس:                     أشكرك يا فيليب.

فيليب:                         هل يدهشك إذا قلت لك إنني خطر لي وسط هذه الموجة من محاولة اغتصاب سلطة الإمبراطور أن أتنازل عن السلطة لمجلس الشيوخ.

ديسيوس:                     حقا؟.

فيليب:                         حقا..وأعددت فعلا خطاب التنحي. من يستطيع أن يعمل في هذا الجو المسموم والمشحون بالمؤامرت عندما تجد كل جندي أو دعيا جمع عشرة أشخاص حوله يعلن نفسه إمبراطورا وهنا لا أحد في روما وفي مجلس الشيوخ يقدر هذا كله.

ديسيوس:                     الكثير من أعضاء مجلس الشيوخ يقدرون جهودك.

فيليب:                         لقد قر قراري على أن أترك السلطة فعلا لمجلس الشيوخ وأعود لقيادة الجيش. وغدا سوف أذهب إلى المجلس.

ديسيوس:                     لا تفعل ذلك.

فيليب:                         بل سأفعله. ومالم يشعروني بأن عملي كإمبراطور مرغوب فيه فسوف أصر على طلبي.

ديسيوس:                     دعنا نتدبر الأمر على نحو أفضل. هدد بالتنحي وسوف أجعلهم يتوسلون إليك ويقبلون يديك. وساعتها يمكنك أن تفعل ما يروقك.

فيليب:                         وما هو المقابل يا ديسيوس..أعرف أنك لا تفعل شيئا بدون مقابل.

ديسيوس:                     ألا تعتقد أن صداقتنا تستوجب ذلك مني؟.

فيليب:                         الصداقة شيء والعمل شيء آخر. وأنت شخص عملي يصعب عليه أن يخلط بين الأمرين.

ديسيوس:                     لدي أصدقاء في مجلس الشيوخ لي تأثير عليهم..ولكنهم يتطلعون إلى بعض الإعفاءات الضريبية لأقاربهم.

فيليب:                         لا بأس..اكتب لي الأسماء وسوف أقدمها للمسؤولين عن المالية.

 

المشهد الرابع والعشرون

مجلس الشيوخ

فيليب:                         إزاء الأوضاع التي تعصف بالإمبراطورية ووسط تفاقم الأحوال الاقتصادية وكثرة حركات التمرد قررت أن أتنحى وأترك السلطة لمجلس الشيوخ.

(همهمة بين أعضاء المجلس)

ديسيوس:                     (يهب واقفا) إسمح لي يا سيدي الإمبراطور. هذا المجلس الموقر يرفض تخليكم عن السلطة ونحن نعرف أنك لن تتخلى عن السلطة وتترك الإمبراطورية للضياع لتواجه مصيرا لا يعرفه إلا الآلهة.

فيليب:                         لن أتنازل عن طلبي بترك السلطة.

ديسيوس:                     لقد توليت السلطة في مرحلة حرجة للغاية من تاريخ الإمبراطورية ونحن نقدر انتصاراتك بدءا من حروبك ضد الفرس مع الإمبراطور الراحل جورديان الثالث وانتصاراتك على الكاربي والقبائل الجرمانية. عرش روما يفخر بأن يجلس عليه رجل سجل في تاريخ الإمبراطورية انتصارات باهرة قبل أن يقترب منه وجيش روما العظيم تفضل بالتنازل عنك بمنحنا إياك في بادرة من بوادر الإيثار والتضحية حتى لا تقتصر الفائدة على الجيش ولكن تعم الجميع الجيش والشعب وكل أبناء روما المخلصين. وهل أنت في هذا الموقع بعيد عن الجيش؟. أنك يا سيدي لو تركت موقعك هنا فستقود جيشا من جيوش روما العديدة ولكن بوجودك هنا فإنما تقود كل جيوش روما. ومن غير الإمبراطور يقود كل جيوش روما ويصدر لها الأوامر بالسير إلى مقصدها لقتال أعداء الإمبراطورية. إنني أهيب بهذا المجلس أن يرفض تنحي الإمبراطور رفضا قاطعا وأن يمنحه ما يراه من تفويضات لإدارة شؤون الإمبراطورية وسحق خصومها. بدون ذلك ستكون هذه الإمبراطورية التي يتربص بها الأعداء شمالا وجنوبا عرضة للانهيار والتفتت والضياع. إن حجم المؤامرات على روما ليشيب من هوله الولدان. إن المؤامرات تستهدف الإمبراطور نفسه وتسعى إلى إبعاده عن موقعه لكي تكون روما لقمة سائغة للأعداء. يا سيدي الإمبراطور إذا كنت شرفت هذه الإمبراطورية بقيادتها فلابد أن تقطع الطريق إلى نهايته وأنا واثق أن الثورات وحركات التمرد سوف تنتهي وتهدأ مع الوقت. ألم اقل لك إن باكاتيانوس سوف يقتله جنوده قبل أن يصل إليه جنودك. اليوم جاءنا خبر مصرعه على يد نفر من جنده.

عضو 247:                   طلبك بالتنحي مرفوض يا سيدي ولن تجد عضوا هنا يؤيد ذلك.

فيليب:                         في الجيش أنت تعرف من عدوك ومن تقاتل ولكن في السياسة حيث المؤامرات والدسائس وحركات التمرد يصعب عليك أن تميز من العدو ومن الصديق ومن أين تأتيك الطعنة التالية.

عضو 321:                   يا سيدي الإمبراطور نحن سنعتبر ذلك هربا من المسؤولية ونصر على طلب السناتور ديسيوس بأن تستمر في أداء مهامك.

فيليب:                         حاشا الآلهة أن أهرب من المسؤولية ولم أكن لأترك السلطة لولا أن العراقيل الكثيرة تحول دون القيام بمهامي على النحو الصحيح بما يخدم مصالح الإمبراطورية ورفاهية شعبها.

ديسيوس:                     من يؤيد تنحي الإمبراطور وتخليه عن السلطة يرفع يده (ينظر إلى أعضاء المجلس). ها أنت ترى يا سيدي لا يوجد في مجلس الشيوخ ممثل شعب روما عضو واحد يؤيد تخليك عن السلطة.

فيليب:                         أنا لا يسعني رفض مطلب مجلس الشيوخ باعتباره ممثلا لكل أبناء الإمبراطورية وأعدكم أن أفعل كل ما في وسعي للحفاظ على الإمبراطورية حتى نسلمها للأجيال القادمة من الرومان وهي أوسع مما هي وأكثر رخاء ومنعة وقوة.

ديسيوس:                     نحن نشكر الإمبراطور ونقدر له عدوله عن التنحي.

 

المشهد الخامس والعشرون

قصر الإمبراطور

رسول يدخل إلى القصر ويلتقي بفيليب

الرسول:                        يؤسفني أن أبلغك أن أخاك بريسكوس قتل في تمرد أيوتابيانوس.

فيليب:                         كيف قتل وأين؟.

الرسول:                        قتل في المعركة يا سيدي في إخماد التمرد. لقد قاتل بشجاعة حتى اللحظة الأخيرة.

فيليب:                         وهل قضى على التمرد؟.

الرسول:                        فر أيوتابيانوس وجنوده بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة ولجأوا إلى الصحراء.

 

المشهد السادس والعشرون

مجلس الشيوخ

فيليب:                         ربما نعاني بعض الشيء ولكن علينا باستعادة أمجاد الإمبراطورية. سوف نقتات من ظمأنا ونرتوي من سغبنا حتى نشيد روما أخرى..روما جديدة.

عضو 278:                   (لجاره) هل فهمت شيئا مما قاله الإمبراطور.

عضو 279:                   لا تتوقف كثيرا عند كلامه. أٍحيانا ما يهذي عندما يتكلم بعفوية.

عضو 278:                   أحيانا أشك أنه يعرف اللاتينية.

عضو 279:                   بل يعرفها خيرا مني ومنك ويجيد اليونانية ولغات أخرى أيضا، ولكن الغريب في الأمر انه لم يقتنع حتى الآن انه صار إمبراطورا. إنه لا يصدق ذلك.

عضو 170:                   ولكن عوام روما لن يصبروا على الجوع حتى نبني روما الجديدة يا سيدي.

فيليب:                         وماذا أفعل لهم أنا؟. أنا أبني كل شيء من الصفر. كل الأباطرة الذين سبقوني على عرش روما لم يكن لهم من مسعى سوى الجلوس على العرش والإنفاق بلا حدود حتى تركوا خزائنها خاوية. لقد تسلمت الإمبراطورية وهي تترنح وتكاد تسقط في هوة لا مخرج منها وما أحاول أن أفعله الآن هو تصحيح لسنوات بل وعقود من العوار والخواء. ماذا أفعل لكم. أنا لم أعدكم بأن أجرى أنهار الذهب والفضة في طرقات روما وليس لدي عصا سحرية.

عضو 670:                   ولكن المدينة الجديدة التي تبنيها..

فيليب:                         أصمت..لا أريد أحدا أن يذكر مدينة تحمل اسمي بأي نقد. ما أسهل أن أفعل مثل سولا فأتهم بعضكم بالخيانة وأصادر ممتلكاته أو أذهب لسرقة أموال الآلهة من المعابد مثل نيرون أو أصادر ما أصادفه في طريقي من أموال وغلال مثلما فعل ماكسينيموس التراقي. ولكني أربأ بنفسي أن أحذو حذوهم أو أسير سيرهم. ما كان أبي ليقبل بأي شيء من ذلك بل أوصاني بعكسه تماما.

عضو 765                    (هامسا لجاره) بل فعلت أسوأ منهم جميعا ولكننا لا نستطيع حتى ان نتفوه بذلك.

عضو 670:                   لم يطلب منك أحد أن تفعل ذلك يا سيدي ولكن الجوعى لا يصبرون.

فيليب:                         أنت وأمثالك يا سناتور ماريوس من تسببون الجوع في روما عندما تطلبون إعفاء أقاربكم من دفع ضرائب المزارع الكبيرة التي يملكونها. ألم تطلب مني إعفاء أقاربك من ضرائب مزارعهم في إفريقيا. ألا يعد ذلك خيانة؟.

عضو 670:                   أنا لم أطلب منك أبدا إعفاء أقاربي من دفع الضرائب وأنت تكذب يا سيدي الإمبراطور. أقسم بكل الآلهة أنني لم أطلب من الإمبراطور ذلك.

فيليب:                         لم تقتصر إساءاتك على التهرب من الضرائب بل تتهم الإمبراطور بالكذب أيضا. (يشير إشارة بيده فيدخل الحرس الإمبراطوري ليعتقل ماريوس).

عضو 670:                   (أثناء اعتقاله وخروجه) أنت تكذب وكل ما تقوله كذب. لم تشهد روما في تاريخها إمبراطورا يفوقك كذبا.

فيليب:                         نحن في وضع صعب ويجب أن نتكاتف للخروج من الأزمة. كلها أيام قليلة وتصل سفن القمح قادمة من الإسكندرية. السفن أبحرت بالفعل. لننتقل إلى الموضوع التالي. وقعت اليوم قرارا بتأليه والدي يوليوس مارينوس الرجل الذي تفتحت عيني على تعاليمه وعلى مجلس الشيوخ اتخاذ الإجراءات في هذا الصدد وسوف تصدر عملة بهذه المناسبة بمجرد أن ينتهي مجلس الشيوخ من الترتيبات. وعلى مجلس الشيوخ أن يبدأ في الحال في اتخاذ إجراءات تأليهه.

عضو 348:                   (هامسا لجاره) يبدو أن الإمبراطور يعتقد أنه لزاما عليه أن يوقع مرسوما أو مرسومين كل يوم حتى لو كانت في أمور أغرب من الخيال.

عضو 38:                     (لعضو 348) هذا مرسوم غريب جدا لأن والده لم يكن إمبراطورا بل يقال عنه أشياء غريبة.

عضو 563:                   (هامسا لجاره) إنه يشعر بمتعة غريبة عندما يوقع مرسوما كما لو كان يضاجع جميلة جميلات روما.

عضو 54:                     (لعضو 563) كل مرسوم يوقعه يغذي بداخله شعورا غريبا بشرعيته..الإجراء يشعره بأنه إمبراطور حقيقي.

عضو 237:                   اعتدنا في روما أن نؤله الأباطرة فقط يا سيدي. ووالدك يا سيدي لم يكن إمبراطورا.

فيليب:                         والدي لم يكن إمبراطورا ولكني أرى أنه يستحق التأليه لأنه من الرجال العظام. لولا أبي ما كنت أنا. هل تجادل في ذلك؟.

عضو 237:                   هذا لا يمنحه مكانا بين الآلهة لمجرد أنه كان أباك.

فيليب :                        بل هو يستحقها عن جدارة. وبدلا من انتقاد مراسيم الإمبراطور عليك أن تعمل لصالح هذه الإمبراطورية.

عضو 237:                   أنا دائما أعمل لصالحها.

فيليب:                         لو كنت تعمل لصالحها لما حاولت الاتصال بالساسانيين.

عضو 237:                   ولكني لم أتصل بالساسانيين.

فيليب:                         بل اتصلت بهم وأنا لدي عيون في كل مكان وأعرف ما تفعله (يشير إشارة بيده فيدخل الحرس الإمبراطوري ليعتقل الرجل).

عضو 237 :                  أنت لا تريد أحدا أن يفتح فمه في هذا المجلس. تريد أن تضع الكمامة على فم الجميع.

فيليب:                         هل من معترض على قرار تأليه والدي.

عضو 9:                        لا يا سيدي ليبدأ المجلس في إجراءات التأليه.

 

المشهد السابع والعشرون

قصر الإمبراطور

ديسيوس وفيليب

فيليب:                         مرحبا بالسيناتور والقائد العظيم.

ديسيوس:                     شكرا ياسيدي الإمبراطور.

فيليب:                         أنت من بانونيا..أليس كذلك؟.

ديسيوس:                     نعم وعملت حاكما لمويسيا وجرمانيا السفلى من سنوات.

فيليب:                         إذن فأنت تعرف المنطقة جيدا.

ديسيوس:                     وأعرف الجنود أيضا. ألم أقل لك إن باكاتيانوس سوف يقتل؟.

فيليب:                         صحيح باكاتيانوس قتل ولكن الأمور لم تستقر والتمرد مازال قائما ويهدد بالمزيد من الاشتعال.

ديسيوس:                     وماذا ترى؟.

فيليب:                         أنا أرشحك لقيادة جيش لإخماد التمرد في فيالق جيش الدانوب وإعادة الهدوء.

ديسيوس:                     ولكني آخر من يصلح لهذه المهمة.

فيليب:                         إسمع أنا فكرت طويلا ووجدت أنك أنسب من يقوم بهذه المهمة.

ديسيوس:                     أنا لا يمكنني أن أخدمك في هذه المهمة ولا أخدم نفسي فسوف تكون وبالا على كلينا.

فيليب:                         هل ترفض خدمة الإمبراطورية وأوامر الإمبراطور؟.

ديسيوس:                     أنا لا أرفض خدمة الإمبراطورية ولا أوامر الإمبراطور ولكني لا أرى خيرا لك ولا لي في هذا التكليف.

فيليب:                         أنا كلفتك بالمهمة وأعرف أنك ستنهض بها على خير وجه.

ديسيوس:                     سبب رفضي أنني أحبك وأعرف الجنود وأعرف أن الأمور لن تمضي كما تتخيل.

فيليب:                         لقد انتهى النقاش وعليك أن تطيع أوامر الإمبراطور باعتباره القائد الأعلى لجيوش الإمبراطورية.

ديسيوس:                     أستحلفك بكل الآلهة أن تكلف غيري بهذه المهمة.

فيليب:                         الإمبراطور اتخذ قرارا لا رجعة فيه بأنك من سيقوم بهذه المهمة..انتهى النقاش.  عليك أن تسير بجنودك خلال شهر من الآن.

 

المشهد الثامن والعشرون

قصر الإمبراطور

فيليب:                         (يسير وهو يقرأ بصوت مرتفع) سيدي الإمبراطور. مصلحة الإمبراطورية وصداقتنا تحتم علي أن أكتب لك هذا الخطاب وأرجو أن تعي أن كل كلمة فيه صادقة وحقيقية. لقد نجحنا في إخماد التمرد في فيالق الدانوب وإعادة الأمور إلى نصابها ولكن بمجرد أن انتهى القتال نادى بي الجنود الذين أقودهم إمبراطورا. غير أنني رفضت بشدة وسعيت إلى إقناعهم فخيروني بين القتل أو ارتداء الثوب الأرجواني. وأنا بالطبع اخترت الاخيرة للحيلولة دون إراقة الدماء وحفاظا على حياتي. أنا كما ترى مثل جندي أسير ولكن المفارقة أنني في نفس الوقت قائد الجيش. نحن بدأنا زحفنا على روما ولكن بمجرد أن أصل الى حدود المدينة سوف أتخلص من كل زينة الإمبراطور وأخلع الثوب الأرجواني وأنضم إلى جنودك لأعمل تحت إمرتك لعل هذا يقنع جنودي بخطأ مسعاهم ويردهم إلى صوابهم وينتهي الأمر عند هذا الحد. (يطوي الورقة ويضعها على مائدة صغيرة ثم يمسك بقلم ويكتب عدة كلمات) أيها الحارس…أيها الحارس..إذهب إلى قادة الجحافل فاستدعهم فورا واستدع هؤلاء الأعضاء من مجلس الشيوخ فورا ليأتوا إلى هنا.

 

المشهد التاسع والعشرون

ساحة كبيرة في فيرونا

جنود يقفون متباعدين قبالة بعضهم البعض.

فيليب وديسيوس يتجهان للقاء في المنتصف.

ديسوس:                      (متجهما) ألم تقرأ الخطاب الذي أرسلته إليك وتعه جيدا؟.

فيليب:                         بل قرأته..ولكن من أين لي أن أثق بك؟. ومن أدراني أنها لم تكن خدعة؟.

ديسيوس:                     أنت لا تثق في أحد أبدا حتى أقرب الأقربين إليك.

فيليب:                         ما تعلمته من التاريخ هو أنه عندما يكون عرش روما على المحك فلا تثق حتى بابنك وليس صديقك.

ديسيوس:                     إنها طبيعة البرابرة وأخلاقهم الذين تجعلهم لا يثقون في أحد فالكل لديهم خائن وغير جدير بالثقة.

فيليب:                         لا تنس أنك تتحدث إلى الإمبراطور.

ديسيوس:                     ربما حتى الآن ولكن قد لا تكون غدا الإمبراطور.

فيليب:                         غريب أن تتطلع إلي العرش وأنت في هذه السن.

ديسيوس:                     ومتي كان الجلوس على العرش مرتبطا بسن معين. العرش يمكن أن يجلس عليه طفل ولد لساعته أو شيخ طاعن في السن يزحف إلى قبره.

فيليب:                         ولكني لن أترك هذا العرش أبدا لك أو لأمثالك.

ديسيوس:                     قد يتركك هو.

فيليب:                         أنا خضت بحورا من الدماء من أجل هذا العرش ولن أتركه إلا وأنا جثة هامدة.

ديسيوس:                     خضت فعلا بحورا من الدماء وبدأت عهدك الاسود بقتل أمبراطور شاب بريء من أسرة عريقة. ولكن روما لم ترى في تاريخها ابشع مما رأته في عهدك حتى مع اسوأ الاباطرة وأكثرهم فسادا.

فيليب:                         ومتى كان لمثلك أن يعلموا الاباطرة ما يفعلون.

ديسيوس:                     إنك لم تكتف بدفع إتاوة للساسانيين بل تنازلت لهم عن أرض سالت عليها دماء الرومان عند غزوها وأثناء الدفاع عنها.

فيليب:                         مهما حدث لم اترك عرش روما لكي يتخاطفه قطاع الطرق والرعاع.  

ديسيوس:                     تكرارك لموقعك على العرش كل لحظة انما يوحي بعدم اقتناعك بأنك إمبرطور بالفعل.

فيليب:                         أنا الامبراطور بإقرار مجلس الشيوخ الذي يمثل الشعب الروماني.

ديسيوس:                     مجلس الشيوخ لم يقرك بل اكره على اقرارك. وماذا يفعل المجلس اذا كنت قد اقتحمت روما بجيشك وطلبت منهم اقرارك في موقعك تحت اسنة الرماح والسيوف.

فيليب:                         ما يهم هنا ليس الظروف ولكن الفعل نفسه.       

ديسيوس:                     ألا يهمك أن تعصم دماء جنود روما وشعب روما..كيف تقبل أن يقف أبناء روما ليقاتلوا بعضهم البعض..كيف تقبل أن يقتتل الشعب الواحد من أجلك؟.

فيليب:                         أنت الذي تفعل ذلك وليس أنا؟. أنا الإمبراطور وأنت أتيت بجيش الدانوب لاغتصاب العرش. من منا الذي يجب أن يعود لصوابه ويعصم الدماء؟.

ديسيوس:                     أنت وصلت لهذا العرش بالحيلة والخديعة وسفك الدماء وهذا لا يعطيك شرعية حتى لو جلست في العرش لسنوات.

فيليب:                         ولكني الإمبراطور الآن وأنت لا تعدو أن تكون مغتصبا للسلطة ومغتصب السلطة عقوبته القتل والتمثيل بجثته لكي يكون عبرة لغيره.

ديسيوس:                     هذا لو لم تكن أنت اغتصبت السلطة وقتلت الشاب البريء جورديان الثالث. لقد دبرت مجاعة مصطنعة لكي تقضي على سلفك ولكن ها هو الجوع والفقر الحقيقي يربض في أنحاء الإمبراطورية ويتخفى في الأركان والزوايا في روما. هل تروقك أوضاع الإمبراطورية؟. الناس تجأر بالشكوى ولكنك منصرف إلى ذاتك وأسرتك. تضعهم في المناصب الرفيعة وتلبي مطالبهم مهما بدت غريبة.

فيليب:                         أنا الإمبراطور أفعل ما يروقني وليس لي من حسيب ولا رقيب.

ديسيوس:                     لعلك تعرف جيدا نهاية كل من ساروا على نفس الدرب.

فيليب:                         إنها النهاية التي ينتظرها أمثالك. ولكن جيشك سيهزم وتعلق أعضاؤك في طرق روما لتكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على العرش.

ديسيوس:                     إذن أنت ترفض حقن الدماء؟.

فيليب:                         لن أترك العرش حتى لو احترقت روما كلها وصارت أنقاضا.

ديسيوس:                     الشيء الذي لا تعلمه أن جنودك يتسللون إلى معسكرنا منذ أيام.

فيليب:                         (مندهشا) أنت كاذب.

ديسيوس:                     لا أريد أن آتيك بالبعض منهم الآن أمام عينيك. الجنود لا يعنيهم إلا المال ويرون أن دولتك دالت وأن عصرك على وشك الأفول، فلماذا لا يدعمون إمبراطورا جديدا؟.

فيليب:                         ليس كل الجنود مثل جيش الدانوب الذي تقوده يقاتلون من أجل المال.

ديسيوس:                     الجنود لا يختلفون باختلاف الموقع الذي يعملون فيه ولا الجيش الذي ينتمون إليه. المال هو هدفهم في كل الحالات.

فيليب:                         أنت تسيء إلى الجيش الروماني العظيم. هل تقول إنه لا يركض إلا خلف المال.

ديسيوس:                     دعك من هذه المناورات فلن تجديك نفعا ولن تغير موقف الجنود. لطالما قمت باستغلالهم في الدعاية لنفسك ووضعهم فوق رقاب الناس حتى أصبح الرومان يكرهون حتى مرأى الجنود.

فيليب:                         وأين تضعهم أنت؟ هل يعد استغلالهم في اغتصاب عرش روما عملا نبيلا؟.

ديسيوس:                     إحذر يا فيليب..أنت أول إمبراطور يريق دماء روما مرتين..مرة من أجل الوصول إلى عرش روما ومرة ثانية من أجل الاحتفاظ به..ولن يرحمك التاريخ.

فيليب:                         أي تاريخ هذا الذي تتحدث عنه؟. إن تاريخ روما ليس سوى سلسلة من السرقات والأكاذيب والقتل وسفك الدماء.

ديسيوس:                     هذه هي نظرتك إليه..ولكن كيف لمثلك أن يحفل بالتاريخ ومن في وضعك لم يكن ليحلم في الأصل بأن يكون رئيس مجلس البلدية في مدينة أو قرية صغيرة في أطراف الإمبراطورية.

فيليب:                         تاريخ روما ما هو إلا سلسلة من الأكاذيب يصنعها الأغبياء ويدونها الحمقى ويقرأها البلهاء فلا يخرجون منها بشيء.

ديسيوس:                     إذن فهو القتال؟!.

فيليب:                         نعم هو القتال.

ديسيوس:                     أنت صعدت الى عرش روما باراقة الدماء ولن تتركه الا باراقة دمك ودم ذويك.

فيليب:                         ليكن (ينهض منصرفا).

 

المشهد الثلاثون

قصر الإمبراطور

الإمبراطورة تمضي جيئة وذهابا يبدو على محياها القلق تحيط بها بعض الوصيفات ولكنهن لا يتحدثن إليها بل يبدو عليهن قلق مماثل. رسول يدخل مسرعا ولكنه يتوقف أمامها ولا يحر جوابا والصمت والتوجس يلف المكان للحظات.

الإمبراطورة:                  إلي بالأنباء حتى لو كانت سيئة فليس أسوأ للمرء من الانتظار.

الرسول:                        إنها ليست بالأنباء الطيبة يا مولاتي. قتل مولاي الإمبراطور.

الإمبراطورة:                  هذا ما رأيته بعينيك؟.

الرسول:                        نعم يا مولاتي.

الإمبراطورة:                  منذ أيام وأنا اشعر بالانقباض عندما رأيت البومة تقف على شجرة وتنعق في شرفة القصر.

(رسول آخر يدخل مسرعا)

الإمبراطورة:                  هل لديك أخبار أسوأ؟.

الرسول:                        لا أدري كيف أبدأ. ولكن لدي أنباء ليست بالطيبة.

الإمبراطورة:                  بل عجل بما لديك.

الرسول:                        قتل مولاي القيصر فيليب الثاني في معسكر الحرس الإمبراطوري.

الإمبراطورة:                  يا ويلتى..حتى فلذة كبدي لم ينج من دموية روما. روما ما هي إلا ذئبة لا ترتوي أبدا من الدماء.

وصيفة:                        سيدتي ..ربما يهاجمون القصر..فلنهرب الآن. لنأخذ الأميرة سيفيرينا والأمير كوينتوس ولنهرب الآن. ليس أمامنا الكثير من الوقت.

الإمبراطورة:                  فلتنادوهما..هلموا بسرعة.

 

ستار

——————————-

  • لافيرنا Laverna في الميثولوجيا الرومانية هي إلهة اللصوص والمخادعين والعالم السفلي.
  • شرشال في الجزائر الحالية.
  • من مدن بلاد الرافدين القديمة وهي الآن في تركيا.
  • ريسينيا أو رأس العين هي مدينة في محافظة أورفة التركية الحالية.
  • في الأنبار بالقرب من الفلوجة في العراق
  • كانت مدينة كبيرة وعاصمة إقليمية ومعسكرا لمقاطعة مويسيا أي صربيا اليوم، وكان بها دار لسك العملة.

 

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون