إسراء عبد الرزاق
كانت الفتاة التي أسلّمها المفاتيح
سلّمتها كل ما أملك، ضفائري، عرائسي، وحلى نسجتها من غناء النوارس
مع أنها لم تكن غريبة
سرقتني
من هنا
عرفت الحزن الذي لا يعرفه الطوفان
***
ماتت السمكة الصفراء التي كنت ألعب معها
بكيت ملء سنوات عمري
وضعتها في علبة خشبية مضيئة ودفنتها أمام البيت
كانت لآخر مرّة، نقيّة وجميلة
***
ضوء الخشب الفسفوري يتمدد في الظلام
حيث تنثني الأشياء، والأبعاد، والإنسان
يلامسهم حنينٌ.. كالذي تراه في عيون المهاجرين الوحيدين
***
كلنا هاجرنا، يا قدر الإنسان القاسي.. وكلنا آمنا بالرقة وخذلتنا
***
ما جرح أمومتي لم يعد موجودًا
تغمرني ولا أعرِّف
أيّ معرفة أفضي إليها الروح
لو كنت أعرف أن الذي يكمن خصبًا الى هذا الحد
قبل ذلك، قبل ذلك بكثير..
***
ضوء الخشب الفسفوري يتمدد في الظلام
ويحدث الخواء
تنادي فيه فتسمع صوتك
تنفصل عن العالم بالتدريج
وعن ذاتك.. ملايين المرات
***
يختفي ما أعرفه، ما أعرف أنه البُعد الدائم عن حياة الإنسان
ما أعرف أنه يجرّح، ما أعرف أنه يترك حزنًا لا نهاية له
تصمت الأبواب مثلمّا يصمت الموتى.. الى الأبد
ويتابعون المشي خلف الصدوع
كأنهم ينتظرون شيئًا ما.. أو يعلمون أن هناك شيئا ما سيقع
كأنهم أرادوا قول شيئًا ما مثل: لماذا يحدث كل هذا؟ المشي، السفر، التهدم، الحزن، الوحدة.. و…؟ المجهول…
***
منحني أن أعرِّف الكثير من الحريّة..
ومنذ هذا اليوم الذي عرفت فيه بكيت طويلًا
رأيت أقمارًا جديدة تولد من بعضها
كان غريبًا أن أى هلال يتكلّم
كانت أجفان السماء الفضية ملطخة بالثغرات
والناس يمشون على المياة ويجدفون بأرجلهم
وكانت عيني فوهتان من الثلج
تسيل دموعها وحكايتها الغامضة
***
في أقصى ما يمكن احتماله
إنه هنا
ذاك الرضيع، الطفل الوحيد الذي يتنقل في متاهات الزمن
أين آباؤه
ولماذا لا يتصل برحم العالم
إلا من خلالي
ما جرح أمومتي لم يعد موجودًا
كل حرارة تمضي إلى الخفاء
كل حلم أحلم به
كل صوت يتنفس عن جرح الكلام
و جرح الصمت
يحفر في العين البعيدة بعدًا أعمق
إلى الحد الذي أكون فيه
متخيلًا لحلم أمنه الذي فقده
ولحم سلامه الذي شوهته
المعرفة
ولحلم الأم التي لم تعد أمًا
في بور أرض الحياة
***
جوهرة العتمات تلمع في الليل
أمومتي العميقة وحزني يلمعان
أبكي..
لا أنسى طنين القيثارة في الصدر
أبكي لا للبحر الخجِل
ولا لحرماني من النداء
أبكي..أن يموت الشعر في الصوّر
أن يموت الماء في البحر
أن يموت الإنسان في الإنسان.