عبد الرحمن خاطر
لن يفْتقدني أحدٌ
سيظلُّ الحسابُ الجارِي
ينتج أرقامًا برَّاقةً
وسيظلُّ صندوقُ الودائع
يحتضنُ أسرار الغُرباء
بينما أنا
أحتضنُ نفسي أخيرًا
سأخرج من جسرٍ إلكتروني
إلى شاطئٍ ليس عليه رقم
سأمشي حافِيَ القدمين
على رملٍ لا يعرف توقيع المدير
سأرفع يدي إلى السماء
لألتقط سحابةً
بدل ورقة طلب التسهيل
هذه الحرية
أن تصفع الوقت بكفِّكَ
وتسكب قهوة الصباح
في وجه الشمس
لا في كأس الروتين البلاستيكي
سأركضُ نحو أُفُقٍ
لم أعد أخاف خسارة رهانه
سأبحثُ عن عيونٍ تقرأُ
في قرصِ عسلها قصيدة حب
لا تقارير الربح والخسارة
ماذا لو تغيبت اليوم؟
سأُغيرُ عنوان بريدي الإلكتروني إلى:
خانةُ الهوى
وأُغلق جميع حساباتي
إلا حساب الروح على شفتيكِ
لن أكتبَ خطاب الضمان
سأكتبُ على جبين النهار:
أنا لستُ رقمًا في جدول الأرباح
أنا ريحٌ
غير مُلزمٍ بختم اليوم
يقولونَ:
أنا رجلُ الأرقام
أحملُ مِفتاح خزينة الغرباء
ولكنني
لا أملكُ مِفتاحَ قفصي
كَمْ مِن مليمترٍ بين وجهي وشاشة الحاسوب؟
يتحول نظري إلى ساعة الحائط
تعيسةُ الوجه
تأكل وقتي بلا رحمة
كما تأكل الأرقام أحلامي
أسأل نفسي:
هل سجّل البنك رقم حبي للحروف
قبل أن أسجل رقمه في سجل الضمانات؟
هل للبنك حسابٌ يَخْزُنُ الهواء النقي
وعيون الأطفال وهي تركض خلف فراشة؟
أيها العميل الكريم
هذه وثيقة تأمين سيارتك
هل من وثيقةٍ تُؤَمِّنُ
على حلمٍ يهرب مني كالعصفور؟
في الساعة الثامنة والعشرين بعد الظهر
(أيها الرئيس، هذه مزحة شاعر متوارد خلف بدلة)
أخيرًا أقطع شريط الحضور
وأركضُ نحو قمرٌ ليس له رقمٍ سري
لن أعود
إلا إذا كان البنك يبيع بضاعةً واحدةً:
حُريةٌ
بضمان العُمْر





