ماء البحر

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 36
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

الطاهر شرقاوي

يدخل الشارع بخطوات متمهلة، محاذرا الحمير المسرعة، وفوقها عيال النجوع القريبة، لابسين جلابيبهم على اللحم، ممسكين بأكياس الفاصوليا والأرز، وهم يزعقون، ويغنون مقدمة المسلسل اليومي.

وللحظة…

تبحلق فيه عيون الباعة والمشترين، من دكاكينهم المعتمة، ثم يواصلون فصالهم الممل.

يحمل على ظهره، سبعين عاما، وقربة سوداء، كانت يوما ما، ماعزاً تمأمئ.

حيث أناس عجائز قاعدون على الدكك في بيوتهم، يحنون إلى رائحة زمن قديم.

إلى شرب كوب شاي، معمول من ماء البحر.

إلى أكلة ملوخية خضراء، مطبوخة بماء البحر.

لا يستسيغون ماء الحنفيات، يقولون، وهم يبعدون أيدي أحفادهم، القابضة على الأكواز: انه ماسخ.

يلتف حوله عيال الشارع، يتأملون منظره الغريب، يمشون خلفه، مع خطواته البطيئة. حيث عجائز، قاعدين على الدكك، يتبادلون حكايات قديمة، يتخللها سرد للأنساب، ثم يمصمصون شفاههم، على شيء غير راضين عنه.

ومن وقت لآخر، يبصون على الطريق، منتظرين ماءه بشغف..

شخص ما تساءل: ترى، من الذي سيحضر لهم، ماء البحر، إذا هو مات.

مقالات من نفس القسم

تراب الحكايات
موقع الكتابة

خلخال