محمود عماد
سؤال طالما راودني
لماذا لا أحب الشتاء؟
الفصل البارد،
المعشوق من البشر.
اليوم وصلتني إجابة ما،
مع هُلول نسمات
الشتوية الأولى.
في الصباح استيقظت
بعد تقلبات بفعل
صقيع خفيف.
لا أحب الشعور بالبرد؛
تتجمد أطرافي سريعًا،
ويصير كسرها أسهل
من تقطيع الورق.
في الليل،
عندما تنفتح الشرفة
بفعل رياح الفجر،
تقلق عيناي اللتان
لم يغمض جفنهما،
إلا في نفس لحظة
سماع صوت الرياح.
في صباحات الشتاء،
أكون باهتاً أكثر
عندما أفتح شرفتي،
التي لا تزورها الشمس.
أخرج إلى فضائها،
لا أرى إلا الغيوم،
لا ضوء في الأجواء،
ولا العصافير تزقزق في السماء.
تبقى في الأعشاش
تُدفئ صغارها.
في أيام،
لا يمكنك التمييز
بين الليل والنهار،
فلا الشمس تسطع في الظلام،
ولا القمر يبزغ في الفجر.
أظل في سريري العاري،
مستجيرًا ببطانيتي الخشنة،
والرطوبة من تحتي
تخترق روحي،
لا تمنعها الملاءة
المثقوبة بفعل
الروح المهزومة.
بعد محاولات،
أنهض في الجاكيت القديم؛
منذ سنوات اشتريته،
ولم أستطع استبداله،
ربما بفعل الشجن والوفاء،
وربما بفعل الاقتصاد.
أمشي مُثقل الخطاوي،
لا أريد مغادرة البيت
في هذا اليوم المطير،
أعلم أن الشوارع بها
من الطين الكثير.
أقف لأغسل وجهي الفاتر
بقطرات الماء المثلج.
لا مرآة، لا حوض في الحمام،
أقف في المطبخ،
من غير ما أسخن المياه.
أعود للغرفة
برعشة ثقيلة،
أفتح الدولاب،
أبحث عما يمكنه
إيصال الدفء إلى
القلب الفارغ.
لا يهمني المظهر،
كل الملابس عندي شكل واحد،
المهم إنهاء اليوم،
دون جلب الإنفلونزا
معي إلى سكان البيت.
هل هذا بيت مسكون؟
نعم، بالوحدة والصمت.
البشر انقرضوا منه،
قتلهم صمت البرودة.
اليوم فقط،
مع هبوب شذرات
الشتاء من جديد،
عرفت لماذا أكره
الفصل الطويل.





