لمَ لمْ أنتبه لأصابعكِ الجميلة؟!

عبد الرحيم النوال
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

عبد الرحيم حامد النوال

 (1)

وأنتِ تَعُدِّينَ أخطائي على أصابِعِكِ

            تَقولِينَ:

فَعَلْتَ، وفَعَلْتَ، وفَعَلْتَ، وَ…

أنا لا أهتَمُّ بأخطائي

لِمَ لَمْ أنتَبِهْ،

لِأصابِعِكِ الجَميلةِ مِن قَبلُ؟

(2)

وأنتِ تَنامِينَ في ظِلِّ شَجَرةٍ

تتوسّدينَ غُصنًا وتلْتَحِفينَ بالعَصافيرِ

أعملُ أنا، راعيًا، في حُلمِكِ

لِأهُشَّ عَنكِ كابوسًا خَطيرًا

(3)

وأنتِ تقطِفينَ نَبضَتَينِ، ورَدَتينِ

مِن مِزهَريّةِ قَلبي

تُمسِكينَ بوَردةٍ، وتُعطينَني وَردةً

كَي أزرَعَها كالنَّجمةِ في لَيلِ شَعرِكِ

دعيني آخُذْ حقّي،

دعيني أقطِفْ قُبلتَينِ، ناضِجَتَينِ

مِن مِزهَريّةِ شَفَتَيكِ.

(4)

وأنتِ تتسابَقينَ معي

لتُثبِتي لي أنَّكِ الأسرعُ

أُسرِعُ قليلًا، وأُبطِئُ كثيرًا

كَيْ أخسَرَ السِّباقَ،

لأُثبِتَ لكِ أنّني الأشْجَعُ.

(5)   

وأنتِ تُجهِّزينَ وَجبةَ الغَداءِ

تُلوِّثينَ مَلابِسَكِ ببَقايا الطَّعامِ،

تَفوحُ مِنكِ رائحةُ الثَّومِ والبَصَلِ

أصْرُخُ أنا في مَكتَبي

وَجَدْتُها، وَجَدْتُها

وأكتُبُ أشهَى قصيدةٍ «قَصيدةَ العَسَلِ»

(6)

وأنتِ تُنادينَ مِن بَعيدٍ

تُكرِّرينَ النِّداءَ أكثَرَ مِن مَرّةٍ

وأنا أُمَثِّلُ أنّي لا أسْمَعُ

آهٍ يا حَبيبَتي لو تَعلَمينَ

كَمْ أُحِبُّ سَماعَ اسْمِي بِصَوتِكِ!

نادِي، نادِي، دَعيني أستَمتِعْ

(7)

وأنتِ تَنامينَ في جِواري

كما يَنامُ القَمَرُ في حِضْنِ الغَيمِ

أتَسلّلُ كاللِّصِّ إلى الشُّبّاكِ

وأنظُرُ إلى السماءِ ثُمَّ إلَيكِ

وأقولُ: يا ربِّي شُكرًا،

شُكرًا على حَبيبتي يا ربِّ   

شُكرًا يا ربّي، كَم أنتَ رحيمٌ!

 (8)

وأنتِ تكتُبينَ اسْمَينا

على شاطِئِ البحْرِ

تَخافينَ مِن عَبَثِ الرّيحِ، وغَدرِ المَوجِ

أكونُ أنا واقِفًا كالسَّدِّ

لأَسقِيَ الماءَ حلاوةَ القَهرِ

(9)

وأنتِ في آخِرِ شُهورِ الحَمْلِ

تَجلِسينَ ببُطْءٍ، وتَقِفينَ ببُطْءٍ

وتَمشينَ كما يَمشِي الطِّفلُ المَختونُ

أضَعُ أذُني على بَطنِكِ

لأسْمَعَ كَلِمةَ “بابا”

مِنَ ابني.. ابنِ المَجنونِ

 (10)

وأنتِ تَلتَقِطينَ صُورةً لي

تَقولينَ: ابتَسِمْ

أَنظُرُ أنا، مُندَهِشًا، إلى غَمَّازَتَينِ

علَى خَدِّكِ الذي لا يَحتَشِم

(11)

وأنتِ تنتَظِرينَ رَدِّي على رسالةِ أمْسِ

تَسخُنينَ وتَبرُدينَ،

وتَظهَرينَ وتَختَفينَ كما تَفعَلُ الشَّمسُ

أكتُبُ أنا على وَجهِ القَمَرِ

هذا مِلكُ حَبيبَتي،

     مَمنوعٌ البَصُّ!

(12)

 وأنتِ تسألينَني عن مَنزِلِنا الجَديدِ

تقولينَ: دُلّني علَيهِ،

هل هو في النّاحِيةِ القِبْليّة أم البَحْريّةِ؟

أردُّ أنا غاضِبًا:

هل يَسكُنُ الوَردُ، يا وَردَتي، إلا في المِزْهَريّةِ؟

(13)

وأنتِ تقفينَ أمامَ المِرآةِ

تَضحكينَ، وترقُصينَ مُعجَبةً بِجَمالِكِ

أغسِلُ أنا مِرآةَ رُوحي بدَمعَتَينِ

لِأَطمَئِنَّ على أحوالِكِ.

(14)

وأنتِ تكتُبينَ لي رِسالةَ حُبٍّ:

أُحِبُّكَ يا حَبيبي، أَوحَشتَني، تَعالَ

أطيرُ أنا كعِفريتِ «سُلَيمانَ»

وأجيئُكِ قَبلَ أن تُنهي الرِّسالةَ.

(15)

وأنتِ ترسُمينَ وَردةً حَمراءَ

تكتُبينَ على أغصانِها اسْمَكِ، واسْمِي

لا تقْلقي إنْ جَفَّ حِبرُكِ

سأزرَعُها بشِرياني، وأُلَوِّنُها بدَمي.

(16)

وأنتِ تُوَدِّعينَني وأنا ذاهِبٌ إلى العَمَلِ

تَقولينَ: مَعَ السَّلامةِ، لا تَغِبْ

أنزِلُ دَرَجَتَينِ، وأعودُ مُحتَجًّا،

نَسيتُ أنْ أتَعَطَّرَ بالقُبَلِ.

(17)

وأنتِ تَسهَرينَ بِجِواري حتَّى الصَّباحِ

تقيسينَ الضَّغطَ والحَرارةَ في المَرَضِ

أقيسُ أنا حرارةَ حُبِّنا،

فأجِدُ في عَينَيكِ ألفَ عَرَضٍ.

(18)

وأنتِ تُرَتِّبينَ شَنطةَ سَفَري

تُعطِّرينَ مَلابِسي بالأحْضانِ وبالدَّمعِ

أهرُبُ أنا إلى الشُّرفةِ،

كَي لا أذُوبَ  كما يذُوبُ الشَّمعُ.

(19)

وأنتِ تَتَزَيَّنينَ لي

تَكتَحِلينَ بالفِتنةِ وتَرتَدينَ السَّحابَ

أجلِسُ أنا على ضِفّة السَّريرِ

لأصْطادَ نَجْمًا تَحتَ الثِّيابِ.

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project