لأنك تنسى التعاطف مع نفسك في صف التعاطف مع الآخرين

أشماء علاء
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أسماء علاء

الباب يحمل أثرك
لكني نسيت أين التقينا
يختفي أثرك من اليوم مثلما اختفى صوتك ورائحتك
أما هي فتنظر لي من كل اتجاه
وفي الليل
قد تعيش مجددًا
في أثرها المتفكك

تترك نفسك لتجد نفسك في أماكن أخرى. تعرف أن القارورة التي استوطنتها ذاتك هي إحدى أفكارك الخيالية، أحد الأوهام التي نفختَ فيها الروح وجلستَ فيها أيامًا وشهورًا، ثم تحل نهاية العام وتسأل من أنا وإلى أين سأذهب؟
اعتدتَ أن تسخر من هؤلاء الذين يديرون ظهورهم للحقيقة، مَن يغمسون أنفسهم في العمل أو الناس أو أي إلهاء آخر كي لا يتسنى لهم النظر إلى أنفسهم، كي يهربوا من الواقع تمامًا كالذين يقيسون كل شيء بالمسطرة، وهم غافلون عن واقعهم في نفس الوقت. الآن تنظر إلى نفسك ساخرًا لأن تجميل الحقيقة لا يختلف كثيرًا عن تجاهل الحقيقة. البحث عن التعاطف في الأمور هو أحد أبواب الخروج إلى النور، أحد أدوات ترحيل الأشياء كي تعود إلى زمنها الحقيقي، لكنه أيضًا قد يقف في ظهرك طاعنًا لأنك تنسى أن تتعاطف مع نفسك في صف التعاطف مع كل مَن آذوك.
..
لا تقف بهذا الباب مجددًا
أريد أن أقول أشياءً
أريد أن أسترسل في الحديث
لكنك لن تصدق
ستترك المكان وراءك
وستعود مرةً أخرى
لأنك قد نُودِي عليك
لتأخذ شكلًا لا يخصك
وتتلون بلون الآخرين

تذهب الكلمة وتعود الكلمة. يتهاوى الغضب في لحظة كما يتهاوى الصمت في لحظة. عندها تعرف أن الأمور تعقدت وأنك من قام بهذا. كل الأشياء مفككة ونحن نربطها ببعضها البعض. كل الأشياء منفردة لكننا نصلها ببعضها. نخلق العالم الذي يدمرنا، نخلق العالم الذي يُسمعنا ما نود الإصغاء إليه. حتى هذه الكلمات معقدة لأن الأمور ضبابية والشمس أمامي لكني لا أريد أن أرى.
..
تُشعِل الضوء ثم تختفي في الظلام مِن ورائه
تقف لثوانٍ في بقعة الضوء كي تُثبت وجودها
تنظر لي تلك النظرة التي أعرفها
نظرة النفْس للنفْس
حين تكون خاذلها

صحيح أنها في بقعة ضوئها تلك تعارضني أحيانًا لكنها تشبهني. تقتحم المواقف، تقول ما تريد وتترك ما لديها على الطاولة. ستبادل كل شيء بالحقيقة. ستخاطر بكل شيء كي تتأكد من أن ما تعيشه حقيقي وما تعيه حقيقي وما تتخيله حقيقي. ستسأل أسئلة قاسية لا تعلم أستكون إجاباتها لصالحها أم لا. تستمِع لما تقوله روحها وتطارد مبتغاها حتى لو كان على ظهر الرياح في مكانٍ تجهله وزمانٍ قد يكون فاتها.
..
عندما يتصل الإنسان بضعفه
يجد في روحه كل الأشياء التي قرر أنها تنتمي للماضي
إن كانت تموت فستُكتب لها النجاة
وإن كانت ميتة، فسيقف ببابها الذي لن يُفتح له

لا أظنها تريد أن تقف بهذا الباب مرةً أخرى. لا تريد أن تهشمه ولا تريد أن تنسى الطريق إليه. إنها تفضل أن تختار بملء إرادتها أن تغادره الآن بلا خطط أخرى. تترك كل شيء لله والدنيا وليحدث ما يحدث. لقد خاطرتْ معي وخسرتْ معي، لكنها تفتح لي نافذة الصباح وتذكرني أننا حاولنا أن نأخذ ما نريد من الحياة. تُذكرني أن ما ليس لي لا ينتمي لخسارتي. تُذكرني أن خسارتي لا تُوجد لكنني وهي موجودتان؛ نريد ونحاول وسنظل حتى يختفي ضوئها وضوئي.
..
إن طرده أو طارده
لا  يمكن للإنسان أن يخسر ما ليس له
تظل تُخبرني
في الصمت قد تحيا كما قد تموت
وذاك الصمت الذي نتقنه
قد يكون ألد أعدائنا أحيانًا
كان عليها أن تتكلَّم
وقد فعلتْ
لأنها مثلي
تُعلن ما تريد وتأخذ ما تريد

اليوم تقدَّمتْ من الظلام إلى بقعة الضوء. تومئ ناحيتي، تشعر بما أشعر به، تُذكرني ألا أرفضه، هذه مجرد مشاعر وأفكار من وجهة نظرها ربما قد تموت آجلًا أو تجد ركنًا بعيدًا بداخلي تستكن إليه. ضوئها يختفي وظلها يختفي لكنها تظل تُذكرني ألا أنسى نفسي، ألا أنسى التعاطف مع نفسي في صف التعاطف مع الآخرين. 

مقالات من نفس القسم

ضحى محمد السلاب
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

نصان