رضا كريم
الحكمةُ أو
الليمونةُ التي دحرجَها أبي
قربَ تمرّدي كقنبلةٍ
شفاءً لمراهقتي
بجسارةِ محاربٍ قديمْ
طوّعَ برودةَ أعصابهِ
عند َحافاتِ الهاويةِ
طوّعَ قدميهِ
بين تراحيلِ الضياعِ في السجونِ
ونشراتِ الأخبارِ
بين بياناتِ الفجرِ الأولى للعسكِر
ومتاعبِ عالمِ البدلةِ الزرقاءِ
الحكمةُ أو نشيدُ اليأسِ
المنهمرُ بين القبلاتِ
كنبوءةٍ أتت بكلِّ شيءٍ ٍ
لمرّةٍ واحدةٍ
متّقدةٍ على أسنانِه بضحكةٍ ساخرةٍ
لتحتلَّ غضاضةَ أصابِعي
ملفوفةٍ بكلِّ شرائطِ الحنينِ
تلكَ التي
أصغيتُ لها كتلاوةٍ مقدّسةٍ
من موجاتِ القلبِ العابرةِ لكلِّ النواصي
تصقلُ حبَر الندمِ
إنّه أبي
الهائمُ خلفَ كوابيسٍ
ناهضتُها بتغريدِ نهارٍ استبسلَ على النافذةِ
بطلعةٍ لأحمرِ الشفاهِ
يسطعُ في موقفِ الحافلةِ
كأنه ممحاةُ الأملِ
أو بالاسترخاءِ على مقعدٍ
في سينما الخيامِ حيث جيمس دين
، يبحثُ عن الذهبِ الأسودِ
ولأنّي يا أبي أصبحَ لديَّ
هواجسي الخاصةُ ، رغباتٌ آنيةٌ
وأحلامٌ مبثوثةٌ فوقَ الأرصفةِ
لماذا تمسكُني أقدارُكَ ؟
أصطحبهُا مع سخونةِ المساءِ
لنسترخيَ على ندى الكأسِ
في شارعِ أبي نؤاس
لأفكرَ بها كثيراً بأبي
وتحوّلاتُه لشبحٍ
يقفُ ظلاً بهزيع الليلِ الأخيرِ
ليرفعَ إصبعاً لا غيرَ
تشيرُ إلى حاجاتِ الطريقِ
للوقوفِ تحتَ مصابيحِ المنفى
لأقولَ لهُ وداعاً
وداعاً لملامِح أجوائِكَ يا أبي
إلى الأبدِ
لأنك
الليمونةُ تلكَ
المتوهّجةُ قربَ كرسيكَ الشاغِر
ورمادَ موقِد ليالينا الغابرةِ
وأقداحَ الشاي
، حيث الجميعُ يستأنسُ بسورةِ الفاتحِة
ولأنَ الحياةُ لا تكترثُ بأحدٍ
ولأنّ الضياعُ
يتوهّجُ لوحدهِ بين الركامِ
وما من أحدٍ يتعمّدُ بمذاقِها الحارقُ
سواي لأنّك أبي
أحملُ نعشَ يأسكَ
أجرّبُ تفتيتَ سوءَ الفهمِ
الخسارةُ النائمةُ في دنيانا
أحدّقُ بضربةِ يأسكَ المفاجئةُ
ككساحٍ خيّمَ بين تلافيفِ الهواءِ
لا أملكَ غيَر أن أتوشَّح بمسراتكَ
وأنت تتعتعُ خطواتي على دربِ القمر