كريم شعبان.. سينما بلغةٍ فريدة

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمود سليمان

خلف الكاميرات، هناك خطوات عدّة: الفكرة، ثم كتابتها، ثم إخراجها إلى الجمهور. وهناك دائمًا أبطال يقفون خلف هذه الخطوات. منذ عام 2012، ومع فيلم “إيه العبارة؟”، وُلدت تجربة سينمائية مميزة للمخرج “كريم شعبان”، الذي استطاع أن يكوّن لغته السينمائية الخاصة، لغة تخاطب الوجدان، منذ اللحظة الأولى، يلفت كريم الانتباه ببصمته عن طريق فيلمه في عام 2012  “إيه العبارة؟” يحكي قصة شاب مجتهد ومكافح يواجه اختبار الثورة عقب أحداث يناير 2011، و تغمره مشاعر متباينة: الخوف، الفضول، الأمل، والمرارة،  رغم أن كريم يعترف بأنه ليس خبيرًا في التمثيل، إلا أنه يُوجّه الممثل عبر المشاعر، ومن وجهة نظري أنه يتقن التعامل مع الممثل، ويستخرج منه طبقات شعورية دقيقة تعكس روح الشخصية.

تظهر ملامح مشروعه من خلال خمسة أعمال تنقّل كريم شعبان بين القصير والروائي الطويل؛ ليصنع مشروعًا سينمائيًا متماسكًا، وهم: “إيه العبارة؟، في يوم، شيفت مسائي، إن شالله الدنيا تتهد، 6 أيام”، بينما تنوعت المواضيع، حافظت الأفلام على خيط مشترك ضغط الإنسان سواء النفسي، أو العاطفي، أو المهني، في فيلمين قصيرين “شيفت مسائي” و”إن شالله الدنيا تتهد”، يدور الصراع داخل بيئة العمل القاسية، في ظل نظام لا يرحم، تمامًا كما قال اليوتيوبر محمود مهدي: “أبطال الفيلمين يتعرضون للانسحاق أمام متطلبات العمل في وجه من لا يرحم”، كريم لا يصوّر فقط معاناة شخصياته، بل يضع المتلقي داخلها، يبدأ الفيلم بفضول يوقظه في مشاعرنا ويبقيه حيًا حتى النهاية، حيث ينفجر الشعور، ويتحول المشاهد من متفرج إلى شريك وجداني في أحداث العمل الذي يقدمه كريم.

أكثر ما يميز فيلم “6 أيام” هو أن ليس أبطاله الممثلين فقط لكن الموسيقى أيضًا من أبطال العمل؛ لأن كريم استخدمها كأداة سرد، ليست مجرد خلفية، بل عنصر درامي يوازي الحوار، كل لحظة بين “يوسف” و”عالية” كانت تُعبّر عنها أغنية، وكأن الموسيقى تسرد ما لا يُقال، الأغاني المختارة ليست فقط شهيرة، بل تحمل في كلماتها وألحانها مشاعر متناقضة، تُشبه حالة العلاقة بين يوسف وعالية وكان اختيار الأغاني دقيق جدًا؛ فالأغاني لـكريم كانت ليست أداة استعراض ولكنها أداة للسرد، ومن ضمن تلك الأغاني “اتوه في الشوارع لـ محمد منير، تملي معاك لـ عمرو دياب، الليل لـ مسار إجباري، على بالي لـ شيرين…” وغيرهم كثيرًا،  تُظهر أفلام كريم حسًا بصريًا عاليًا بالتكوين والإضاءة، إضاءته هادئة، ناعمة، تنسجم مع الحالة الشعورية التركيز على التفاصيل، واختيار زوايا الكاميرا، يعكس عناية شديدة بلغة الصورة، ويكشف عن مخرج يُدرك أن السينما ليست فقط سردًا، بل إحساسًا عاليًا يجب أن يصل للمتلقِ بنسبة كبيرة، تلك المدرسة التي إنشائها كريم فهي خاصة به، مزيجٌ بين مدارس عِدة؛ لينتج عنهم مدرسة كريم شعبان الإخراجية بشكل كبير التي يستطيع أن يوظف كل العناصر المتاحة له في تنفيذ عمل سينمائي متكامل

 

 

 

مقالات من نفس القسم