زهران القاسمي
يدي التي تحبك
كما لو كانت طائرا مهاجرا
عاد
يدي تحبك
فأتسول بها في الطرقات واﻷماكن المهجورة
لعل نفحات صغيرة من حبك
تتساقط عليها
كما لو أنها صحراء قديمة
ترتقب المطر .
***
لدي ولع بأشيائك الصغيرة
اﻷشياء التي أحب
تختبئ أحيانا خلف حكاياتك
يدي تحبها والحكاية
وأنا
لدي ولع بالبحث عنها
في العتمة
اﻷشياء تمارس الاختباء
وعيناك تعلماني الترقب .
***
خذيني إليك
لست جائعا
برغم هوسي الجنوني
ﻷكلك قطعة قطعة
لست عطشا
برغم صلواتي لهطولك
خذيني
لربما استيقظت الحمامات
في الصباح
وقد تسرب الحب
إلى أحلامها .
***
أسأل عنك الماء فيبكي
أضيع في رفرفة الفراشة
أذهب إلى الحسرة
تأخذ بيدي
أعمى وحسرة
لا الماء يطفئ الهجير
ولا الفراشات تأخذني لعينيك .
***
بإصبع واحدة
أقف على الأرض
أمد يدي إليك
أصلك
أقتطف قلبي
ثم أزرعه
الأرض ليست للجميع
الأرض لك
وقلبي يخرج من الأرض
يصبح شجرة كبيرة
الشجرة ليس للجميع
الشجرة لك
وقلبي للجميع
والجميع أنت
والأرض
***
سأعزف لك
لك وحدك في هذه الليلة
سأجرب كل المقامات واللونجات
وأعزف ﻷصابع قدميك بعض تقاسيم
أنت أنت
كل رقصة تأتين
وكل سكنة تنبتين شجرا وعصافير
أنت أنت
في غيابك الستائر تشبه الغيم
وفي حضورك يتكور الوقت
كأنه قطة بيضاء
سأعزف لك
وأغنيك
وأرقص أرقص أرقص .
***
سأختار
أن أصمت وأحبك
سوف أخترق جدار الغياب وهناك
سأقول لقلبي هي لك
كما لم تكن من ذي قبل
سأختار أن أحبك
كأغنية منسية أو كطائر وحيد يغرد في نهاية الغابة
ولو أحببتك من قبل
مثل كل هذا الحب
لما ضعت
سأحبك
وأختار ضياعي ﻷحبك
وأحبك
حد
الضياع
***
كتبت اسمك
فطارت فراشة
***
أرفع كفي إلى الله
أيها الحب
لقد نبتت وردة حمراء
اﻵن
في فمي
***
يا الله
لقد حولني العشق إلى شجرة مقطوعة
هي ذلك الباب الموصد
على حبيبتي .
***
حاملا في كفي عطرك
لعلني أستطيع اجتياز
المتاهة .
***
سلام يا قلب
سلام عليك
في النور وفي العتمة
في الحياة والممات
***
مسكون بجمالك
لذا
لا أرى في هذا اليباب
سوى الينابيع والحقول المزهرة
***
أنت القنديل
في ليل الخليقة
كلما أنطفأت ضعت
***
هل أنت بخير؟
هل عيناك الحبيبتان ما زالتا مثل طاؤوسين جميلين أحب أن أحدق في ألوانهما؟
لقد نسيت أن أمسح عنهما تعب الغياب البارحة فهل غسلته في وضوء الصباح .
إن قلت أشتاقك فأنا كاذب، ﻷن الشوق يشبه الحاجة إلى قطعة من الخبز تسد الرمق أما أنا فلا أريد لرمقي أن ينسد أبدا .
هل أنت هناك حيث كان كل شيء بحالته ورتابته؟ أم أن الزمن أخذك إلى دوائر شتى
هل أنت هناك اﻵن؟
هل تسمعينني في تقاطعات الأزمنة والحياة؟
***
كان هناك كرسي وما زال
الفرق أنه فارغ اﻵن
حتى أن طيفك قام عنه وبدأ يحوم حوله
لماذا ترحلين هكذا كجيوش الاستعمار
لماذا أخذت اﻷلوان معك والروائح واﻷصوات ليبدو المكان مثل جرة خزفية قديمة فقدت كل شيء؟
الكرسي الفارغ لم يجلس عليه أحد بعدك
أسمع أنينه واشتياقه
كرسي حزين ومغبر
كرسي وحيد
الكراسي أيضا تموت لو تركت فارغة
وها هو ينهل هزيلا وكئيبا
حتى آخر رمق فيه .
***
لم يكن زر قميصك مفتوحا
يدي امتدت لينفتح باب الجنة
على مصراعيه .
***
كم أنا بحاجة ﻷقول لك أحبك
أن أسرق وقتا ليس لي
وأضعه في كيس
ذلك الوقت سيكون لي ولك ذات يوم
لا بأس
لست سارقا محترفا
وربما سترتجف يداي وأنا أهم بالتقاط كل ثانية
من أيام أحد الغافلين
ويدق قلبي خوفا من الفضيحة
لكن ثقي تماما بأنه لن يشعر
بنقص شيء ما
طالما الثواني والدقائق تتسرب من حياته كل لحظة دون اكتراث
أريد أن أقول أحبك في زمن مفصول تماما
ليس لي
ليس لك
لكنه للحب .
***
لا بائع حلوى أو ورود متجول في هذه المدينة
لا بائع بالونات على شكل قلوب
أبواق السيارات تركل الهمس الذي يحاول الخروج ليصل إليك
كما تركل قاطعي الطريق
ممن ليس لهم سيارات فارهة يقودها شخوص بحواجب معقودة من الغضب والمرارة
لا رسائل تصل إليك
ولا أغاني منتقاة على اﻷف أم ستستمعين إليها ﻷهديها إليك
في اتصالي الذي سأبدل فيه صوتي واسمي
وأهديها لأول حرف من اسمك
ماذا سأفعل اﻵن
سأجلس على عشب اﻷرصفة المقلم بعناية
أخلع حذائي وأقعي عليه
مثل مسكين ينتظر وجبة غدائه
التي تأخرت .
***
أنت حلم يمشي بعيدا
يحب كثيرا اﻷزقة والحارات القديمة
ولا دخل لهذا الكلام بالسياحة
ولا بالبكاء على اﻷطلال
يكفيني أن أمشي بهدوء في حارات قلبك
ولقد مللت من البكائيات
حيث العربي لا يكف عنها حتى في أفراحه
أنت حلم
مجرد حلم
ومجرد من ألوانه
حلم داخل حلم
***
لقد أهديتك منذ سنوات طويلة
آخر ورود ذلك البستان
الذي أصبح بورا
***
كانت كفك متنزه الفراشات
وأصابعك دروب العشق
***
أرعى قطيع اﻷشواق
في عينيك
***
في شفتك
يخجل الحب من انعكاس صورته
***
للسانك مذاق ثمرة شوكية
***
أتهجأ حكاية الخلق
في نحرك
***
أصرخ
كلما توقفت نظرتي في منتصف شفتك
أنا رجل ضال
أعترف بذلك صامتا
ويلعنني قلبي ساخرا.
…………………
*شاعر وروائي عُماني