باستثناء عدد من دور النشر الكبرى والمعروفة اسمًا، والتي لا تقبل إلا أعمال كبار الكتّاب، أو الكتّاب الشباب لكن بعد أن يحققوا أرباحًا خيالية ومبيعات ضخمة، لن تجد في مصر ناشر يقوم بدوره على أكمل وجه إلا واحد أو اثنين على الأكثر، ومن هنا يمكن أن نضع المواصفات التي نأمل أن تكون في “الناشر السحري” لأنه كائن غير موجود، وغير حقيقي، وأي تشابه بينه وبين الواقع لا يمت له بصلة. وهذه المواصفات هي:
- أن يطبع ألف نسخة من الكتاب كطبعة أولى، وبهذا جدل كبير، فكثير من دور النشر تطبع مئة نسخة كطبعة أولى، وتفاجئ بأنه كتاب ركيك قد حقق مبيعات لعشرة طبعات، وفي الحقيقة لم يطبع إلا واحدة!
- لا يحذف أي شيء من الكتاب أو يُغيره بدون موافقة الكاتب.
- الطباعة النظيفة، والورق الجيد، والغلاف المناسب. وأن تكون كل المواصفات السابقة كما تم الاتفاق عليها مع الكاتب.
- يجب أن يكون لدى الدار مصحح لغوي، وأن يكون بالفعل “مصحح لغوي” لا شخصًا يضع الهمزات والتشكيل بشكل عشوائي على الحروف.
- الكاتب يختار الغلاف الأنسب للمادة المكتوبة، لا الأنسب للنقود التي في جيبك.
- يجب أن يكون هناك لجنة قراءة من الخبراء. والخبراء هنا ليس “الناشر وزوجته”، أي أننا نريد مختصين يقيّمون الكتّاب فعليًا، “مش عشان عجب المدام!”، إلا إذا كانت “المدام” متخصصة.
- نفترض أننا ككتّاب لا يجب أن ندفع من أجل أن يُنشر لنا، ولكن بسبب استحالة الأمر، فيمكننا أن ندفع، بشرط أن نجد مقابلًا على أرض الواقع لما دفعناه.
- إذا كنا سندفع، فيجب أن ندفع التكلفة الحقيقية للطباعة، لأننا نستطيع أن نسأل المطابع بأنفسنا.. وحينها لن يكون موقفك مقبولاً أبدًا.
- من أهم مواصفات الناشر السحري، أن يجيب على هاتفه بعد أن يحصل على الأموال!
- يقوم بوضع شروط منطقية في العقد، مثل أن حقوق الملكية الفكرية للكاتب وليست للدار، وكذلك الأرباح يجب أن تكون مناصفة كما أن الدفع وتكلفة الكتاب مناصفة! وأن أي طبعة أخرى يجب أن تكون بموافقة الكاتب!
- أن يحترم الكاتب ويعامله على أنه صاحب فكر ومبدع، وليس “فرصة” يمكنه من وراءها كسب المال، ولتعلم يا عزيزي “الناشر السحري” أن الكتابة الجيدة تحقق أرباحًا خيالية، واسأل القرّاء وهم سيخبرونك.
- بالعودة إلى العقد، يجب أن يكون مسجل، وألا يماطل، أو “يستهبل” في كتابة العقد والتوقيع عليه وتسجيله!.
- يتضمن العقد أن الناشر هو المسئول عن الدعاية بصفته دار للنشر، ومن أساسيات عملها أن “تنشر” وتتواصل مع الإعلام، وتوفر الكتاب في أكبر عدد ممكن من المكتبات.
- استكمالًا للنقطة السابقة: إذا كان الكاتب صحفي أو عامل بمجال الإعلام، فهو يقوم بالتسويق لكتابه لأنه كتابه، وليس لأنك الناشر، لذا فإنه يقوم بذلك فضلًا منه وليس دور، وعليك كناشر – سواء قام بذلك أم لا – أن تقوم بدورك أنت في الدعاية.. تخيل!.
- الكتاب يُطبع ليكون مكانه المكتبات، ليس المخازن ولا “شنطة” سيارتك.. آه والله.
- الكاتب يتصل بك ليطمئن على كتابه، هل تم توزيعه، أين يوجد، ما هي أسماء المكتبات الموجود بها.. لا ليتغزل بك، من فضلك أجب على هاتفك!.
- لا يوجد معنى لعدم نشر القصص والشعر والأبحاث.. ماهو عملك إذا؟ إذا لم تحقق هذه الكتب مبيعات فذلك لأنك لم تسوّق لها من الأساس، ولأنك تعتمد على ثقافة المجتمع الذي يفضل الرواية والمقالات الساخرة، ولكن ما دورك أنت إذا لم تضف أي شيء من خلال عملك؟ ما دورك إذا لم تغيّر تفكير المجتمع وتثبت له أن الشعر والقصة في أهمية الرواية والضحك؟!
- هل أنت صاحب دار نشر محدودة بالمكان؟ هل هناك حدود جغرافية تضعها للكتب التي تنشرها؟ لماذا تنشر الكتب في وسط البلد والقاهرة والإسكندرية على أقصى تقدير؟ لماذا لا تكسر هذه الحدود وتصل للقراء في الصعيد وفي كل مكان؟
- بما إنك اخترت مجال النشر، فهذا يعني أنك ماهر في التعامل مع المطابع والمكتبات وغيرها، من فضلك لا تتدخل في النص ولا تتفذلك على الكاتب، إلا إذا كنت تقول رأي حقيقي وليس مجرد “تكسر مقاديف”، وإذا كنت أصلًا خبيرًا في النقد.
- النشر للكاتبات حلال، ويمكن أن تنشر لهن بدون معاكسة أو تظبيط، أو استغفال لحقوقهن، أو “استهبال” أو “بصبصة”، أو تحرش.
- ليس كل “قلش” يعتبر أدب ساخر، ولا كل “هرتلة” على “فيسبوك” تصلح للنشر في كتب.
- لا تُقاس مهارة الكاتب بعدد “الفولورز” على حسابه وصفحته، ولكن بمهارته في صناعة الفن، فمثلُا قد تكون هيفاء وهبي لديها ملايين المتابعين لكنها لا تستطيع أن تكتب كتابًا (أعلم أنها فرصة ينتظرها كثير من الناشرين وربما يقترح عليها أحدًا ذلك بعد قراءته للمقال).
- لا تستهن بما تفعل، ولا تنشر كتابًا رديئًا لمجرد الربح، أنت تغيّر ثقافة ووعي القراء بما تنشر، وإذا كان الكاتب فعلا يطمح في النشر فعليه أن يطوّر من نفسه.
- معارض الكتب والمكتبات والأرصفة أماكن عامة لبيع الكتاب.. من فضلك اخبر الكاتب بها لعله يرى كتابه مرة في السوق قبل أن يموت.
- أنت تتعامل مع كاتب، أي “صاحب رأي”، لذلك لا تسأله لماذا كتبت هذا ولماذا لم تكتب ذلك، لأنه ببساطة لم يسألك لماذا أصبحت ناشرًا ولماذا لم تصبح “طيار” في كنتاكي!
- للكاتب حق في أرباح كتابه.
- إذا كنت نشرت الكتاب بالفعل، فهذا دورك، عملك الذي تكسب منه قوت يومك، فلا مجال للتنطيط على خلق الله وإقناعهم أنك حوّلتهم إلى كتّاب، هو كاتب بالفعل وألّف كتابًا وأعطاه لك لتنشره، وهناك آلاف يقومون بدورك، أنت لا تمنّ علينا بنشر الكتاب، بل تأخذ حقك، وزيادة!.
- كيف تخبر كتّاب دارك أن كتبهم فاشلة ولا تحقق مبيعات.. وأنت تغيّر سيارتك لأحدث ماركة كل بضعة شهور؟ ألا تعمل معهم في نفس الدار؟! أم أنك تاجر مخدرات بعد الظهر؟!
- حفلات التوقيع والندوات دورك، جزء من دعايتك للكتاب، وتنظيمها ودعوة الناس والصحفيين إليها دورك أيضًا.
- انصب على قارئ مرّة ولن يشتري من دارك مرة أخرى، انصب على كاتب مرة، وسوف تندم على ذلك طوال حياتك.
- اشتري الأفكار واستثمر فيها، دور النشر في الخارج تتفق مع الكتّاب وتمولهم ليكتبوا أفكارهم.. دعنا نفعل مثل “أوروبا والدول المتقدمة”.
- بالحديث عن “أوروبا والدول المتقدمة”، فالكتاب يتم طباعته في الموعد المحدد الذي تم الاتفاق عليه، لا بعد مماطلات وتأخير وتأجيل.
- كونك كائن مسرف ولا تستطيع تدبير أموال للنشر، وتنتظر أن يدفع لك كاتب لتنشر لكاتب آخر، أو لتحاسب كاتب آخر على أرباحه، مشكلتك الشخصية، لا علاقة لي بها. (يمكنني فقط أن أدلّك على شخص يعالج إسرافك).
- احترم كلمتك ووعودك قبل النشر وبعده.
- نعلم أن القضاء المصري بعافية، وأن الحقوق والقانون في مصر مرحلة لم تأت بعد، لكن ذلك لا يعني أننا لا نستطيع أخذ حقوقنا، أسهل شيء يا عزيزي هو “الفضيحة”، لكنناعندما نسكت يكون اختيارًا منا.. صدقني.
- أسعار الكتاب يجب أن تناسب السوق الذي تُباع فيه.. لا طموحاتك بالثراء السريع. والسعر الذي يباع به الكتاب يجب أن تخبر به الكاتب، لأننا سنعلم بأي حال.
- الكتّاب الكبار لم يولدوا كذلك، ودور النشر العريقة لم تبدأ كذلك، وهذه دعوة لدور النشر الكبرى أن تفتح مجالًا للمواهب الشابة وأن تخصص لها نسبة من مطبوعاتها، وأن يتم ذلك في وقت مناسب.
- لا يوجد فرق بين كاتب وكاتبة، والمقياس يجب أن يكون جودة النص، وليس النوع، والتفرقة بين حقوق الكتّاب على أساس نوعهم يدل على أنك لا تفهم مهنتك جيدًا ولا تفوم بها باحتراف.
- لا نطلب منك أن تكون مثاليًا، ولكن يجب أن تكون محترفًا في عملك، والمحترف يستطيع التعامل مع الأخطاء وإصلاحها.
- حسبي الله ونعم الوكيل.
