قلب يتنفس بعمق

تشكيل
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أسامة على

منذ وعيه، وسكين يطعن بلا رحمة قلبه، يخرجه عنوة من النوم. مرة سأل صديقه الخيالي: لماذا يكره الألم أطفال العيلة والمدرسة والجيران ويجبني؟ لماذا يعيش في قلبي؟
عود نفسه كتم صرخة الألم، حتى لا يفزع أمه في نومها، أمه التي قدمت القرابين لكل الأولياء و القدسين، أمه التي لفت به مشافي مصر كلها، و الإجابة كانت وأحدة (لا أمل في انقطاع الألم، أبنك مريض بالتهاب مزمن بالقلب) لا علاج، فقط حقن طويلة المدى، تخفف الالتهاب، تؤجل موت قلبه.
بالنهار كان يتعب من أقل مجهود، فمنعته أمه من اللعب مع الأطفال، منعته حتى من اللعب مع نفسه، أصبح طفل مريض وحيد. بالليل كان يخاف النوم، فتنفس القلب يقل أثناء النوم،، يكون الألم أكثر قسوة
أيام طويلة لا يعرف عددها، كان يقضيها في مغالبة النوم، حتى يغلبه النوم، فيستسلم له. حتى كبر خوفه، أصبح طفل وحيد مريض بقلبه وبفوبيا النوم
في المرات التي كان لا يستطيع كتم صرخة ألم، كانت أمه تخرج من نومها مفزوعة، تجري إليه، تساعده في الاعتدال حتى يساعد الدم في مراوغة شراين القلب الملتهبة، تطلب منه التنفس بعمق، تأخذ نفس طويل من الأنف، و تخرجه ببطء من الفم، و الطفل يقلدها. حتى بعد أن حفظ،كانت تتنفس معه. مهما طال الأمر،تبقى معه حتى تذهب نوبة الألم، تبقى معه حتى يأتيه النوم، تحكي له قصة نبي الله أيوب، وفي كل مرة كان يستغرب أنها تحكي نفس الحكاية، فهو ليس بنبي، و لا يريد حتى أن يكون، هو طفل يريد أن ينام و لو لليلة وأحده في سلام.
خُلق الصديق الخيالي، لتلبية رغبات خالقه الطفل الذي يشعر بالغربة، بالوحدة، خلق لتسلية خالقه، لتلبية رغباته، للإنصات. لهذا صمت عندما أخبره الطفل أنه قرر قتل الألم، فكيف لطفل أن يفكر في القتل، حتى لو كان من سيقتله هو الألم نفسه؟ كيف لطفل لم يتخطى عامه التاسع بعد،أن يقتل كائن لا يموت؟ كائن خلقه الله منذ أن خلق وسيبقى حتى يفني أخر خلقه، حتى يموت الموت
كانت خطة القتل بسيطة، فالله رحيما بخلقه، أو هكذا يجب أن يكون، من المستحيل اذا أن يكون بالجحيم مثل هذا الألم. قرر أن لا ينهض عندما يأتية الألم، لن يساعد الدم في التدفق بشرايين القلب، سيتركه يموت، ويقتل معه الألم و نفسه، فضل الطفل جهنم.
كان الألم أكثر خبرة من طفل أخذ يكبر، يكبر، يكبر… حتى أوصل الطفل لألم حافة الموت وثبت. لم يتحمل الطفل الم حافة الموت، انتفض كالمجنون يبحث عن هواء.
في عامه الخامس عشر، أخبر صديقه الخيالي، أن فكرة التعايش مع الألم، هي أحقر فكرة بالوجود، ورغم ذلك قضى أجمل سنوات عمره في التعايش معه.
في عامه العشرين، اختفى الألم فجأة، لا يعرف كيف أختفى، ولا يريد حتى أن يعرف، فهو يكره المشافي و الأطباء. ذهب مرض قلبه، أصبح شابا مريضا بفوبيا المشافي و الاطباء.
في عامه الثاني و العشرين، في نهاية أول ممارسة جنسية، عضت برفق حبيبته طرف أذنه، همست: أحبك، أحب صوت أنفاسك.

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون