قلبُ الكتابةِ الأسود

إبراهيم الحسين
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام
إبراهيم الحسين
1 – حُفَرٌ تمشي معي
حُفَرٌ كَثيرةٌ ما زَالتْ تَمشِي مَعِي، حُفرٌ تَجيءُ مِنْ مَناطِقَ بَعيدَةِِ أعرِفُ ذلكَ مِن فَراغِها مِن خُلُوّها مِن نَوَىٰ الخَوْخِ ومِن الأَصَابعِ التي اِجتهدتْ أنْ تُسقِطهُ فِيها،إحدىٰ وَسَائِلِ التَّكتٍّمِ علىٰ هُروبِ الأَعضَاءِ إلىٰ الجِهاتِ الكالِحَةِ، مِن الغيابِ التّامِّ لِلشّجاراتِ عَن حَوَافّها، شِجاراتٌ ظَنَنتُ أنّها لَن تُخْلِي مَكانَها أبداََ وسَتظلُّ حارِسَةَ حُفرِِ، حُفرٌ أَصحُو مَرّاتِِ لِأجِدَ تُرابَها يُخفِي لَوْنَ الوَسائِدِ، حُفرٌ لَم تَكُنْ عَميقةََ لِتَفُورَ مِنها السّهَراتُ أو لِتَتَدفّقَ مِنها مَرّةََ أخرىٰ الوجوهُ التي غارَتْ، لَم تَكُن حتىٰ واسعةََ أو مَديدةََ لِتَجري فِيها الكُتُبُ قَبلَ أنْ يَصطادَها أحَدٌ، وهِي الحُفَرُ ذاتُها التي ظَنْنتُ مُخطِئاََ أنّها مَعَ الوقتِ سَتَندَمِلُ، حفرٌ لَم أَكُنْ أعلَمُ أنَّها سَتَشِي بِي عِندَ أَوّلِ وَرَقَةِِ، أنّها سَتَكْشِفُ عنّي الغِطاءَ فَأَظهَرُ بِعُشبِيَ الأصفرِ اليابِسِ، حُفَرٌ تَتَقَدّمُنِي دائماََ وَتَسبِقُني إلىٰ الغُرَفِ
تَسبقُني إلىٰ ثِيابِي؛
تلكَ الحُفَرُ التي لا تَتَرَدّدُ أحياناََ فِي أوقاتِ فَراغِها وحِينَ لا تَجِدُ مَا تَفْعَلُهُ أنْ تَتَلَهّىٰ بِحَفْري عَميقاََ وَجَعْلِي جُذَاذاتِِ تُلْقِيها واحدةََ واحدةََ في قلبِ الكِتابةِ لِأسْوَدّ وَأَتَلوّىٰ وَأُصدِرَ أنِيناََ هُناكَ لِتسْطَعَ مِنّي رَائِحَةٌ هِي رَائَحةُ الذينَ غَلبَتْهُمْ حُفَرُهُم واسْتَبدّتْ بِهِم،دَلّـَتْ عَلَيهِم كُلَّ جُوعِ الحُفَرِ.
11 أغسطس 2022
2 – القمصان
القمصانُ ذَرِيعَةُ الذينَ يَضرِبُونَ مَوعِداََ معَ البحرِ، يُقايِضُونَ وُجُوهَهُم بِمِياهِهِ، يَكتُبونَهُ في أَكُفِّهم ويَشِمُونَ قُلوبَهُم بِزُرقَتِهِ، وَالقُمصَانُ هِي صَمْتُ الذينَ يُصْغُونَ إِلىٰ البحرِ لا يُقاطِعُونَهُ بِسُمْرَةِِ وَلا بَياضِِ لا يَطلُبونَ مِنهُ وُجُوهاََ كانتْ لَهُم قَبلَ أنْ تَقَعَ مِنْهُم فِي الكِتابَةِ، والقُمصَانُ اِقتِراحَاتُ الذينَ يُغَنّونَ البحرَ يَسْتَشِيرُونَهُ إِنْ كانتْ تَصلُحُ أَشْرِعةََ أو شِباكاََ يَصْطَادُونَ بِها مَا قَد يُساوِرُهُم مِنْ قَنادِيل أو أَعشابِِ يُضَمِّدُونَ بِها مَسَافَاتِهِم التي قَطَعَتهُم، يُرَمِّمُونَ بِها يَأسَهم كَيْ لا يُجَهُِّزوا قُمْصانَهُم مَرَّةََ أُخرَىٰ كَي لا يَركَبُوها مَرّةََ أخرىٰ
مُتَزوِّدِينَ بِوُعُودِ قُمْصَانِِ، لا يُفكّرُونَ بِغُيُومِهِم التي خَسِرُوها، وَبِلا بُوصَلاتِِ أو قَصَائِد يَنْسَرِبُونَ فِي بَحرِِ، ورُبّما مَلَأوا جُيُوبَهم حِجارَةََ وَوَقَفُوا مُتَرَدِّدِينَ أَمَامَهُ
12 أغسطس 2022
3 – حجرُ الرَّحى
حَجَرُ الرّحَىٰ الذِي حَسِبتُهُ اِنكَسَرَ وتفتَّتَ وَطَارَ بِجَناحَيهِ وَراءَ الجَدّةِ التي طارَت، وَقَفَتْ علىٰ مَفْرِقِ شَعرِها البُرتُقالِيّ ولَم نَرَها بَعدَ ذلكَ، حَجَرُ الرَّحَىٰ يَعُودُ ويَدُورُ مُحتَكّاََ بِأَخِيهِ، لَمْ أَفهَم حِينَها أنّ مَا كانَ بَيْنَ الحَجَرَينِ هو حَديثُ الجَدّةِ، لَم أُدرِكْ أنّها كانَتْ تَضَعُ صَمتَها في فَمِ الحَجَرِ لِيقُولَ عَنها، لم أُدرِكْ أنّها تَسْتأْمِنُهُ عَلَىٰ سِرِّها وَتَثِقُ بِبُحّتِهِ الشّدِيدَةِ وَلا أنّها كَانت تَغزِلُ أَجنِحَةََ وَتَبحَثُ في صَمْتِها العَالِي عَن سَماءِِ حِينَ كانتْ تَذهَبُ بعيداََ في اِنْحِناءَتِها وَتُشَدّدُ قَبضَتَها علىٰ عَصَا الحَجَرِ؛
لَم أُصَدِّقْ ذَلكَ حَتّىٰ صَحَوتُ اليومَ علىٰ صَوتِ الحَجَرِ وَالجَدّةِ يَدُورَانِ داخِلِي بِلَا تَوَقُّفِِ وَيَطْحَنان:
أَمَا آنَ الأوانُ أنْ تَبحَثَ لكَ عَن حَجَرِِ بَلِيغِِ تَعرِفُهُ وَيَعرِفُكَ.
13سبتمبر 2022
4 – انصرافٌ عاصف
سَنحرِصُ أنْ لا يَخلُو الحُلمُ الذي سَنوقعُ أنفُسَنا فيهِ من خيطٍ بلونِ لوعَتِنا وأن يكونَ الضّوءُ كافياً لِرُؤيةِ عُيونِهم واضحةً لَحظةَ اِكتظاظِهم بِوحدتِهم لحظةَ ذُروتِهم لنمرِّرَ الخيطَ منها نَنظِمُهم فيهِ ونَسْرقُهم، ساره كين التي ضاقَ بها رِباطُ حذائِها سيلفيا بلاث التي تَصالحتْ معَ غازِها، خليل حاوي الذي لا تعرفُ كيفَ اِتّسعتْ لهُ فُوّهةُ بُندُقُيّتهِ وَابْتلَعتهُ، فرجينيا وولف التي لم تَتردّدْ حِجارةُ جُيوبِها في تَلْبيةِ رَغْبتِها، خاي زي الذي فتحَ قصائدَهُ كلّها أمامَ قطارِهِ لِيُلقي بِعيونهِ تحتَ عَجلاتِهِ التي تُرَدّدُ بِصرٍيرٍها مَعهُ:
” مَوْتي لَيسَ من شَأنِ أَحَدْ”.
20/12/2022

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم