مشهد
سمعت فحيحا أسود مرعبا، فتشت حولي عن مأتاه، فلم أجد شيئا.
تابعت مشاهدة العاشقين: وهما يقتربان من بعضهما..
وهما يتلامسان…
وهما يتبادلان أنخاب القبل…
وهما…
وهما
فعلمت…
**
رعب
استيقظت من حلم مرعب، أو أني نمت بداخل حلم كيتشكوكي، مؤداه، أن الكعبة صارت كعبتين، واحدة سوداء للفقراء، والثانية، بيضاء للأغنياء؛ وترشيدا للنفقات، قرر ترامب حمل الكعبة القديمة إلى جوار بيته الأبيض.
ما زلت لحد الساعة غير مصدق: أأنا في حلم أم في علم؟
**
علبة السرد
خلف هذا الباب يكمن سر، قال، وأقبل عليه يعالجه.
قال السارد: كثيرا ما يقود الفضول إلى اكتشافات مبهرة ومدهشة.
لما انفتح، فغمت أنفه رائحة عطنة، وحلكة جارحة.
أصيب برهاب الظلام، فأقفله سريعا.
لو اقتحم المكان لاكتشف سر الحكايات…
**
خيار
اسيقظت مفزوعا، وجدتني في غرفة ضيقة ذات أبواب ولا نوافذ؛ شعرت باختناق شديد، فسارعت إلى باب أفتحه. استوقفني صوت أجش محذرا: لا تمتلك سوى خيارا واحدا، فأجد الاختيار قبل أن تضيق الغرفة عليك، وتهصرك الحيطان. انتابني خوف رهيب، وسال العرق باردا على ظهري، واضطربت ركبتاي…
اعتمدت على حدس قلبي، فاتجهت صوب باب اليمين، فتحته، فانهمر الرصاص مدرارا…
**
أن…
أن تطرق بابك سيدة حسناء تطلب كسرة خبز وبعض حبات زيتون، أمر وارد. أن تجلب لها ما طلبت، فذلك هو الكرم، أن تأكل ما جلبته، وتشكرك، فذلك هو الامتنان. لكن، أن تدخلها منزلك، وتلتهمها، فتلك هي الوقاحة، وأن تنجب لك طفلا في اليوم نفسه، ويصير بشاربين، فتلك هي الدهشة، وأن يسألك عن أمه، وتبحث عنها ولا تجدها، فذلك هو العجب. وأن يحمل سكينا يريد قتلك، فتلك هي النقطة التي ستفيض غضبك، فتمحو كل الذي سبق؛ لأبقى وحيدا أمام ورقتي التي تمزقت من كثرة البحث عن مخرج.
**
استدارة
..اشتتد به عطش جارح، لاح له نبع ماء، فزحف باتجاهه، ارتوى ثم غفا، حلم أن ريشا كسا ذاته، فتح عينيه ليجد نفسه قد صار طائرا، سعد بذلك فحلق مستمتعا ، بيد أن نسرا أبى إلا أن ينغص عليه حريته، كاد أن يمسك به، راوغه فنجا، اصطدم رأسه في هروبه بغصن شجرة نبتت فجأة، فتهاوى، برودة الماء أعادت له وعيه، فطفا، وحين فتح عينيه وجد الريش يحيط به كدائرة تعجب، خرج من النبع. اضطجع تحت ظل الشجرة العجيبة، ثم غفا… أشعة الشمس الحارقة كانت سياطا ألهبت جسمه، فنهض ليرى نفسه وسط صحراء مجنونة. اشتد به عطش جارح، لاح له نبع ماء، فزحف باتجاهه…
**
دعاء
اللهم أخرجني من هذه البلاد الظالم مسؤولوها…
قالها بحرقة، والدمع من عينيه يفيض.
من وهج نور خرج هدهد بهي اللون، وأشار إلى البعيد، فثم النجاشي، قال، وغاب.
فضل شد الرحال إلى الشمال، فالجنوب قد تعفن.
**
نعي
سقط عبد الرحيم التدلاوي مضرجا في دمه، بفعل رصاصة طائشة من مسدس عابث، أصابت قلب قلبه، مفرغة إياه من صبابة الحياة.
سيكون التأبين في غفلة من أعين زمن الحقد، أتقبل العزاء فيّ انطلاقا من اللحظة.
…وعلى شاهدة قبري سأكتب الغفران