Free radicals
تعني جزيئات غير كاملة تحتوي علي أكسجين غير زوجي الشحنات الكهربية تنتج عن التمثيل الغذائي والعمليات الحيوية في الجسم، وتزيد من مخاطر التعرض للسرطان وأمراض القلب كما تضعف الجهاز المناعي.
“كانت هي وريتش يشربان النبيذ كل يوم بكميات معقولة إذ يفترض أنه جيد للقلب أو سيء لشيء ليس جيداً للقلب، وهي في غمرة الإرتباك والرعب لم تكن قادرة أن تعرف أي الأمرين بالضبط هو الصحيح” ص 30
“قالت شوارد حرة / وما المفروض أن يعنيه هذا؟ / أشياء يفعلها النبيذ الأحمر إما أنه يدمرها لأنها سيئة وإما يكونها لأنها جيدة لا أتذكر” ص 31، هذه المفارقة الذكية التي صنعتها مونرو أن تجعل بطلتها لا تتذكر المعلومة بشكل صحيح ، فمن ناحية تريدأن تعطي دلالة علي حالة الرعب المكتوم الذي تشعر به، ومن ناحية أخري لو أنها فعلت العكس لما انتبهنا إلي الفكرة، فالشوارد الحرة في هذه القصة ليست بمعناهاالعلمي بأنها تلك الجزيئات الضارة للجسم فحسب،بل ترمز بشكلٍ غير مباشر إلي ذلك الخطر المحتوم والذي نقف عاجزين في مواجهته حيث لا يمكننا منعه،جلّ ما يمكننا فعله التقليل من آثاره المدمرة سواء كان موت الأحباء أو مرضاً مميتاً أو التعرض للسرقة، فهي الأرملة مريضة السرطان والتي تمت مهاجمتها من قبل لص قاتل يتلاعب بها ويحطم أعصابها، ثم يسرق سيارة زوجها المتوفي ويرحل لينتهي به الأمر في حادث يودي بحياته
***
نجد لدي مونرو الاهتمام العميق بالبعد النفسي للشخصيات في قصصها- والتي تكون معظمها من النساء– حيث لا تغفل مونرو أياً من التفاصيل فيما يتعلق بمشاعر أبطالها – أو بطلاتها بالأكثر- مهما كانت بسيطة.
لكن برغم هذا الاستغراق في التفاصيل؛ نستشعر حدساً إبداعياً يشي بضرورة كل عبارة تستخدمها .مثلاً في قصة “البعد” والتي تحكي عن رحلة التعافي وتجاوز البطلة لصدمة قتل أولادها الثلاثة علي يد أبيهمالمريض نفسياً “لم تكن السيدة صاندس لتقول ذلك في أول الأمر. بل وكانت لتحرص أكثر من هذا منذعام،علماً منها بأندوري يمكن أن تثور علي فكرة أن يكون أحد،كائناً من كان، في مكانها.” ص 51
وأيضاً “تذكرت شيئاً كان قد قيل لها، لويد هو الذي كان قاله لها” ص 88
نلاحظ في هذه الجملة أن اسم لويد زوجها الذي قتل أطفالهما لم يرد ذكره مباشرة بل علي مرحلتين، في إشارة إلي أنعقلها لا يستطيع تحمل مجرد ذكر الاسم، فلا يرد إلي ذهنها دفعة واحدة بل يحتاج إلي تمهيد . نلاحظ أيضاً أن السرد يأتي متدفقاً قريباً للأسلوب الذي تتم به كتابة اليوميات،ذلك الأسلوب الرهيفالعميق الذي يتحدث به المرء إلي نفسه، كما في قصة بعنوان “قصص”، لنقرأ “ووسط الكلام تشعر جويس أنها بخير. بخير فعلاً. تقول إنها الآن تمر فعلاً بلحظات تشعر فيهابالامتنان لجون،لأنها تشعر الآن أنها حية أكثر مما كانت من قبل. شيء رهيب لكنه رائع. بداية جديدة .حقيقة عارية. حياة عارية” ص 107
ولنتأمل أيضاً هذه الفقرة“لم تتصور أن ينفطر قلبه ويكره فينفسه حماقتها وهو يراها سعيدة مشرقة ومسيطرة لا باكية مشرفة علي الانتحار.لكن ليس بعيداً عن هذا،كان ما تفكر فيه شيئاً غير محدد بالضبط، لكنها لم تستطع أن تتوقف لحظة عن تمنيه” ص 111
***
لكن ما هو بالتحديد التأثير الذي تريد مونرو- والتي قال عنها النقاد أنها تشيخوف العصر- أن تتركه في نفوس القراء؟ الإجابة نجدها في الحوار الذي أجراه ستيفان أوسبيرج معها لتتم إذاعته في حفل منحها جائزة نوبل للآداب لعام 2013
تقول مونرو: “أريد للناس أن تستمتع بقراءة كتبي،لا أريد أن ألهمهم بقدر ما أريد لهم أن يستمتعوا بالقراءة وأن يفكروا بقصصي علي أنها مرتبطة بحيواتهم بشكل أو بآخر“، وتقول أيضاً: “أريد لقصصي أن تحرك الناس ،أن يكون كل شيء تقوله القصة يعطي للقاريء شعوراً أنهأصبح إنساناً مختلفاً حين ينتهي من قراءتها”، وهو نفس المعني الذي عبر عنه الفيلسوف الفرنسي ميشيلفوكو (1926- 1984) بقوله: “لا يكون العمل ممتعاً إذا لم يمثل في نفس الوقت محاولة لتغيير أفكارنا بلوما نحن عليه”.