قصاصة ورق

قصاصة ورق
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

لويز جليك *

ترجمة أحمد شافعي

اليوم ذهبت إلى الطبيبة ـ

الطبيبة قالت إنني احتضر

ليس بهذه الصيغة،

ولكن حينما قلتها أنا

لم تنفها هي

 

سكوتها يقول ما هذا الذي جنيته على جسمك

نحن منحناك إياه،

وانتظرنا نرى ماذا ستفعل فيه،

وكيف ستؤذيه

تقول أنا لا أقصد السجائر وحدها

ولكن نظامك السيئ في الأكل والشرب.

 

هي شابة، جسمها مختف في المعطف الأبيض.

شعرها مصفف إلى الخلف، في تلك الجدائل الأنثوية

تكبحها شريطة داكنة.

 

ليست مرتاحة هنا، خلف مكتبها

ومن فوق رأسها شهادتها

تقرأ أعمدة من الأرقام المصفوفة

كي تشد انتباهها.

ظهرها أيضا منتصب، خال من أي شعور.

 

لم يعلمني أحد كيف أعتني بجسمي.

يحدث أن تكبر وأنت تشاهد أمك وجدتك.

وما أن تخلص منهما، حتى تتولاك زوجتك، لكنها عصبية،

لا تغالي كثيرا.

وهكذا فإن جسمي هذا

الذي تلومني عليه الطبيبة ـ كان دائما في عهدة النساء

وأقول لكم، لقد تغاضين عن كثير.

 

تنظر الطبيبة لي ـ

بيننا كومة من الكتب والملفات.

وباستثنائنا، العيادة خاوية.

 

يوجد هنا باب سحري، وخلف ذلك الباب،

يوجد بلد الموتى. والأحياء يدفعونك عبره

يريدون أن تذهب أنت أولا، قبلهم.

 

والطبيبة تعرف هذا. عندها كتبها،

وعندي سجائري.

وأخيرا

تكتب شيئا على قصاصة من ورق.

تقول إن هذا سيحسِّن ضغط دمك.

 

وأضعها في جيبي، علامة على الذهاب.

وما أن أخرج، أمزقها، كأنها تذكرة إلى العالم الآخر.

 

كان جنونا منها أن تأتي إلى هنا

في مكان لا تعرف فيه أحدا.

هي وحيدة، لا ترتدي خاتم زواج.

تعود وحدها إلى البيت خارج القرية.

عندها زجاجة من النبيذ كل يوم،

وعشاؤها ليس عشاء.

 

وتخلع معطفعها الأبيض،

بين المعطف وجسمها

طبقة خفيفة من القطن لا أكثر.

وعند لحظة معينة، تخلعها هي الأخرى.

 

تولد، فيعقد جسمك معاهدة مع الموت،

ومنذ تلك اللحظة، كل ما يحاوله هو الخداع

 

تذهب وحيدا إلى فراشك. فقد تنام، وقد تبقى يقظان.

ولكنك لوقت طويل تظل تسمع كل صوت.

إن هي إلا ليلة كأي ليلة صيف،

حيث العتمة لا تحل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*لويز جليك. شاعرة أمريكية حصلت على أعلى درجات التكريم التي يمكن لشاعر أمريكي أن يحصل عليها حينما أعلنتها مكتبة الكونجرس مستشارة شعرية لها، وهو منصب يحمل صاحبه لقب أمير الشعراء الأمريكيين. هكذا توجت لويز جليك أميرة لشعراء الولايات المتحدة لعام 2003/2004، وبرغم ذلك المنصب الرفيع واللقب البراق، ظلت جليك كعادتها، مجتنبة للأضواء، عاكفة على الكتابة (لها أكثر من عشر مجموعات شعرية وكتب أخرى في نقد الشعر) إلى جانب ممارستها للتدريس (تدرس الإنجليزية في كلية وِلْيَمْز منذ 1983).

سبق لـ لويز جليك الفوز بالجائزة الوطنية لحلقة نقاد الكتاب عام 1985، وبجائزة بوليتزر ـ أرفع الجوائز الأدبية في أمريكا ـ عام 1993 وبجائزة بِن/مارتا ألبراند للأعمال غير القصصية عن كتابها النقدى (براهين ونظريات: مقالات حول الشعر) عام 1994، كما تم اختيارها مستشاراً لأكاديمية الشعراء الأمريكيين في العام نفسه. وقد صدر لها في خريف عام 2009 ديوان جديد عنوانه (حياة القرية) ومنه قصيدة (قصاصة ورق

*شاعر ومترجم مصري

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم