قصائد من “كلبٌ يحاول عض رقبته”

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

جابر طاحون

الموت

الحكايات عن الموت كثيرة سيلفيا بلاث

رغم أن تجربته تلزم لتفسيره

ولا أحد عاد من موته ليقول لنا شيئاً

أتصوره أحياناً

ذئباً يجلس آخر الليل يتحسس أنيابه

التي نشبت في لحم البشر

أحياناً

لا يقوي على إفزاع الناس

تماماً كأي مهرج لم يعد قادراً

على إضحاك أحد

أجده لا يخذل أحد: “سأجد للجميع متسعاً، فاصبروا

يزيد يقين من يظن أنه وحيد،

يميته وحيداً دون نفع أحد حوله

كأنه لم يكن يوماً

كأنه ما جاء إلى هذا العالم

حتى الذين يسيرون وحسب

لا غاية لهم

يضع نهاية لسيرهم

لن تصدقي أني أعتبره سخياً؛

الذين كـكومبارس ينظرون إلى الحياة من النوافذ

يوفر لهم قبوراً مهيبة بأسمائهم

يُبطّئ المارة السير بجوارها

وينظرون إليها بخشوع غير أنه حنون

الذين هزمتهم الحياة

يأخذهم في كنفه

وينهي غربة ظلهم عن الجسد

لأكن صادقاً سيلفيا

أنا أكره الموت

لأنه يزيد المدى الخالي من الحاضرين

فطر قلب أم على ابنها

وحرم امرأة من حبيبها

كل هذا غير الولد الذي كان عون أبيه

النهايات دائماً سخيفة

فما بال الموت!

عيون الموت الواسعة تلهينا عن الحياة سيلفيا

أنا بحاجة إلى شجاعتك

لا إلى ولوج الموت

بل لأعيش الحياة.

.................................................................................

 

الشعر
ما جدوى الشعر؟


الشعر يذكر

بفداحة أن يكون الواحد

محكومًا بالممكن.



هل بقي ما قاله شيللير مرة:” الشعراء يحطمون إضراب التاريخ”؟ أو ما قاله هولدرلين في مرة أخرى: “ما تبقى يؤسسه الشعراء”؟

ما يفعله الشعراء؟

يحاولون إضفاء بعد جمالي على المأساة. هم متخمون بالتشخوفية، حتى أن شاعر كتب لامرأته: " أغرقُ فيكِ كما يغرقُ السوريونَ في البحار".



أكره الشعر، ذلك الشيء المزهو بنفسه. الشعراء يقولون لتبرير انحساره: " الشعر بحاجة إلى قارئ نوعي متذوق للجمال".

إذا كان الواحد قارئًا نوعيًا، فما حاجته للشعر؟



شاعرة كندية ملامحها تشبه ملامح محاربة نجت من حرب طويلة اسمها غوندلين ماك إيون، ذهبت إلى بنك حاملةً كتبها المنشورة للحصول على قرض بضمانتها، فأخبروها أن كتبها لا تساوي شيئًا.

الشعراء، اليوم، مرغمون، على التخلي عن زهوهم والاعتراف بعجزهم فعلًا. دعوتهم أكثر الدعوات عقمًا، إن كانوا أنبياء فهم أنبياء الهزيمة، إن كانوا رسلًا فهم رسل السواد. بحسن نية وسذاجة نصدقهم حين يصفون الكتب بأنها مقابر القصائد، بينما هم أنفسهم قتلة محترفون وحفارو قبور الجمال.



الشعراء يرفضون الاعتراف بعدم جدوى الشعر، خشية أن يكون ذلك اعتراًفا بهزيمتهم.

كيف سيحارب أصلًا شاعر العالم بالجمال والجمال قد انتهى مع كل أول قطرة دم أراقها الإنسان.

ماذا تفعل قصيدة لطفل جائع؟ وما الحب الذي سينقذ العالم؟ هل شوق امرأة لحبيبها يقدر أن يجذبه بعيدًا عن الرصاص؟ هل عرق أم تطهو لأبنائها يقدر أن يُنبت شيء من البارود؟



الخيال نفسه أصبح خطرًا والشعر نفسه ليس ضروريًا للعالم.



جمهور الشعر؟ هم بالأصح مريديه أو للدقة مجاذيبه. كتابه أيضًا مجاذيب.

يحكي أرثر رامبو، الوحش النقي، أنه في احدى مرات هروبه، راقب جندي بروسي لوقت طويل ليدرك أنه كان ميتًا لا نائمًا. يقول أن هذا ما وضّح له الأشياء، لكي يصبح شاعر القرن، الأول، لن يكفيه أن يكون شخصًا واحدًا، بل أن يكون الكل، كل واحد. قرر، أن يكون عبقريًا، أن ينظم المستقبل.

نجح؟

عرّف الحب أنه غباء أو أنانية أو خوف. الحب غير موجود. الحب بحاجة لأن يُخترع.
نجح؟

 ماذا يفعل شاعر جاء بعد رامبو " هو مزق الشعر تمامًا، قبل أن يعتزله نهائيًا ويتجه للتجارة وكان " بول فيرلين " قد أصابه برصاصتين في معصمه.

سعارُ اليأس يدفع بي في وجه كل شيء: الطبيعة، الأشياء، أنا نفسي، هذا كله الذي أريد أنا تمزيقه".  يقول رامبو، بعدما شعر أن لا شيء يكفي على الإطلاق، جمع الكثير من المال قبل أن يتغذى السرطان على ساقه.

 

"العالم! الغناء الصافي لأحزان جديدة "

أنقذونا من هذا الشعر.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعر مصري
من ديوانه الأول "كلبٌ يحاول عض رقبته" الحائز على المركز الأول في مسابقة أخبار الأدب 2017

 

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني