من قصة لأخرى نكتشف، عبر مسارات السرد، طرقا أخرى للكتابة و الحكي.
تنتظم القصص داخل المجموعة عبر ثلاث مجموعات مختلفة بشكل عام. مجموعة ذات طابع اجتماعي اكثر قربا من الطبقات الاجتماعية الهشة والمهمشة مع ميل ظاهر إلى الجانب العنيف في العلاقات الاجتماعية. المجموعة الثانية وهي اكثر ميلا لمقاربة الابعاد السياسية في المراحل المختلفة بالمغرب أما المجموعة الثالثة فهي ذات طبيعة مختلفة تماما من حيث نمط الكتابة ، إذ هي أقرب إلى اعتماد الكتابة الفنتازية والحكايا الغرائبية .
وقد جاءت الكلمات التي أثثت الغلاف الأخير اكثر تعبيرا عن انعكاسات نفسية غاية في القسوة حيث نقرأ :
أعرف حبيبتي.. ليالي طنجة الطويلة . بصاق البحر العالق على ثوبها، و نداء الرحيل الأبدي إلى البعيد، لن يوقف صرير باب الحديد.
للأنامل ذاكرة، وللروح ذاكرة تبقى ، تحلق في الأثير. تعلق على أشجار الدوح.. على خرير جدول أو حفيف أوراق الربيع فوق نبعنا الباكي .لن أنظر إلى عينيه. لهب الفضة البارد يتوق إلى عنقي. وحفيف روحك المدهوسة في الممر الطويل تجمع بقايا رائحتي العالقة على صدإ الجدران.
كم أنا وحيد حبيبتي..
الصمت يصك آذان الفجر. لن أنظر إلى عينيه. عندما يهوي رأسي بعيدا، تذكري شجرة الرمان وحديث الجدول الصغير.
الروح إلى الروح تسير.
والجدول إلى النبع لا يعود .
ويمكن القول بشكل عام أن القاص عبد النور مزين عبر مجموعته الأولى قبلة اللوست قد أبان عن قدرات سردية جيدة مع قدر مهم من التحكم في تقنيات الكتابة القصصية الذي يضعه أمام تحد حقيقي من حيث مساراته الإبداعية المستقبلية.