زهير أبو شايب *
لا تَقُلْ لي
انتصَفَ الليلُ على صدرِك
لَم تذهب إلى الليلِ وحيدًا
فانتظرْ نفسَكَ في العتمةِ
أنتَ الميّتُ الآنَ
ولا شيءَ أنا.
لا تقُلْ لي: كلّما متَّ
انتظرْ
لا تلمِس الفجرَ
انتظرْ أنتَ إذا شئتَ
وخُذْ ليلَكَ
واسقطْ فيهِ
خُذْ أحلامَكَ الأولى
وخُنها لتَرى نفسَكَ
أنتَ الميّتُ الآنَ
ولا
شيءَ
أنا
إنها تُمطرُ في الخارجِ
لكنْ ليسَ لي.
إنّها تُمطرُ
لكنْ في الأساطيرِ
لِطفلٍ
لم يَزَلْ يَنظرُ من صورتهِ فوقَ الجدار
نحوَ لا شيءَ
ولا يُبقى له الليلُ
سوى عتمتِهِ.
لا تُضئ من أجلِهِ يا برقُ
كي يَهبطَ من صورتِهِ
نحنُ في العتمةِ لسنا نحنُ
نحنُ اثنانِ مفقودانِ:
ظلي
وأنا
فانتظرْ نفسَكَ في العتمةِ
هذا الليلُ يكفى لقتيلٍ واحدٍ
أنا
أو
أنتَ
قَبلَ عينيكِ،
لماذا كانت الوردةُ لا ترمزُ، في الشعرِ، إلى شيْءٍ،
وكان البحرُ لا يبعُدُ عن صورتِهِ إلاّ قليلا؟
ولماذا صارت الوردةُ شيئًا آخرَ الآنَ،
وصارَ البحرُ ينأى مثلَ أبطالِ الأساطيرِ
ويزدادُ غموضًا؟
ربّما كنتُ رماديًّا قليلاً قبلَ عينيكِ
أنا، والبحرُ، والوردةُ، والبُرعمُ، والطائرُ، والعُشُّ
– وحتّى أنتِ –
كنّا، قبلَ عينيكِ، رماديّينَ
حتّى القمَرُ الباردُ في الصحراءِ
لو لم تَرَهُ عيناكِ هاتانِ
لَما صارَ إلهًا بدويًّا عاشقًا
تعبُدُه كلُّ نساءِ الأرضِ.
لكنّكِ، مذ قلتِ لعينيكِ انظرا كي تَرَيا، غِبتِ
تَرينَ البحرَ
لكنْ لا ترينَ الجبَلَ الغارقَ في البحرِ،
وتَمضينَ إلى نفسِكِ
لكنْ دونَ حُلْمٍ
وأنا، والبحرُ، والوردةُ، والبُرعمُ، والطائرُ، والعشُّ
– وحتّى أنت –
موجودونَ في الحُلْمِ الّذي لم ترَهُ عيناكِ
موجودونَ في مستقبَلٍ نجهلُ من أيِّ الحكاياتِ سيأتي
فانظُري في حُلْمِكِ الآنَ هنا
حتّى ترَيْني
وانظُري في حُلُمي
حتّى ترَيْ نفسَكِ أنتِ.
…………….
*شاعر فلسطيني