في انتظار أن يحمل أحدهم وجهي عن الحائط

القمحاوي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أسماء علاء

سأقوم بكل شيء بقلبٍ مثقل. أنت قلت لي إن الحياة لا تنتظر ولا نحن، وكل صورةٍ على الحائط يمكن جدًا أن تحل محلها أخرى في لحظة واحدة حتى لو صُلبت مكانها عُمرًا فوق عُمر. أقف بالشباك، الزجاج يحجب بعض الرؤية لما يحمله من بقايا الشتاء وتراب النهار، الصمت يدق من خلفي، وفي داخلي شيء يتسرب إلى الهواء ثم يعود إليّ من جديد مطرودًا من الدنيا لأنه يخصني وحدي.

أُعيد تدوير الموسيقى، وعيني تلاحق الصورة القديمة خشية أن يأتي أحدهم ليحملها عن الحائط، ويترك مسمارًا صدئاً. تلك الصورة التي تحمل وجهي، وإن نظرتَ إلى وجهي ولو شذرًا ستعرف أنه لا يحمل رغبةً في السقوط. ممزقةٌ بين العرفان للتجربة، لما قدمته الحياة ولم أكن بانتظاره حتى، وبين وجوب الاعتراف بحتمية النهايات، ككل شتاء يتبعه ربيع وكل قمة تقذف بنا إلى طريقٍ طويل نقطعه في الانحدار.

ربما ما يقتلنا هو الانتظار وليس النهايات، انتظار الأشياء كي تحدث، انتظار الأشخاص ليحكموا علينا بالنهاية أو نحكم نحن عليهم. الانتظار جزء من الحياة التي نعيشها ومن الطبيعي أن ننتظر لأسباب تختلف من موقف لآخر، لكن هل تعلم الانسان أن يرضى بما تفرضه الحياة عليه؟

إنه لا يفعل، ولن يفعل حتى عندما يدرك حقيقة الأشياء ويحفر في الأرض ألف مرة ليجد جذورها راسخة لا يمكن خلعها أو التظاهر بأنها غير موجودة وأعتى منه. متمرد أزلي، غبي حتى النهاية، يثور وما ثورته إلا حماقة لأنه يريد أن يمحو السماء ويبدد العالم إلى شذرات ويده تلك ما هي إلا نسيج من الضعف.

لكنني ورغم كل شيء سأقوم بما عليّ فعله اليوم، حتى لو غار الثقل، حتى لو فقدت فرديتي التي أعرف، حتى لو اعتصرني الانتظار في كل لحظة. قراءات الصباح تنتظر، وأسئلة العملاء في البريد الالكتروني، ورسالة الشكر على نصٍ ترجمته لا أهتم به، التجول في الشمس، والعودة من جديد إلى كل الطرق التي أعرفها بعد أن التقطتُ صورة للنهار وللدراجة الملقاة وسط الشجر والقط الذي يبحث عن لقيمة وسط مخلفات البشر في شارعٍ مصري مجهول.

في انتظار الجواب أو التخلي، في انتظار أن يحمل أحدهم وجهي عن الحائط، في انتظار العفو أو التفاهم، في انتظار الشد والإذعان عديمي النهاية بين قطبين لا يتقابلان سوى في الحب، قررتُ أن أجر ساقي لأقوم بكل شيء بقلبٍ مثقل. 

مقالات من نفس القسم