فيروز والحب والشتاء

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

لينــا العطّــار

لا أعلم لماذا ترتبط فيروز بالأيام الباردة بشدة ويحلو لنا سماعها في الشتاء أكثر من الصيف، حسناً نصيب الشتاء وحتى الخريف من أغانيها كان أكبر من نصيب الصيف او الربيع، هذه حقيقة..لكن في صوتها شيء غريب حقاً يجعله يرتبط بالشتاء..

 

هل هو الدفء الذي يمتلئ به ونعتقد أنه يحارب برودة الشتاء، أم هو الحنين الذي يبعثه سماع أغنياتها في النفس كما يفعل الشتاء ويحيي كل الذكريات المدفونة تحت حرارة الصيف اللاهبة!..

برودة الشتاء تجعلنا ندرك كمّ البرد والخلاء الموجود في أعماقنا فنشعر بالحاجة لملئه بشيء ما، فلا تكفي الشمس والملابس السميكة كي تحجب عنا البرودة التي تتخلل خلايانا إلى مالا نهاية..

ليست الحكاية في فصول الطقس التي تمر علينا، بل في الفصول التي نعيشها..في أي فصل نحن الآن؟..ماذا تشعر في داخلك؟..هل ينفك الشتاء عنك..هل يأتيك الربيع ولو لبضعة أيام؟..هل تقضي عمرك وأوراق الذكريات تتساقط تباعاً حتى تعتقد أن لا نهاية لها، وتتساءل في داخلك متى أثمر العشق حتى ذبل وتعب من التعلق بالغصون فقرر التمسك بالريح والطيران معها إلى حيث لا يدري!..لم تستمتع قط بحلاوة ثماره، بالكاد تذوقت بعضها، فلم تشبع بل زادتك حباً لها ورغبة بها.

الشتاء..فصل الحب والكره..فصل اللقاء والفراق..بديت القصة بأول شتي.. تحت الشتي حبوا بعضون..وخلصت القصة بتاني شتي..تحت الشتي تركوا بعضون..حبوا بعضون..تركوا بعضون..بهذه البساطة يحدث الحب؟..بهذه البساطة يمكن أن ترمي جزءاً من عمرك وقلبك وراء ظهرك وتسير كأن شيئاً لم يكن!..لا، ليس الأمر بهذه البساطة، ألا ترى الجميع كأنهم أِشباه أحياء يعيشون بيننا، كلّ منا يحمل في داخله جزءا من غيره…وجزء منه ضائع في مكان ما أو في قلب أحدهم…ولا ينفك هذا القلب يهدأ حتى يجمع تلك الأجزاء الضائعة ويكتمل…أشباه أحياء يقفون على مفترقات الطرق ينتظرون أن يمر من يحمل لهم رسالة أو خبراً عن حب ضائع أو غائب أو حتى حب لم يأتِ بعد..يفتشون الجميع، يبعثرون ذاكرتهم ويتركونهم في حالة من الفوضى والارتباك ويديرون لهم ظهرهم ويكملون الطريق..من الظالم هنا ومن المظلوم..من الجاني ومن المجني عليه!!..لا أحد يعرف حقيقة فكلهم في عالم العشق مجني عليهم..لكنّ اعتذاراً أو عذراً لا يكفي كي يعيد ترتيب تلك الفوضى التي عمت في قلوبهم وانتقلت إلى حياتهم…ليتها ترمم الكلمات كما تكسر..لا تكفي كي ترمم الجراح التي تحدثها في النفوس، قطعة الخزف عندما تنكسر لا يكفيها بعض اللاصق القوي كي تعود كما كانت، عليك بضم القطعتين معاً وجعلهما يتنعانقان بقوة حتى يلتحما من جديد…ربما تلك الضمة هي من تلملم أجزاء القلوب المكسورة معاً، تعيد بعض الدفء المفقود، تمنعه من الهرب بعيداً عنا..ربما كل ما نحتاجه هو مجرد العناق..

هناك فصل لا أعرف له اسماً قد علقتُ فيه، ربما اسمه فصل الخوف..فصل الحكايات غير المكتملة.

ـــــــــــــــــــــــــ
كاتبة سوريّة

مقالات من نفس القسم