فصل من رواية “أيامي هناك”

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 10
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

رضا صالح

خارج مبنى المستوصف توجد صيدلية تابعة للكفيل، فى الدوام المسائى جاءنى المدير ديفيد يطلب منى الذهاب الى الصيدلية؛ بناء على توجيه من صاحب العمل لكى أتعرف على أصناف الأدوية الموجودة بها، رسم على وجهه ابتسامة قائلا: حتى يكون” زيتنا فى دقيقنا “.

بعد انتهاء الدوم ذهبت الى الصيدلية وتعرفت على الدكتور محمد حسين الصيدلي، جلسنا سويا نتبادل أطراف الحديث عن المستوصف والغربة والعمل بالمملكة؛ قلت له :

-أفكر فى العودة الى مصر

-ياه بالسرعة دى

-لا أستطيع. البعد عن البيت والأولاد؛ شيء صعب

-بكره تتعود

قام الدكتور حسين واتجه إلى الداخل وأحضر معه علبتين” كانز” أعطانى واحدة وفتح لنفسه الأخرى، أخبرنى وأنا جالس معه أن صاحب المستوصف قد سافر اليوم إلى الفليبين فى مهمة عمل للتعاقد على جلب بعض العمال والممرضات من هناك، نظر إلى العلبة فى يده وقال متأسفا:

-تعرف أنه لو كان هنا، يتضايق لو شافنا قاعدين هكذا.

تساءلت:

-وأين الخطأ؟

-لا يحب أن يرى أحدا جالسا داخل الصيدلية؛ أو فى الطرقة أو خارج عيادته؛ وكمان نشرب حاجة ساقعة!

سألته:

-لازم مايحبش الساقع!

-لا الساقع ولا السخن! عاوز شغل، كل الوقت شغل! يقول لك بلاش تضييع وقت

-يا سلام!

ظل يحدثنى عن تكاليف العمالة والعمال الشرقيين ذوى الرواتب المنخفضة الذين يقومون بعملهم على خير وجه، ينتشرون فى المملكة انتشارا واسعا فى كل مجال، وأن تكاليفهم قليلة بالنسبة إلى العمالة المصرية،قال لى إن هناك خوفا على العمالة المصرية منهم؛لأنهم انتشروا كالنمل فى المملكة ؛بل وفى دول الخليج كلها، سرحت بذهنى فى هذه السوق العالمية وتولدت داخلى فكرة بغيضة، فأنا – وغيرى أيضا – نعتبر سلعة من منظور آخر.

تطلعت إلى الرفوف وأعطانى الدكتور محمد فكرة سريعة عن بعض الأدوية وعن أسماء أدوية جديدة قد تكون موجودة بمصر بأسماء مختلفة؛ واتفقنا على اللقاء مرات قادمة إن شاء الله.

***

عندما عدت الى السكن وجدت الحنفية تصفر؛لا توجد نقطة مياه ؛ خرجت أنادى على جارى سعيد وسألته عن موضوع المياه؛ نظر لى مشفقا وقال :

انت مش شايل ميه؟

لأ

طيب خد من عندى حتى يجىء الونيت.

الونيت؟

أيوه

الونيت بتاع الميه.

شرح لى الموضوع؛ وعرفت أن بمدخل العمارة غطاء لخزان مياه تحت الأرض؛ يُملأ الخزان كل يومبن أو ثلاثة أو اربعة أيام على الأكثر؛ تصعد المياه الى الشقق بالموتور؛عندما يفرغ الخزان تصفّر الحنفيات.

أعطانى زجاجة مياه؛ وقال إن الدكتورعبد الحميد الطبيب الباطنى يترك البانيو مملوءًا بالماء دائما؛ وأن الدكتور عامر طبيب العيون زوجته لا تستطيع أن تحمم أولادها إلا والبانيو ملىء عن آخره!وكذا يملؤون كل الأوانى الممكن ملأها.

من أين كل تلك المياه؟

عندما يجىء الونيت.

لا يوجد بانيو عندى!

آه..البانيو فى القسم التانى من الشقة؛ يعنى عندنا

عندما وضعت رأسى على السرير تصاعدت كل الأفكار، انهارت الآمال وانهمرت التساؤلات؛ للأسف كان التفكير فى الأولاد يشغلنى تماما، لم أستطع أن أغمص عينى؛ ظللت ساهرا لفترة طويلة حتى اقتراب الفجر؛ بعدها غلبنى النوم والإرهاق.

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون