فصلٌ من رواية “غوايــة الفنــاء” .. لهالة الصيّاد

عواية
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سبتمبر 1975

سري علي مصطفى محمد سليمان الجِن، بيت داود، الإسكندرية.

 متى أضاف داود كل تلك المساحات الشاسعة إلى شقته؟ وأين بالله الحمام! يهرول سري بين جنبات الشقة مزنوقًا لدرجة أنه فكر في قضاء حاجته في ركن المطبخ! ولكنه تحامل واستكمل البحث عن الحمام، وحين وجده أخيرًا دَعس بقدمه الحافية شيء طريّ، لزج وكريه الملمس، ولما ألقى ببصره إليه، رأى قطعة ضخمة من البراز، وإذا به يكتشف أن الممر المفضي إلى المرحاض ملئ بقطع براز متنوعة الحجم والهيئة، وقام من نومه ممتعضًا، مزنوقًا. تطارده تلك الكوابيس كلما داهمه نداء الطبيعة وهو نائم.

وكان البيت خالٍ إلا منه، إذ رفض الذهاب إلى عُرس صغرى شقيقات نعمة، لم تعد به طاقة إلى الخروج من البيت فضلًا عن احتمال إزعاج حفلات الزفاف. وجلس إلى مقعده بالشرفة بعد أن سوى لنفسه كوب الشاي، ملقيًا ببصره إلى صفحة السماء المصبوغة بلون برتقاليّ دافئ بين قمم البنايات، تركته ذيول الشمس الغاربة، وعصافير المغرب تشق صفحة السماء ظلالًا كمثل الموجودات جميعًا، لم تُضأ مصابيح الشارع بعد، والتقطت أذناه صوت خطوات زاحفة بالشارع، فألقى ببصره إلى الطوار المقابل ليرى ظلًا آدميًا يتحرك مضطربًا نحو شق السور الذي سبق ورأى الحاج سليمان يعبر من خلاله، فانتبهت حواسه جميعًا، وحرص ألا يصدر منه صوت يُجفل المتسلل، ولاحظ بين يديه ظلًا صغيرًا يتلوى، وعبر الرجل الشق فغيبه السور عن عيني سري، ومرت دقائق شعر بها عمر حتى خرج الرجل وقد خلت يداه، وما إن حط بقدمه على الرصيف أمام بيت العفاريت، حتى أطلق ساقيه للريح!

وانزعج سري أيما انزعاج، ما جاء بالرجل هنا؟ ولمَ دخل؟ وما الذي تركه في الداخل! آآآه الكنز لم يعد في مأمن، لو ذاع الخبر أن رجالًا يدخلون ثم يخرجون لا يمسهم ضر لصارت الأرض مشاع، ولن يمر وقت طويل إلا ويضع واحد من أولئك الغوغاء يده على كنز الحاج سليمان.

وقد سبق واستدعى داود إلى حضرته بعد أن كشف له الحاج سليمان سره، دفع إليه بالعملة الذهبية المسكوكة عام 1821، تبعًا لما نُقش عليها أسفل صورة الفارس الذي يدوس تنينًا بأعقاب حصانه. فلم يجد منه إلا إنكارًا وخذلانا، ذكره بوقفته القديمة معه عند احتياجه المُلح للنقود من أجل صفقة المتروبول، لقد ضحى بمدخراته لأجله وها هو لا يبالي بكنز جده!  الأسوأ كان ما لمحه في عينيّ داود من شفقة، وكأنه لا يرى فيه إلا رجلًا مسنًا داهمته الشيخوخة. حنق عليه وصرفه عنه، وإذ بداود يرجع إليه اليوم التالي، عارض عليه أن يرفع شكوى إلى الحيّ حول القمامة المتراكمة ببيت العفاريت، علهم ينظفونها ثم يتمكن داود من البحث عن الكنز! ولد غبيّ يريد أن يقدم كنز جد أبيه لعمال الحيّ لقمة سهلة، سائغة، نهره بشدة بعد أن أخذ منه قسمًا ألا يفكر مجرد تفكير في التواصل مع الحيّ، وها هو لا يني يراقب البناية من شرفته لا يكل ولا يمل.

لو خرج ذاك الرجل من الأرض سليمًا لم يمسه سوء، فلما لا يجرب هو أيضًا؟ الفرصة سانحة بخلو البيت، وشعر أن الدماء تجري متسارعة في عروقه، وبتلك الطاقة العجيبة تداهمه، فنهض وسحب عصاه من على الجدار عازمًا على المضيّ قدمًا.

وفي تلك الأثناء داخل القاعة البيضاء مرتفعة السقف صدحت الدفوف مُعلنة قرب ظهور العروسين، فجلجلت أم نعمة بـ زغرودة عريضة ممتدة، تبعتها الزغاريد تمتزج مع قرع الدفوف، وفُتحتا درفتيّ باب القاعة المهولتين، المبطنتين من الداخل بالقطيفة الحمراء،  وتقدمت ابنتها العروس متأبطة ذراع عريسها، تخطو على سجادة عجمية مزركزشة باللون الأحمر، حاملي الدفوف في زيّ موحد من اللون الـأحمر يصطفون في صفين يمر بينهما العروسين على مهل، وتتقدم البنات الصغيرات في فساتينهم البيضاء القصيرة، يحملن بين أيديهن سلالا من الخوص ممتلئة ببتلات ورود بيضاء، فيمطرون  بها العروسين، بينما شقت أم نعمة الصفوف تنثر على العروسين ملحًا.

كان داود قد رحب بسعادة بإقامة عرس صهرته في المتروبول. وقد اتخذ لنفسه مجلسًا بالطاولة الكبيرة التي تتصدر القاعة أمام الكوشة مباشرة، يملأ جسده الضخم كرسيه، أنيقًا داخل حلته الرسمية، وسيمًا وقد تناثرت شعرات بيضاء مختلطة بسواد شعره الكثيف الناعم، مبتسمًا ابتسامته المرحة التي تعكس مزاجًا رائقًا. إلى يساره جلست نعمة وقد عقصت شعرها الأسود الغزير فوق رأسها بمشبكٍ من الألماس كعادتها وفستانها الأرجواني أنيقًا يبرز مفاتنها في غير ابتذال، من يراها لا يصدق أبدًا أن الشاب الجالس على طرف الطاولة، عريض المنكبين، ممتلئ الجسد، وقد نما تحت أنفه شارب شكري سرحان  في فيلم البوسطجي، ما هو إلا ابنها البكري صالح. غابت ابتسامة داود وتعكرت ملامحه حين لمح “محمد حسين” المحاسب يتقدم نحو الطاولة متأبطًا ذراع امرأته، ووقف الجالسون يمدون إليهم أيديهم بالتحية، بينما ظل داود جالسًا وقد تبدلت ابتسامته المرحة إلى أخرى صفراء، قال  للرجل في شيء من الاستهزاء الخفي:

-عاش من شافك يا حسين، فينك؟

فردت امرأته بدلًا عنه قائلة بفخر:

– مشغول دايمًا، جوزي بقى واحد من كبار رجال الأعمال.

قال داود بتهكم مفضوح:

– والنبي؟ لأ أنعم وأكرم..

وتبادل الرجل مع داود نظرات حادة، وقالت نعمة لتكسر التوتر كي لا يُفسد عرس أختها:

– اتفضلوا اتفضلوا، نورتونا..

وتحركت تدعوهم أن يتبعوها إلى الطاولة المخصصة لهم، فمشوا خلفها بعد أن أومأ الرجل برأسه مبتسمًا  لداود ابتسامة صفراء أراد أن يغيظه بها حتى كاد داود أن يبصق من خلفه لولا أن تمالك نفسه!

وأما كرم ومصطفى فقد تمكنا أخيرًا من الزوغان بعيدًا عن قبضة نعمة، فتسللا إلى خارج قاعة الفرح، ثم انطلقا متجولين بين أرجاء المتروبول، كرم طويلًا نحيفًا، يكلل شعره الكثيف رأسه الصغير، ملامحه السمراء وعينيه العميقتين يذكران بصورة أبيه، وإن كان لم يبلغ شيئًا من جسده عرضًا وإمتلاءًا، وأما مصطفى وكان مراهقًا في السادسة عشرة من عمره، فقد استمد معظم جيناته عن عمه تمام، عينين خضراوين يومضان من وجه أسمر كمثل سُمرة أمه، وشعر بنيّ فاتح مائل للصفرة، ولم ينم طويلًا كأخيه وإن كان مثله نحيلًا.

وقفا عند مدخل بار الفندق يتطلعان إلى القاعة الأنيقة، خافتة الإضاءة، بكراسيها الحمراء المتناثرة حول الطاولات الصغيرة، يجلس إليها نزلاء من الأجانب يحتسون كؤوسًا من الشراب العجيب، مختلفًا ألوانه، وقد صكت أنوفهم تلك الرائحة الخاصة بذلك المكان دونًا عن غيره، في الخلفية تصدح موسيقى كلاسيكية خافتة، أحسوا بولوج القاعة كأنهم انتقلوا إلى عالم آخر، وكان عامل البار النوبي يعرفهما، فيبتسم إليهما ابتسامته الودودة الواسعة مرحبًا، وأطلقت ابتسامته الشجاعة في قلب كرم فمضى نحو البار بخطوات واثقة، يتبعه مصطفى، حتى اتخذا مقعديهما أمام الساقي الذي رحب بهما قائلًا:

– يا هلا بالأفندية.

ثم استطرد متسائلًا:

–  مش فرح خالتكم في القاعة؟

قال كرم متخذ ملامح جدية وكأنه رجلٌ ناضج:

– مليش في جو الأفراح.

وضحك منه الساقي ضحكة مرحة قائلًا:

– ماشي يا سي كرم وماله، منورين يا رجالة..

وجاء رجل إلى البار فمضى إليه النادل وسأله عما يطلب ثم أعده له، وكان كرم منتبهًا بجل حواسه لما يقول الرجل، وهو يتقن الإنجليزية، لكنه لا يدري الفرق بين تلك المشروبات الجهنمية، فلما عاد النادل قال له كرم مكررًا ما سمع من الرجل:

–   One shot of tequila please.

وقال مصطفى سريعًا، “وأنا!” فجلجلت ضحكة النوبي ثم قال موجهًا حديثه إلى مصطفى أولًا:

– أنت أجبلك كوباية لبن دافية يا سي مصطفى!

ثم استطرد وهو يتطلع إلى كرم: “وأنت لسه بدري عليك يا سي كرم، عندك كام سنة؟”

–  تمانتاشر.

وكان مصطفى قد أغاظه قول النوبي فقال حانقًا:

–  كذاب!

فلكزه كرم في ذراعه ثم مال عليه هامسًا في أذنه:

– حدوقك يا عبيط، أسكت. ثم توجه إلى النادل: ماشي في التسعتاشر يعني، فأومأ مصطفى يؤكد كذبته، أملًا في أن ينال مما سيناله أخوه جانبًا.

قال النوبي ولايزال محتفظًا بابتسامته:

– وفين بطاقتك بقى؟

ولم ينتظر ردًا لأن امرأة جاءت إلى البار فتركهم إليها، وتلك المرة أيضًا أعمل كرم جل حواسه منصتًا لما تطلبه المرأة، فلما رجع إليهم النوبي سأله كرم:

– إيه الفرق بين التيكيلا والواين؟

– النبيذ يا سيدي بيعملوه من العنب، أما التيكيلا فمن ..

وانقطع كلام الرجل حين اقترب من البار مجموعة من الزبائن فتوجه إليهم وانشغل معهم، بينما كرم يحرك عينيه بفضول بين الزجاجات المُلونة المتراصة على الأرفف خلف البار، يضيق عينيه فيقرأ المكتوب عليها، ويرسل أذنيه منصتًا إلى ما يطلبه الزبائن، وقد أيقن أن النادل لن يسمح له أن يشرب شيئًا فترك مقعده وقام يتبعه مصطفى

خرجوا من البار وقد وضع كرم هدف نُصب عينيه دون أن يُفضي به إلى أخيه، يسأله مصطفى هل يرجعون إلى الفرح؟ فيقول لا ويقول رافعًا أصبعه أمام فمه: ششششششش ويتسللون صاعدين الدُرج على مهل حريصين ألا يلحظهم عامل الاستقبال، وفي الدور الأول يعبرون الكوريدور خافت الإضاءة وصولًا إلى مكتب داود المُظلم، ومرة أخرى يقول كرم: ششششش ويفتح الباب ثم يغلقه من ورائه، هناك بالركن الأيمن على الخوان، تتراص زجاجات الخمر من أنواع عدة بلا رقيب.

أما في بيت داود فقد شد سري العزم وارتدى بذلته ثم نزل الدرج على مهل، عبر الشارع نحو الجهة الأخرى، ثم وقف أمام شق الجدار مترددًا خائفًا. لقد أُضيء مصباح الشارع ورغم ذلك لم ينفذ منها شعاع واحد عبر الجدار، كان يتطلع إلى فراغ حالك الظلمة لا يبين منه شيئًا، لقد سبق ودخل الحاج سليمان فخبأ كنزه وخرج سالمًا، وحتى إن لم ير ذلك رؤى العين فقد رأى منذ نصف ساعة ذاك الرجل يخرج كما دخل لم يمسه سوء! لكن أواثق هو أن الرجل خرج سليما؟ لقد أطلق ساقيه للريح فور أن عبر من الظلمات إلى النور، ترى ألا يكون قد مسه جان! عليه ألا يترك نفسه للخوف يفتت من عزيمته، وأشعل المصباح اليدوي الذي أتى به معه، فوجهه نحو الداخل وإذ به لا يبدد من الظُلمة الكثيفة بالداخل شيء، خيطا هزيلا من النور لا يظهر حوله إلا ذرات الهواء ثم لا شيء، وكأن الداخل لا شيء إلا طبقات عميقة متتالية من ستائر سوداء كثيفة. وجه المصباح إلى الأرض عله يرى موطئ قدميه على الأقل، وسحب نفسًا عميقًا إلى صدره، وهمس بالصمدية، ثم استعان بالله، فدفع بعكازه نحو الداخل أولًا، فإذ به يغوص للأسفل فوجل وتراجع، بدا أن الأرض نفسها بعد السور منخفضة مقدار نصف متر أو ما شابه، بقي جامدًا للحظات، يمرر مصباحه على الأرض أمامه ولا يرى شيئًا، وما المشكلة؟ قال يشجع لنفسه، لن أتراجع لأجل درجتين سٌلم، ومهما يكن من الأمر، بسيطة، واستعان بالله، ومد عكازه ليغوص في الظلمة ثم يثبت مرتعش بفعل رجفة يده، وساندًا عليه دفع بقدمه الأولى ثم الثانية، وإذ بساقيه تغوصان إلى ما قبل ركبتيه بقليل في بحر مرتفع من القمامة والنبت العشوائي وأشياء أخرى لا يدري كنهها، ورائحة كريهة نفاذة تداهم أنفه بقوة، إنها لرائحة الموت بلا ريب! وانتابه دوار هائل، وشعر بجسده يميد، وقرر التراجع وبصعوبة بالغة دار على عقبيه، فإذ بشيئًا يقفز عليه من قلب الظُلمة، ففقد اتزانه وسقط منه المصباح الكهربائي ضائعًا في الظُلمة كنار أطفأها الماء، ثم وقع هو أيضًا مدفونًا داخل بحر العفن، وانتابه فزع هائل، لقد دفن نفسه قبل أن يموت، إنه يختنق، الرائحة الكريهة تحاصره وتملأ حواسه فلا تدع له قدرة على التقاط أنفاسه، ومد كفه إلى الأرض يحاول الدفع بجسده إلى القيام، وإذ بكفه تلمس عجبًا كريهًا لا يجد له في عقله صورة! وشعر بمعدته تتقلص بقسوة، لابد من أن ينهض، واستعاذ وحوقل ولم يكف لسانه عن ترديد المعوذتين، وقفز شيئًا على صدره ففزع وصرخ، وردد صورة الكرسيّ بصوت عال مرتجف، ووجد رأسًا تلتصق برأسه فعرف من ملمسها أنه قط، أزاح القط  بعيدًا عنه وعاد يتلمس بكفه بحثًا عن عصاه، ولسانه لا يكف عن ترديد القرآن، عاد القط يلتصق به ويصعد فوق صدره، وهو يبعده بيد ويبحث عن عصاه بالأخرى، ويبتهل إلى الله بلسانه، إلى أن حطت راحته أخيرًا على عكازه فسحبها إليه واستدعى كل ما بقيّ فيه من قوة لينهض، ومن خلفه قفز القط متسلقًا ساقه، غارزًا مخالبه في قماش سرواله، صرخ متألمًا وكاد يفقد اتزانه مرة أخرى، ولكنه مال بجذعه فأسند كفيه إلى الرصيف عبر شق الجدار، يلتقط أنفاسه بصعوبة بالغة، يكاد صدره أن ينفجر من فرط المجهود، جرى القط على ظهره ثم قفز من فوق رأسه إلى الطوار، واستعان سري بما بقيّ لديه من طاقة، وإن لم يبق منها شيئًا فقد أستمد من رعبه قوة، لابد وأن ينتشل نفسه من هذا الجحيم، نهض وحط بعكازه على الرصيف، رفع قدما ثم أخرى، وحين وجد نفسه أخيرًا في الشارع سقط على الأرض إعيائًا، وضلوع صدره تكاد تتمزق عن فوران الدم يضخه قلبه في سرعة وعنف، ومال على جنبه يشهق من فرط الألم، بقي على وضعه، نائمًا على رصيف الشارع دون أن يمر عليه إنسان دقائق مرت به كالدهر، رأسه الكبير ملقى كبطيخة على الرصيف، ترنو منه عينان لا تريان شيئًا من فرط زوغانهما، وإذ بالقط يقترب منه، يتبادلون النظر للحظات، ثم يقعي أمام عينيه ليتبين تفاصيله للمرة الأولى على ضوء مصباح الشارع، هزيلًا، شديد النحافة حتى لتظهر عظامه من تحت جلده الهش الأجرب، مجروحًا في مواضع عدة، وإلى ذلك، ما عجز سري عن استيعابه أو فهمه، بل وشهق مرتاعًا من هول ما رأى، أن فك القط كان مخيطًا بخيط أسود سميك! 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرواية الثانية لهالة الصيّاد، صادرة عن دار صفصافة 
متاحة على تطبيق أبجد 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون