فراشات بنفسجية وفتاة

noha mahnoud
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

نهى محمود

بالضبط مثل حركة مذراة وسط التبن، شوكة حائرة في يد صغير وسط طبق إسباجتي، عصا تدل فاقد بصر على طريقه، أصابع تعرف بعضها تتشابك في طريق، امرأة تباعد بين ساقيها قليلا ليلتئم بها رجل تعرفه وتحبه. وصوت سقوط قطعة ثلج في كوب ماء، مكعب سكر في كوب ينسون، شمس في بحر.

تلاشي.. ذوبان.. غياب.

ظلام، صمت، عدم.

تتلكأ الشمس التي سقطت، تفكر هل تبقى وتنهي الحكايات الآن!

لكنها تخرج من جديد، شمس من بحر، طفل من رحم، فكرة من عقل، وابتسامة لم أكن أنتويها لكنها انفلتت مني فتركتها تتوهج مثل شمس وطفل وفكرة وابتسامة.

كل الأمنيات التي خطرت على قلبي تجمعت في برطمان زجاج محكم الإغلاق، أعرف حين أنظر خلاله أني حققتها جميعا..

أمتن لذلك من أعماق قلبي، أزيح غطاء البرطمان، ألمس كل ورقة ملونة / كل أمنية اختبرتها

تضيء قليلا فأذكرها وأذكر الطريق نحوها وابتسم.

الأمنيات البرتقالية، وذكرياتها السعيدة. بعض القصاصات البنفسجية / أمنيات قليلة جدا لم تتحقق

بمرور الوقت تتحول كل الأمنيات البرتقالية لفراشات، تكتمل تطرق الغطاء الخشبي من الداخل أزيحه قليلا تغادر الورقة الفراشة.

لم يتبق هناك سوى بعض القصاصات البنفسجية.

فكرت لو نزعت الغطاء لتركتها حرة، وأغريتها بفكرة التحرر والمغادرة.

نجحت خطتي تحولت لفراشات بنفسجية جميلة جدا، لكنها بقت في مكانها، فكرت أنها ربما لا تعرف فكرة الحرية، المغادرة.

صرت أحمل واحدة كل يوم، وأمضي في طريق أحبه.

أخفف قبضتي عنها شيئا فشيء، أشعر بحركتها وتخبطها بين اصابعي وفي لحظة أبسط كفي تماما، تحاول مرة واحدة الطيران وتنجح، أشعر بخفقة في قلبي.

خلال أيام، حررت كل الفراشات البنفسجية.

كنت أمشي وأنا اشعر براحة وسعادة، أمشي بخفة.

حررت كل الفراشات البنفسجية.

كنت أسير وأشعر بوخز وثقل وألم.

كان مهما وجميلا أن أقطع المسافات وأمشي.. أحيانا تمر الفراشات البرتقالية أمامي، أتأملها لحظة ثم تختفي.

أحيانا أخرى وكثيرا جدا تتبعني الفراشات البنفسجية، تمشي معي لمسافات بعيدة.

تتبعني كظل، ومثل مظلة، من ينظر نحوي من بعيد يرى غيمة بنفسحية تتحرك تحتها فتاة بنفسجية

لا يمكن تحديدا أن نعرف أيا منها منح الآخر اللون وأيا منهم هو الظل.

الفتاة أم الفراشات.. شيء يشبه حين تمشي السماء والبحر معا..

تماما مثل مذراة وسط تبن، مشبك شعر خشبي في شعر صغيرة تحبها أمها مثل أمنية برتقالية، شوكة تدور في يد صغير يحاول أن يجمع فيها ما يكفي من المكرونة، رجل تائه في ظلام يهديه قلبه، كف يطبق على آخر فيشعر أنه سكن. امرأة لا تمارس الحب ولا تعرفه. وفتاة لا يمكن أن نعرف بشكل قاطع هل هي بنفسجية أم ترافقها فقط صحبة من فراشات لها اللون نفسه والرغبة ذاتها في التحرر.

 

مقالات من نفس القسم

عبد الرحمن أقريش
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

الحرمان

تراب الحكايات
موقع الكتابة

الجازية