? نسبت إليك تصريحات تعلن تفاؤلك بالفوز بهذا المنصب الرفيع.. على أى أساس تبنى هذا التفاؤل، إذا كنت متفائلاً بالفعل؟
– أخطأ الصحفى فى كتابة التصريح، ولكنى قلت إنى متفائل 50% ومتشائم بالقدر نفسه.
? لنعد قليلاً للوراء.. خلال الحملة الانتخابية، كانت هناك بعض المحطات التى أثارت ضجة، منها حرق الكتب اليهودية الموجودة بالمكتبة المصرية، ثم قدمت اعتذاراً عن ذلك، هل كان ذلك بإيعاز من الرئاسة لتقديم اعتذار؟
– الحقيقة أنه لم يكن تصريحاً بل هو خناق فى الحوار فى إحدى طرقات مجلس الشعب، عندما جرى ورائى أحد نواب الإخوان المسلمين – ونعرف أنهم ضدنا جميعاً وضد الثقافة بشكل عام – وقال لى إن هناك كتباً إسرائيلية تنتقد الإسلام، ونفيت أنا ذلك، وأخذ يصر على رأيه بشكل «سخيف للغاية»، فقلت له «لو وجدت كتباً إسرائيلية تسب الإسلام فأت بها سأحرقها على الفور».
? بعد هذا الموقف نشر أحد كتاب مجلة «فورن بوليسى» الأمريكية مقالا بعنوان «عنصرى سيصبح رئيساً لليونسكو» وتساءل كيف يمكن لرجل يحاول فى بلده إرضاء المعادين للسامية أن يكون رئيساً لأكبر منظمة ثقافية فى العالم.. واضح أن هناك من لا تكفيه التطمينات التى قدمتها على أنك تدعو للتسامح؟
– بالنسبة لى لا يهم.. طبيعتى كانسان وسلوكى لن يحددهما أى شخص، وهل أى شخص يقول أى كلام يصفونه بأنه معاد للسامية، وكيف هذا والعرب ساميون، وأنا شخصياً من مواليد الإسكندرية وكان جيرانى من اليهود، وهذه تهمة سمجة جداً وتافهة، لأنها اتهامات مصنوعة، ومبنية على موقف واحد، ولو كان كلامهم صحيح فلماذا منذ عام 98 وأنا أرمم المعابد اليهودية والكنائس، من كتب هذا الكلام هو العنصرى ولست أنا.
? لكن نفس المقال يستند إلى ما يعتبر أنك على مدى أكثر من 20 عاماً كوزير الثقافة فى دولة كبرى كمصر، لم تقدم ما يقلل الخوف المرضى عند المصريين تجاه اليهود والتطبيع؟
– أولاً التطبيع ليس بقرار وزير، بل هو قرار الشعوب والمبدعين والكتاب وكل من له هم بإعطاء فكر معين فى الدولة، صحيح أننى مسؤول عن المثقفين وخادمهم، لكن هذا لا يعنى أن أنسلخ عنهم وأقيم التطبيع وحدى، قد تجد كل المصريين يتجهون للتطبيع إذا أقيم سلام بين إسرائيل وفلسطين، ولأنها ليست مسألة شكلية ولا فرض للرأى، والسؤال الآن: هل هناك موقف ثابت ومحترم تقام عليه عملية التطبيع؟
? ومع ذلك فإن المثقفين فى مصر يتهمونك باتخاذ الخطوة الأولى عندما وافقت على إعادة نشر وترجمة بعض الروايات لكتاب إسرائيليين؟
– إنهم يقولون هذا لأنهم ليسوا على علم بما يتم فى الثقافة المصرية، فقد قمنا بترجمة 6 كتب عام 2000، أما الكتابان الآخران فقد جاءا فى سياق بحثنا عن أدب محترم كى يترجم.
? لكن التوقيت؟
– ليس هناك توقيت كما يدعى البعض، ففى عام 2000 لم أكن مرشحا لليونسكو، ومنذ عام 1998 وأنا أقوم بترميم المعابد اليهودية فى مصر، ويجب تطرح هذه الإنجازات بشكل صحيح وإقصاء سوء النية عن تناولها، ثم إننى الآن أخوض انتخابات، ليس لأهداف سياسية، ولكن لمنظمة تعتمد أساساً على السلام والتحاور بين الشعوب، فكيف أستطيع أن أفوز بأصوات دول العالم إن لم أكن مؤمناً أساساً بأهمية التحاور بين الشعوب.
? دعوة المايسترو اليهودى دانيال بارمبويم إلى الأوبرا، واعتذارك فى جريدة ليموند على ما وصفته بأنه كان مشاجرة عادية مع أحد نواب الإخوان، وقرار ترجمة الأعمال الإسرائيلية، وجائزة الدولة التقديرية للدكتور سيد القمنى.. أليس من الطبيعى التماس العذر لكل من يربط هذه الأحداث ويضعها تحت عنوان «تنازلات فاروق حسنى للوصول إلى اليونسكو»؟
– أولا أنا لم أعتذر، فقد اعتذرت عن كلمة تفوهت بها لا يجب أن يتفوه بها وزير ثقافة، وهى كلمة شائعة مثل «GO to Hell»، وتقال فى أى ظروف، أما عن دعوة المايسترو اليهودى فهو يحمل عدة جنسيات، وكونه كان يتعامل مع إدوارد سعيد بفكر يهدف إلى السلام فى الآخر،
فيجب علىّ أن أدعوه إلى مصر لأن ما ينشده هذا الرجل هو أهم أهداف اليونسكو، أما بخصوص سيد القمنى فلست أنا من أعطاه جائزة الدولة التقديرية، فالمجلس الأعلى، الذى يضم 52 عضواً، هو من أعطاه الجائزة فى انتخابات سرية بحتة، وقد تلقيت نتيجة التصويت على العلن.
? ألم تحاول التأثير على المجلس؟
– إطلاقا.. فهى تعطى أولا صورة سيئة لرئيس المجلس، ويعتبر تحيزا يجعل هذه الجائزة منقوصة، وأنا لا أحب أن أعطى جائزة منقوصة، لأنها جائزة الدولة ولها قيمتها ووضعها.
? لكن توقيت فوز القمنى بالجائزة، يصب فى مصلحتك للظهور بمظهر الليبرالى المثقف؟
– ليس الظهور، فأنا فعلاً إنسان ليبرالى، وهذه مسألة أخلاقية بحتة، وليس سيد القمنى فقط هو من دخل فى صدامات، فأنا شخصياً دخلت فى صدامات كثيرة من هذا النوع.
? البعض يقول إنه لولا ترشح فاروق حسنى لـ«اليونسكو» لما فاز سيد القمنى بجائزة الدولة التقديرية؟
– من يقول هذا واهم.
? هناك من عارض ترشيحك لـ«اليونسكو» من الكتاب والمثقفين، ونشروا بياناً على الإنترنت يقولون فيه إنك غير كفء لشغل هذا المنصب ويتهمونك بملاحقة المعارضين للرئيس السادات فى الخارج أثناء توليك منصب الملحق الثقافى للسفارة المصرية فى باريس عام 72؟
– ضاحكاً: أنا لم أكن مسؤولاً عن الطلبة فى باريس، بل كان هناك ملحقان ثقافيان مسؤولان عن متابعة الطلاب، وكنت مسؤولاً عن الثقافة، وهذه اتهامات من الطبيعى أن يتهمك بها أعداؤك، أما عن المثقفين الذين أصدروا بياناً ضدى فلن يصل عددهم إلى 30، ونفس الشىء فى المثقفين الذين كتبوا ضدى، ولو نظرت إلى عددهم بالنسبة للمؤيدين فسوف تجد أنها نسبة لا تذكر.
? المثقفون المصريون.. أين يقفون من قضية ترشيحك لليونسكو؟
– يقفون إلى جوارى، لأنى لو نجحت فهذا معناه أن الأغلبية فى صفى، وأنا حصلت على تأييد اتحاد الكتاب المصريين والعرب، والمثقفون هم أصحاب الكلمة فى المجلس الأعلى للثقافة، وهناك من اعتادوا أن يضعوا دائماً عدوا كى يمارسوا عليه الديمقراطية، وأنا راض بأن أكون عدوهم كى يتعلموا الديمقراطية.
? إعلان إسرائيل أنها لا تمانع فى ترشيحك لليونسكو.. البعض يقول إن هناك صفقة بين مصر وإسرائيل لفوز فاروق حسنى بهذا المنصب.. ما رأيك؟
– أولاً قضية فوز أو فشل فاروق حسنى قضية رأى عام، وأنا أعرف ذكاء رئيس الوزراء نتنياهو ورؤيته، فلو فشل المرشح المصرى فهو يعرف أن إسرائيل ستتهم بأنها وراء هذا، وأن هناك «لوبى يهودى» فى كل مكان فى العالم يقوم بالواجب.
? لكن يقال إن الرئيس مبارك فى لقائه بنتنياهو فى شرم الشيخ مايو الماضى ضغط عليه لوقف الحملة ضدك؟
– لم يكن هناك ضغط، رئيس الوزراء الإسرائيلى تجاوب تماماً، وأرسل خطاباً لكل سفاراته بالخارج بإيقاف الحملة ضد المرشح المصرى فوراً.
? هكذا لوجه الله؟
– أكيد.. لأن هناك خوفاً من الرأى العام المصرى، لأنك بذلك تزيل نوعاً من الحساسية الموجودة بين المصريين والإسرائيليين.
? من ضمن المواقف الدولية فى ترشيحك لليونسكو، موقف وزير الخارجية الفرنسى عندما نفى دعم فرنسا لترشيحك.
مقاطعا: لم ينف، بل قال إن فرنسا محايدة تماماً وأنها دولة المقر وليس من حقها أن تبدى رأيها فى المرشح الذى ستؤيده.
? فى حال فوزك بمقعد مدير عام اليونسكو.. كيف ستتعامل مع قضايا حساسة مثل تهويد القدس واستمرار الحفريات تحت المسجد الأقصى؟
– أولاً هناك مجلس تنفيذى مسؤول عن إدارة نقاشات متعمقة، وطبيعى أن يقول العرب والإسرائيليون كلمتهم، وسأقول أنا أيضاً كلمتى، وفى النهاية يسود المنطق.
? لكن الأنظار ستتجه إليك باعتبارك عربياً مصرياً مسلماً؟
– هذا ما يخشون منه، أن يصل هذا الشخص إلى هذا الكرسى.
? ما رؤيتك تجاه هذه القضايا فى عجالة؟
– لابد أن تحصل على كل المعلومات والوثائق قبل أن تتخذ أى خطوة.
? هل ترى أن إسرائيل تقوم الآن بحملة لتهويد القدس؟
– سمعت بذلك.
? إزاله الأسماء العربية من الشوارع؟
– أنا ضد هذا بالطبع مثل أى إنسان.
? فى فرنسا ستواجه وأنت قادم من الشرق بآراء الرئيس الفرنسى ساركوزى المناهض للنقاب، خاصة أن لك رأياً، مؤخراً، عن الحجاب وصفته فيه بأنه خطوة إلى الوراء؟
– النقاب غير الحجاب، أنا ضد النقاب، والحجاب حرية شخصية، لكنى ضد حجاب الأطفال، وهذا موقفى بوضوح شديد.
? إذن ستؤيد ما يقوله ساركوزى؟
– طبعاً، كلنا ضد النقاب، لأن النقاب يعنى انسحاباً من المجتمع، وأوقات كثيرة يخفى جريمة، فأنت أمام شكل لا تعرفه وهو يعرفك ويرصدك، أنا ضد النقاب تماماً.
? كيف ستتعامل مع خصومك داخل اليونسكو.. فهناك كلام نسب لـ«المراقب» العام للمنظمة جون دالى يقول إنك قادم من دولة استبدادية وغير قادر على إدارة منظمة كبيرة مثل اليونسكو؟
– أولاً أنا لم أقرأ هذا الكلام، لكنى أتساءل عن أى مفهوم يتحدث به عندما يتكلم عن مصر ويصفها بالدولة الاستبدادية، ويجب أن يدرك أن مصر تقدمت بشكل واسع فى مجال حرية الرأى وحرية التعبير، وأنا مع حرية الرأى وحرية التعبير، وتشهد إدارتى لوزارة الثقافة على ذلك.
? مادمنا نتحدث عن إدارتك لوزارة الثقافة.. هل ترى أن بقاءك فى منصبك طوال 20 عاماً انتصار لك فى ظل ما خضته من معارك؟
– أنا لم أشعر بالمعارك التى خضتها، ولكنى شعرت بالإنجاز، وأنا لا أحب المناصب ولا أشعر بها.
? أنت من المقربين من الرئيس مبارك.. ما مدى اهتمامه بالثقافة؟ وفى أى شىء يتمثل ذلك؟
– بالطبع هو مهتم بالثقافة، ويتمثل ذلك فى تركه وزير الثقافة فى منصبه لأكثر من 20 عاماً، لأنه أدرك إنجازاته فتركه وأصبح بذلك أقدم وزير فى الحكومة، وهذا هو المثال الذى أستطيع أن أضربه على ذلك، لأننا حولنا مصر إلى دولة ثقافة بالفعل.
? هل أنت متمسك بما أعلنته مؤخراً بأنك ستترك منصبك الوزارى فى حال فشلك فى الفوز بمقعد مدير عام اليونسكو؟
– أنا متمسك به.. لكنى أؤكد أنى سوف أستأذن الرئيس لأنى لا أستطيع أن أخونه، ولو أصر على بقائى فسوف أنصاع لإرادته.